قد يفعل الناس أشياء مجنونة للتخلص من آلام عضلاتهم، التي تحدث عادة بعد ممارسة نشاط جسدي يسبب ضغطاً للأنسجة العضلية، فتتكون تشققات مجهرية في هذه الأنسجة، وتلتهب، مُسبّبة ألماً يبدأ في التصاعُد تدريجياً خلال الـ24 إلى 48 ساعة التي تَلِي التمرين.
· ما الذي يسبب ألم العضلات؟
من الطبيعي أن يحدث التهاب في العضلات بعد القيام بأي نشاط جسدي حاد، أو ممارسة الرياضة، أو حتى القيام بالأعمال المنزلية، لاسيّما إذا:
- قمتم بنشاط لستم معتادين القيام به (مثل خوضكم ماراثوناً).
- رفعتُم فجأةً مستوى التمارين الرياضية التي تمارسونها، أو زدتم مدة التمرين.
- قمتم بتمارين غريبة وخارجة على المألوف، والتي عمدتم عبرها إلى مد بدلاً من شد العضلات (مثل المشي نزولاً، أو تمديد الذراع خلال تمرين العضلة ذات الرأسين).
هذه التغييرات التي تطرأ على الممارسة الروتينية الخاصة بكم، يمكن أن تؤدي إلى إصابات صغيرة في ألياف العضلات والنسيج الضام. فيبدأ، بعد يوم على ذلك، الشعور بالألم.
أساليب علاجية:
في حين أنّ بعض الرياضيين يفضلون الوخز بالإبر، بعضهم الآخر يصرّ على أن لا شيء أكثر فعالية من زجاجة من الماء الساخن. ولكن وسط كلّ هذه النصائح والخرافات، كيف يمكننا تحديد ما الذي من شأنه مساعدتنا فعلاً على التخلص من آلام العضلات؟ ثمة دراسات جديدة تعطينا لمحة عن أفضل الاستراتيجيات، بما فيها تلك المتطرفة مثل حمامات الثلج، التي تدعو إلى غمس الجسم بعد التمارين في حمام من الماء المثلج، وهي طريقة فعالة يفضلها جميع الرياضيين المحترفين. إليكم في ما يلي لمحة عن العلاجات الطبيعية التي يمكنكم أن تلجأوا إليها في المنزل:
حمام الثلج: اعتمدت الدراسة، التي أجريت لتأكيد فعالية هذ العلاج، على نتائج بحوث سابقة، شارك فيها 366 شخصاً مارسوا الرياضة، ثمّ أرسل قسم منهم للخضوع لحمّامات مثلجة، بينما لم يفعل القسم الآخر شيئاً أو طلب منه أن يرتاح. ووجد الباحثون أنّ الأشخاص في المجموعة الأولى تعافوا من أوجاع العضلات بشكل أسرع.
التدليك: أكّدت دراسة حديثة فائدة التدليك للحد من ألم العضلات بعد التمرين. ووجد الباحثون أنّ 10 دقائق فقط من التدليك على الطريقة السويدية، بعد التمرين، كانت كافية لتخفيف الأوجاع.
ويعتقد الباحثون أنّ التدليك يقلل من كمية NF-kB، وهو بروتين مسؤول عن الاستجابة الالتهابية الناجمة عن الرياضة. كما أنّ التدليك يمكن أن يحفز إنتاج بروتين يسمّى PGC-lalpha، الذي يحفز إنتاج ميتوكوندريات جديدة، وهي عضيات صغيرة داخل الخلايا تعتبر أساسية لتوليد الطاقة في العضلات، للتكيُّف مع المجهود المضني الناجم عن ممارسة الرياضة.
تمارين رياضية خفيفة: طريقة واحدة مؤكدة لتحسين الشعور بالتشنُّج، وهي تحريك العضلات وجعل الدم يضخ مرة أخرى فيها. فهذا بدوره يوصل الأكسجين إلى العضلات ويعزز شفاءها.
الوخز بالإبر: وجدت دراسة حديثة أنّ الوخز بالإبر المركز في المناطق التي أصابها الالتهاب بعد ممارسة الرياضة، كان فعّالاً في الحد من الألم. وكجزء من الدراسة، قام 30 مشاركاً بتمارين للعضلة ذات الرأسين، ثم خضع قسم منهم لوخز مركز بالإبر، وقسم آخر لوخز عام بالإبر. أما القسم المتبقي فلم يخضع لأي علاج. وتبيّن أنّ المجموعة التي تلقت الوخز المركز بالإبر مباشرة بعد التمرين، وأيضاً بعد ثلاثة أيام، تضاءل لديها الألم بشكل ملحوظ مقارنة بالمجموعتين المتبقّيتين.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الدراسات السابقة وجدت أنّ الوخز العام بالإبر لم يكن فعّالاً ضد ألم العضلات.
