• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

فتاة اليوم.. وداعاً ست البيت!

فتاة اليوم.. وداعاً ست البيت!

قيل عنهنّ "نصف المجتمع"، وتم وصفهنّ في الحديث الشريف بأنهنّ "شقائق الرجال"... فهنّ من يربين الأبناء، وهنّ من يضفن القيمة على المجتمعات بالمشاركة في مجالات الحياة المختلفة، لكن في ظل عصر تعددت فيه وتنوّعت وسائل التواصل والإعلام وكثرت المهام اليومية، أصبحت ترد كثير من شكاوى الأُمّهات والأزواج إلى الاستشاريين والمراكز الاجتماعية حول تفريط الفتيات والتقصير في الأعمال المنزلية، أو دورهنّ تجاه أسرهنّ مقابل أمور أخرى أقل أهمية، وانصبت أغلب أحاديث الكبيرات في المجالس العامّة عن الفرق الشاسع بين فتيات اليوم وجيلهنّ المنصرم، يتخلل بعض تلك الأحاديث ذكر الوقائع الفكاهية المثبتة لتلك الفروقات بشيء من الحسرة.

من طرائف البنات

ذهبت فتاة شقراء إلى الطبيب وأذناها محمرتان، ولما سألها الطبيب عما حدث قالت: كنت أكوي قميصاً عندما دق جرس الهاتف، وبدلاً من أن أرفع سماعة الهاتف إلى أذني رفعت المكواة فاحترقت أذني. قال الطبيب: وماذا حدث للأذن الأخرى؟ قالت: الأحمق اتصل مرة أخرى!

أسباب تلك الفروقات مختلفة، منها ما ذكرته (ع. ن)، موظفة في وزارة التربية والتعليم بجدة، قائلة: إنّ الاختلافات تكمن في الأحداث التي وقعت، وبناء على ذلك تبدلت الموارد الثقافية، وترتب عليه تغيير في سلوكيات الأفراد، والمرأة كائن في هذا الجيل يتغير ويتأثر أيضاً. وأضافت نافية مبدأ الأغلبية القائلة بتفضيل "ست البيت" في الماضي على فتاة اليوم: في الماضي كانت المرأة تتحلى بصفات نبيلة كالصبر والحياء، وفتيات اليوم أيضاً يمتلكن مزايا لن نستطيع إنكارها؛ كمواكبة التقدم والحضارة، وحب التوسع في العلاقات الاجتماعية. ثمّ استدركت كأم فاضلة ومعلمة ترغب بأن يكون الجيل الحالي أقرب إلى الكمال في كافة نواحي الحياة: ينقص فتياتنا فقط القليل من التمسك بالقيم والعادات الأصيلة، وذكرت أحد المواقف الطريفة الشائعة بين الفتيات: تهربهنّ من أعمال المطبخ، خاصة فكرة إخفاء بعض الأواني المنزلية المتسخة في الخزائن؛ لعدم الرغبة في غسلها.

 

تحرّش بأسلوب لبق:

لدى هاني الأنصاري (25 عاماً)، موظف في مجال الدعم الفني بالقطاع الخاص، رأي مشابه، لكن من منظور آخر، إذ قال: الاختلافات في أساليب التربية المستخدمة هي التي تبني وتكوِّن شخصية الفرد، وليست من ناحية الأجيال، فلكلِّ جيل أدواته ومستلزماته، والإيجابي هو من يستطيع الموازنة في أي جيل وجد، كما أنّ سلبيات هذا الجيل ليست كثيرة، والإعلام هو من يضخمها.

وأضاف: أرى أنّ الصفة السلبية البارزة في فتيات اليوم هي الجرأة الزائدة لدى الغالبية، إلا من رحم ربي، وكثيرة هي المواقف الطريفة التي حدثت في حضوري، أبرزها تحرش الفتيات بالشباب بأسلوب عصري لبق.

 

عالم منفتح وأدوار كثيرة:

لبحث الفتاة عن ذاتها في مكان آخر دور أيضاً، إذ قالت أم وليد، (28 عاماً)، خريجة إدارة أعمال: إنّ عالمنا اليوم كما يقال عنه قرية صغيرة، فالدنيا الآن أصبحت منفتحة بشكل كبير... ومهمة التربية أصبحت أكثر صعوبة على الإناث، بالإضافة إلى اهتمام الفتاة بالتقنية والموضة والطموح خارج المنزل، وهذا حقها المشروع لكي تساير مجتمعها، أما أمهاتنا والأجيال السابقة فكانت اهتماماتهنّ قليلة لبساطة بيئتهنّ.

وأضافت أم وليد موقفاً يوضح عدم إلمام بعض الفتيات بالأمور الأساسية في المنزل، إذ قالت: كثير من الفتيات يعتمدن على الخدم، ولا يدركن مبادئ رئيسية في الطهي، فذات يوم قررت الذهاب إلى المطبخ والقيام بقلي البطاطس، وما أن سخن الزيت اشتد خوفي من اشتعال المطبخ، فقمت بوضع الماء على النيران واشتعل فعلاً.

 

قلة صبر:

على النقيض من ذلك قالت أمل عبدالله (28 عاماً)، طالبة في الدراسات العليا: فتيات الزمن الماضي كنّ أفضل، اليوم ازدادت حالات الطلاق في الدول العربية؛ بسبب التطور السريع وعدم تفرغ الفتاة لبيتها وأسرتها، كما أنّ قلة الصبر سمة سلبية أساسية في فتيات اليوم، ولعدم تحمل المسؤولية نصيب أيضاً.

وأضافت: القليل من الفتيات اليوم يتناوبن على الأمور المنزلية، ومع ذلك يحصل التذمر، ويظهر التأفف ويشتد الخصام بين الأخوات أحياناً، خاصة في شهر رمضان.

 

تغير ظاهري:

أما فاطمة الزهراء، معلمة حاسوب، فقد أبرزت رأياً مغايراً لكلِّ ما هو موجود عند الأكثرية؛ إذ قالت: لا توجد فروقات جذرية بين الجيلين، الفروق ظاهرية فقط، صرعات الأزياء والموضات المتسارعة للفتيان والفتيات والتلفزيون والإنترنت، هذه الأدوات لم تزد قيمة حقيقية، وجعلت العقول تفكر بشكل سطحي، ما جعل المشاكل في تفاقم، بينما جيل آبائنا وأمهاتنا كان أعمق تفكيراً، وأصوب تصرفاً في كثير من المواقف.

 

اليوم أفضل:

الدكتور محمّد خيري آل مرشد، استشاري أمراض أطفال، وكاتب في عدة جرائد محلية، شارك في هذا التحقيق قائلاً: هناك تغييرات جذرية، فلكلِّ عصر سماته، وكلّ تغيير يحمل إيجابياته وسلبياته معه، وهذا يعتمد بشكل كبير على مقدرة الفرد على تحقيق التوازن الشخصي.

وأثنى على فتيات اليوم قائلاً: أبرز ما يميز هذا الجيل تمتعه بالحرية الكافية، التي تمكنه من القيام بما يريد، واهتمام الفتيات بالتكنولوجيا والأزياء بما يضيف لهنّ من فائدة جمال وهو أمر رائع... وأضاف: ربة البيت اليوم أفضل من ربة البيت في الماضي؛ وذلك لتوفر ظروف ومعطيات أسهل لتقوم بمهنتها الأساسية في أسرع وقت، مما يتيح لها تخصيص باقي الأوقات لإتمام باقي أدوارها، والشابة العربية اليوم قادرة على منافسة فتيات الغرب في كافة المجالات من دون إهمال لأحد جوانب حياتها.

 

الفرق في الاحتياجات المجتمعية:

الدكتور عليّ الزهراني، استشاري الطب النفسي، وأستاذ مشارك بكلية الطب بجامعة الطائف، تحدث عن الموضوع قائلاً: لا شكّ أنّ هناك اختلافات بين فتيات اليوم وشابات أزمنة مضت، وهذه سنة كونية تمر بها المجتمعات المتعاقبة، ولكن ما نريد التأكيد عليه هو أننا لا نستطيع أن نصم أي جيل بالفشل أو الأفضلية مادام فعل الفتاة يتماشى مع السياق الاجتماعي، فما امتازت به فتاة الماضي من غسيل وطهو ومساعدة بالمنزل أو المزرعة قد لا يتناسب مع هذا الجيل، الذي يريدها أن تكون متعلمة أو مثقفة أو شخصية فذة. ويستطرد: فالعائد الاجتماعي لفتاة الأمس موازٍ للعائد من فتيات هذا الزمان، الفرق فقط في الاحتياجات المجتمعية للزمنين، مع العلم أنّ محددات المجتمع اليوم لمسألة النجاح، وإضافة الفائدة أكثر مرونة مقارنة بذلك الزمان؛ نتيجة التوسع التعليمي والانفجار المعلوماتي.

وأطلق الدكتور نداءً خاصاً لجيلنا الآن إذ قال: أرى أن لا يتندر أو يسخر كلّ جيل من الآخر، فلكلِّ جيل رونقه وجماله وإبداعاته وعطاؤه، ربما قد لا تروق للأجيال اللاحقة، ولكنها بطبيعة الحال راقت لأهل زمانها، وامتازوا بها.

 

الأولى عربياً:

فتاة اليوم إذا تزينت فتنت، وإذا ابتسمت سحرت، وإذا طبخت قتلت. هذه إحدى الطرائف التي وردت بقلم كاتب وأديب عربي ساخر، أنيس منصور – رحمه الله – التي قد تغضب الفتيات، إلا أنّ وجود بعض الإحصائيات العربية والعالمية قد تؤكد شيئاً مما قاله، حيث احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى عربياً في عدد عمليات التجميل لعام 2013، وذلك بحسب إحصائية الجمعية الدولية للجراحة التجميلية، وذكرت الجمعية أنّ الإقبال المتزايد كان من قبل شابات ما بين الـ19-30 عاماً.

ونشرت شركة الأبحاث الأميركية E Marketer 10 إحصائيات تتعلق باستخدام الفتيات للإنترنت لعام 2013، أبرزها أنّ 46$ منهنّ يطلعن على أجهزتهنّ الذكية فور الاستيقاظ من النوم، و58% من إجمالي الحسابات الإلكترونية هي ملك للجنس الناعم، وفي اليوم الواحد تتسوق 22% من الفتيات عبر الإنترنت، كما أنّ الفتيات، خاصة المراهقات منهنّ يسيطرن على أكبر نسبة شراء في الأسواق العالمية بمعدل 85%، بالإضافة إلى قضاء كثيرات منهنّ ساعات طويلة على صفحات الشبكات الاجتماعية، قد تصل إلى 10 ساعات يومياً من خلال الأجهزة الذكية أو الكومبيوتر الشخصي.

ارسال التعليق

Top