• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

«زوج المديرة» حول حياتها إلى جحيم

«زوج المديرة» حول حياتها إلى جحيم

مع أنّها كانت مجرد قصة طريفة في فيلم كوميدي، أصبحت صرخة "مراتي مدير عام" تتردد من المحيط إلى الخليج، طبعاً مع بعض التعديلات العصرية مثل "زوجتي وزيرة"، "زوجتي رئيس مجلس إدارة".. قد يصبح نجاح الزوجة أحياناً موقفاً محرجاً لا يستطيع كلّ الأزواج تقبله، وقد لا تعرف كلّ الزوجات كيف يتعاملن بذكاء ولباقة مع أزواجهن في مثل هذه الظروف.. لكن هناك استثناءات بالتأكيد، فبعض أزواج الزوجات الناجحات فعلياً يتقبلون الأمر برحابة صدر، وآخرون يحولون حياة زوجاتهم إلى جحيم.. وحتى لا يكون الطلاق النهاية الحتمية، نحاول تقريب وجهات النظر من خلال هذا الموضوع.

في البداية، يقول أحمد صالح حارس أمن في أحدِ المحال التجارية، لكنه في نفس الوقت زوج مديرة فرع أحد البنوك: الحقيقة إنّ وظيفة زوجتي ونجاحها لم يؤثرا فيّ ولم ينعكسا على حياتنا الأسرية إلا بشكل إيجابي من حيث التربية الجيدة للأبناء وتعميق الاحترام والتفاهم بيننا، خصوصاً أنني حارس أمن، إلا أنها كانت أيضاً تقف بجانبي ولم أشعر في يوم من الأيام أنها تتعالى عليّ أو تحاول ممارسة "الريسة" أو الزعامة أو القيادة في شؤون البيت والأسرة، وكلّ شيء كنا نناقشه بموضوعية وحرّية دون تسلط أو فرض رأي، لذلك أعتقد أنّ حياتنا الزوجية تستحق أنْ يطلق عليها "حياة سعيدة مستقرة" بكلِّ ما تحمله الكلمة من معان.

ويضيف: زوجتي دائماً تشعرني بأنّ لي دوراً عظيماً في نجاحها ولا تخطو خطوة إلا بعد استشارتي، وبذلك فإنني لا أشعر مطلقاً بأيِّ نوع من أنواع التنافس.

- لا للحياة في ظل زوجتي:

ويفضل محمد إسماعيل (37 عاماً)، موظف، المرأة الأقل اجتماعياً ومهنياً، لأنّ المرأة القوية اجتماعياً والتي لها شخصيتها في مجتمعها يكون وقتها ملك الناس وليس ملك زوجها أو أولادها أو بيتها، وبالتالي سيؤثر مركزها الاجتماعي المرموق بالسلب على وضعها كزوجة وكأم.

- قيادة المرأة لزوجها تمتد إلى الأبناء:

أما حامد.م، الذي أصرّ على استقالة زوجته بعد أن صدر قرار بترقيتها قبله في مقر عملهما ما جعلها تذعن لرغبته وتتفرغ لرعاية الأبناء والبيت، فيقول: التحقت زوجتي بالعمل في الشركة التي عملت بها قبلي بنحو ستة أشهر ما جعلها تسبقني في الترقي ولم أكن أمانع، حتى كان قرار ترقيتها الأخير الذي كان يؤهلها لرئاستي وهو ما لم تتحمله طبيعتي الريفية، فطلبت منها الاختيار بين العمل وزواجنا والأبناء، ويضيف: لم يكن تصرفي نابعاً من الغيرة، كما قد يظن البعض، بل من عدم رغبتي في أن يقول الأبناء إنّ والدتهم أفضل من أبيهم في العمل أو أنْ يشعروا أنها صاحبة اليد الطولية في الإنفاق على المنزل لأنّ راتبها أعلى من راتبي.

- الغيرة أحالت الزوجة للتقاعد:

بينما راح فهد عبدالعزيز، الذي تخرج في كلية الشريعة ويعمل سائق سيارة أجرة، يؤكد أنّ الظروف قد ساعدت زوجته أكثر منه. فقد تم تعيينها مديرة لإحدى المدارس الحكومية، ويضيف: انشغلت زوجتي بالحياة العامة بشكل كبير جداً أنساها واجباتها الزوجية، وشعرت بأنني والبيت أصبحنا على هامش اهتماماتها مما أوصلنا إلى طريق مسدود، وأقسم أنّ هذا الانفصال لم يكن لغيرة أو حقد بسبب ما نالته من نجاح، لكن لأنها أهملت حياتها الزوجية بشكل لم أعد أستطيع الاستمرار معها، فأنا أيضاً لي حقوق وأريد مَن تقف بجانبي، وليس مَن تريد مني أنْ أقف أنا بجانبها، لأنّ شخصيتي لا تقبل هذا الوضع.

سألنا المديرات عن أحوال أزواجهن؟ وهل يتقبلون نجاحهنّ أم يغارون خوفاً من لقب "زوج الست"؟

تقول هدى ربيع، مديرة مدارس خاصة، أنّ الزوجة الذكية هي مَن تستطيع امتصاص تلك الغيرة، فهناك نساء تضعهنّ ظروف عملهنّ تحت دائرة الضوء، ويكون الزوج ناجحاً هو الآخر لكنه بعيد عن الأضواء.. وتضيف: يجب أنْ نعرف أنّ الرجل الشرقي مازال يحمل بين جنباته رغبة التفوق والسيطرة داخل البيت وخارجه، فإذا ما اصطدم في الخارج بتفوق زوجته وجدناه في أشد حالات الغيرة والإحساس بالخذان لأنه تعوّد الحياة وفقاً للعادات والتقاليد الاجتماعية التي حكمت حياتنا عوضاً عن الدين، ونسي قول الحقّ عزّ وجل: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) (النساء/32)، ولكلِّ منهما رزقه في النجاح أو التفوق وفقاً لاجتهاده، ومن حقّ زوجي عليّ أنْ أعترف بفضله ووجوده والحفاظ على مشاعره كرجل شرقي، طالما أنه يمارس نفس السلوكيات تجاهي.

- زوجي يشجعني في عملي:

وترى رئيسة قسم الولادة د. فاطمة أنّ المرأة مهما حققت من نجاح وشهرة فعليها ألا تنسى دورها كزوجة وأم وربة بيت في المقام الأول، وأنّ مسألة شهرة الزوجة بالفعل تؤثر سلباً على العلاقة الزوجية في مجتمعاتنا العربية والشرقية بصفة عامة، والتي يرتبط فيها مفهوم القوامة والزعامة والتفوق بالرجولة والذكورة باعتبار الرجل قائد البيت، وبالتالي فإنّ شهرة الزوجة لا تثير غيرة الزوج فحسب، بل هي تجاوز ذلك مرحلة إثارة غضبه مما يجعله يحاول جاهداً الوصول إلى نفس المستوى أو أنْ يضع عراقيل كثيرة أمامها، مثل تحميلها أعباء المنزل والأولاد كاملة ومطالبتها بالجلوس في البيت، مستشهداً بالآية الكريمة (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) (الأحزاب/33)، ويأخذ في إلقاء الأوامر مثل عدم السفر، عدم التأخر خارج المنزل، ومطالبة الزوجة بالالتزام بقيم وتقاليد المجتمع. وتضيف: لذلك يجب أنْ يدرك كلّ فرد من الأسرة أنْ تقدم وتفوق أحدهم يصب في صالح الجميع، فالمفروض أنْ أساعد زوجي ويساعدني، لأنّ الدخول في المنافسة بين الزوجين يؤدي إلى فشل هذه العائلة.

- الرجل لا يتحمل أن يكون تابعاً لزوجته:

يرى الدكتور سليمان العقيل، رئيس قسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود، أنّ الرجل لا يتحمل أن يكون تابعاً لزوجته، أو أنْ يحيا في ظل شهرتها حتى لو كان ناجحاً في عمله. وعلى المستوى الشخصي، أعرف الكثير من السيدات اللاتي فشلن في حياتهنّ الأسرية بسبب شهرتهنّ أو نجاحهنّ، الأمر الذي لم يتحمله أزواجهنّ. كما أعرف زوجات شهيرات يرفضن الحديث في المنزل عن تفاصيل أعمالهنّ تجنباً لشعور الزوج بالضيق والغيرة.. وهذه الأمور تتوقف على شخصية الزوج، فإن كان واثقاً في نفسه ويحب زوجته ويرغب في تقدمها ونجاحها فلن يعقد المقارنة بينه وبينها، وإن كان الوضع الطبيعي الذي يجب أنْ يفهمه كلا الزوجين أنّ نجاح طرف لا يمكن إلا بمشاركة ومساعدة الآخر. فهو شريك أساسي له وسبب رئيس لهذا النجاح، فالزوج هو الذي يريح زوجته ويعينها في شؤون بيتها، وكذلك الحال بالنسبة إلى الزوجة التي يجب أنْ تشعر زوجها بدوره وأهميته في حياتها سواء العملية أو المنزلية.

 

ارسال التعليق

Top