الأدوية المضادة للالتهابات: مسكّن بسيط، مثل الإيبوبروفين أو الأسبرين، يمكن أن يصنع المعجزات للحد من ألم العضلات، ذلك أنّ هذا الألم ينجم أساساً عن الالتهاب. وبما أنّ هذا الدواء يُخفّف من الالتهاب ويُحسّن تدفُّق الدم، فسيساعد العضلات حتماً على الشفاء.
مستحضر زهرة العطاس: هناك نسخة عشبية من مستحضر Bengay، مصنوعة من زهرة العطاس صفراء اللون، وهي فعّالة بقدر الإيبوبروفين في تخفيف الألم، وفقاً لدراسة نشرت في مجلة "أمراض الروماتيزم الدولية". ويمكن تطبيق هذه العشبة على الجلد على شكل جل أو كريم، لتساعد على تخفيف التورم والألم الحاد.
القهوة: قهوتكم الصباحية قد تفعل أكثر من مجرد إيقاضكم وبث الطاقة فيكم، قبل ممارسة تمارينكم الرياضية في الصباح الباكر. فهناك دراسات تظهر أنّ القهوة قبل التمرين تقلل من نسبة الشعور بألم العضلات والتعب بمقدار النصف تقريباً. في حال عدم وجود موانع طبية لاستهلاك الكافيين، يوصي الخبراء باحتساء كوبين من القهوة قبل التمرين، فضلاً عن ذلك أثبتت الدراسات أيضاً فاعلية الكافيين في زيادة القدرة على التحمل.
الكرز: إنّ شرب كوب من عصير الكرز المنعش بعد التمارين الرياضية قد يخفف من ألم العضلات، وذلك وفقاً لدراسة نشرت عام 2010 في "المجلة الإسكندنافية للطب والعلوم في الرياضة". ويعتقد الخبراء أنّ المركبات المضادة للأكسدة الموجودة في الكرز، والتي تُسمّى الانثوسيانين، تعمل على الحد من الالتهابات. حاولوا شرب عصير الكرز الحامض في الأيام التي تنوون التمرين فيها قبل القيام بأي نشاط، وذلك لحماية أنفسكم مسبقاً من الألم والالتهاب.
تجنّبوا الكريمات "الباردة" أو "الساخنة": تغص رفوف الصيدليات والسوبرماركات بالكريمات الموضعية "الرياضية"، التي تهدف إلى تخفيف ألم وتصلب العضلات. للأسف، هي لا تفعل شيئاً سوى التسبب في تفاعل كيميائي، يمنح الجلد شعوراً بالحرارة أو البرودة، من دون أن تؤثر كثيراً في العضلات الموجودة تحته. إذا كنتم تستخدمون هذا النوع من الكريمات الموضعية، أجروا أوّلاً اختباراً على جزء صغير من الجلد للتأكد من أنكم لستم مصابين بحساسية ضدها. وينصح الخبراء بعدم استخدام هذه الكريمات مع لبخات ساخنة، لأنّها يمكن أن تسبب حروقاً خطيرة.
تمارين الليونة: عندما تشعرون بالألم والتيبُّس، آخر شيء تريدون القيام به هو التحرك، ولكن هذا أوّل ما يجب عليكم القيام به. إنما اختاروا التمارين السهلة والبسيطة التي تقتصر على تمديد العضلات وتليينها، وقبل ذلك، قوموا بتمارين للتحمية متمثلة في 20 دقيقة من المشي.
السباحة: أحد أفضل العلاجات لالتهاب العضلات هو السباحة. فالماء البارد يساعد على تخفيف الالتهاب، وحركة العضلات في الماء تساعد على تليينها وتخفيف الألم.
تجنّبوا الحرارة: قد يُشعركم استخدام اللبخات الدافئة أو زجاجات الماء الساخن بالتحسُّس، ولكنها أسوأ شيء يمكن أن تفعلوه لالتهاب العضلات، لأنّه يوسّع الأوعية الدموية ويزيد من تدفُّق الدم إلى المنطقة، ما يؤدي بدوره إلى حدوث المزيد من التورّم. يمكن للحراءة في الواقع أن تزيد من ألم العضلات وتصلّبها، خصوصاً إذا ما طبقت خلال الـ24 ساعة الأولى بعد نشاط بدني مُضنٍ. إنما في حال لم يكن في إمكانكم مقاومة فكرة استخدام الحرارة على تلك العضلات المؤلمة، فلا تفعلوا ذلك لأكثر من 20 دقيقة كلّ ساعة. والأفضل من ذلك، هو اللجوء إلى العلاج النقيض، أي تطبيق لبخة ساخنة لمدة أربع دقائق، يليها وضع كيس من الثلج لمدة دقيقة واحدة، بعد ثلاثة أو أربعة أيام، أي حين تشعرون بأنّ التورم والألم الحاد قد هدآ، يُمكنكم حينها استئناف الحمّامات الساخنة للمساعدة على استرخاء العضلات.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق