• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

زواج الأقارب.. ارتباط شخصين أم مصالح عائلتين؟

زواج الأقارب.. ارتباط شخصين أم مصالح عائلتين؟
◄كثيرون يخافون التعرف إلى أناس جُدد

الزواج من أسمى وأجل العلاقات بين البشر، وقد أحله الله للحفاظ على البشرية ولتنظيم الحياة في المجتمعات. من أهم القرارات التي يتخذها المرء في حياته هو قرار اختيار الشريك، وهناك مَن يقبل على زواج الأقارب أو يرفضه، وكلّ فريق له أسبابه المنطقية والداعمة لموقفه. كما أنّ معظم الجيل الجديد من الشباب يفضّلون الاستقلال خلال بحثهم عن شريكة الحياة بعيداً عن وصاية الأهل وتفضيلهم لابنة العم أو الخال.

بداية، تحدثنا حمدية عبدالمنعم قائلة: إنّ زواج الأقارب من العادات والسمات المعروفة في صعيد مصر والأرياف، وهذا ما حدث معنا حين فضّل والدي أن يتزوج أخي الطبيب بابنة عمي التي لا تتناسب مع مكانته العلمية، وذلك فقط لمجرد الحفاظ على الأرض وكي لا يذهب مال العائلة إلى شخص غريب. ولم يعبأ أبي بالفوارق الفكرية أو أهمية الارتياح النفسي، والواقع أنّ شقيقي تعب كثيراً في محاولة إقناع أبي وعمي للعدول عن هذه الفكرة ولكن من دون جدوى، وبالفعل تزوج الاثنان واستسلما للأمر الواقع بحكم العادات، والحمد لله فإنّ حياتهما تسير على ما يرام، لكن ليس كما تمنى، وإدراك أنّ الزواج قسمة ونصيب ساعد كثيراً في استمرار أغلب الزيجات. وتكمل عبدالمنعم حديثها معبرة عن فرحتها عندما أبلغها ابنها رغبته في الزواج، وأنّ زوجها تعامل مع الموضوع بشكل مختلف تماماً عن أبيها، حيث تناقش مع الابن بشأن الفتاة التي ينوي الارتباط بها، وانتهى الأمر بتحقيق أمنية ابني.

 

أفضل وأفضل:

مها جعفر تقول: أنا لا أحب زواج الأقارب، ورأيي أنّه مغامرة تشكل خطراً على العلاقات الأسرية؛ فهو إما أن يزيد من تقارب الأسرتين وإما أن يطيح بعلاقاتهما ويدمرها للأبد، ولدي نموذج وهو أنّ إحدى جاراتي تزوجت ابن خالتها ففوجئت بخالتها (حماتها) وأخت زوجها تتحكما بكلّ شيء سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فبدأت تسوء علاقة الزوجين وبالتالي علاقة الأسرتين بعد أن تعالت وتيرة الشكاوى وتبادل الاتهامات بين الخالة الحماة وشقيقتها. هذا النموذج نجده يتكرر كثيراً في حياتنا، ربما يقال إنّ هذه المشكلات تقع حتى في الزواج من خارج العائلة، وهذا كلام صحيح، لكن زواج الأقارب يفسد العلاقات على نطاق واسع.

ويحدثنا المحاسب علاء سمير: أنا متزوج ابنة عمتي، والحمد لله نحيا في حب ومودة، وزاد زواجنا من أواصر الود والاحترام بين الأسرتين، لذلك أفضّل زواج الأقارب، وخصوصاً في ظل ما نراه حولنا من انفلات أخلاقي، فزواج الأقارب أضمن وأكثر أماناً لأنّ كلّ طرف يعرف طباع وأخلاق وأصل الطرف الآخر، وخير دليل على ذلك هو الاحترام المتبادل حيث تجد زوجتي في حماتها الأُم الناصحة، وفي شقيقتي الأخت التي افتقدتها في أسرتها، وأنا دائماً أنصح مَن هم مقدمون على الزواج باختيار شريك الحياة من الأقارب، حيث الملاذ في الشدائد، والاحترام ومراعاة علاقات القرابة عند أية مشكلة.

أما محمّد سليم، فله رأي مخالف تماماً عن سابقه، حيث يرى أنّ الأقارب عقارب، والزواج في هذا الإطار أكثر قابلية للفشل والإخفاق، لأنّه يعتمد على المجاملات أو المصالح المشتركة بين العائلات، وأحياناً الطمع في ثروة أو الارتباط بنفوذ.

 

قواعد التربية:

الباحث أشرف رشدي يقول: إنّ معظم الشباب والشابات يفضلون زواج الأقارب، فالكثير منهم يخافون التعرف إلى أشخاص جدد يختلفون عنهم في العادات وأسلوب الحياة وطبيعة الشخصيات وحتى قواعد التربية، وهذا غير وارد في زواج الأقارب، حيث يكون الطريق مختصراً، فيكون التعامل أسهل وأكثر واقعية من دون تجمل أو زيف، كما يحدث أحياناً في زواج الأباعد.

الدكتورة ميرفت عبدالعظيم، أستاذة النساء والتوليد، تقول: كان هناك اعتقاد سائد بأنّ زواج الأقارب يسبب الكثير من الأمراض والتشوهات للأبناء المنجبين منه، ولكن الدراسات الطبية الحديثة أثبتت أنّ هذا غير صحيح ولا يمكن تعميمه على كلّ حالات زواج الأقارب، بل إنّ نسبة تعرّض الأبناء إلى الأمراض بين زواج الأقارب وغير الأقارب متقاربة، وهذا يعتمد على عوامل وراثية.►

ارسال التعليق

Top