حددي هدفك.. جددي نفسك ووسطك المعيشي.. واستعيني بالدعاء
["صاحبة الهمة" لها هدف سامٍ في الحياة، وذات أثر كبير في مجتمعها، وشعارها "خير الناس أنفعهم للناس" كما أنها تسعى للخيرية، لذا فهي متحركة، نشطة، متفائلة، تمتلك طاقة تفوق البراكين].
هذا ما أكّده الشيخ نجيب العامر والأستاذ بجامعة الكويت، في محاضرة له بعنوان: "كيف تكونين من أصحاب الهمم العالية؟"، مؤكداً أنّ علو همة المسلمة من الإيمان، وأنها تسير في حركتها بالحياة نحو هدف واضح تستفرغ طاقتها لتحقيقه في أقصر مدة ممكنة.
ويوضح أنّ الإنسان يلزمه تنمية ذاته بشكل مستمر على محاور أربعة هي: النماء الإيماني، والثقافي، والاجتماعي، والحركي.
ويقول: إنّ خط طول عمر المسلم يتوازى مع خط حسن عمله، كما يقول المصطفى (ص): "خيركم من طال عمره وحسن عمله"، وذلك يعني أن يكون المسلم موصول العلاقة مع ربه، وبهذا يكون في نماء إيماني دائم، وهو في ذلك يقوم الليل، ويذكر الله في كل وقت، شعاره في ذلك قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام/ 162)، وهذه هي الاستفادة الحقيقية من منحدر العمر التي يستثمرها الفطن، ويخسرها الغافل.
أما النماء الثقافي – والكلام للشيخ نجيب – فإنّه ركيزة أساسية وبرغم انصراف معظم الناس عن الكتاب إلى الفضائيات إلا أنّ الكتاب والقراءة سيظلان المصدر الرئيس للثقافة.
والتثقيف الشرعي مطلوب، يقول رسولنا (ص): "من يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين"، فالعالم أشد على الشيطان من العابد الجاهل، ومن ثم فكلما ثقفت المسلمة نفسها ثقافة شرعية صحّت عبادتها، وصفت نفسها، وخشعت لربها.
تآلف.. وحركة:
وحول أهمية النماء الاجتماعي للمسلمة يقول: الإسلام دين انفتاح وتآلف وتعارف يقول الله تعالى: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) (الحجرات/ 13)، ويقول النبي (ص): "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم".
نريد المسلمة التي تتحرك بإيمانها، ولا تتخلى عن دورها فهي مبلغة عن رسول الله (ص) الذي يقول: "بلغوا عنِّي ولو آية"، وهي في ذلك تستجيب لقوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت/ 33)، وذلك كله لا ينفصل عما يجب أن تكون عليه شخصيتها من إيجابية، وفاعلية، وحركة، ونشاط.. فلا نريدها خاملة منزوية متقوقعة في ركن بيتها بدعوى القرار في البيت، فذلك حق لكن لا ينبغي أن يُراد به باطل.. فاحرصي على تنمية نفسك يومياً، وأسبوعياً على تلك المحاور.
وعن العوامل التي تسهم بشكل رئيس في علو همة المسلمة يقول: الإنسان يحتاج إلى أن يعيش في وسط يعينه على تحقيق أهدافه وهذا أول العوامل المعينة على علو الهمة، وهو أن تعيشي في وسط يعينك على ذلك. وكما جاء في الحديث: "ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة".
ويتساءل: لماذا خيَّر الرسول (ص) زوجاته عندما أردن النفقة؟ لا شك لأنّه (ص) يريد وسطاً يعينه على تحقيق هدفه لإبلاغ الرسالة، وهذا يبيِّن لنا أهمية" الوسط المعيشي" في تحقيق الهدف.
تغيير.. وعطاء:
عن ثاني عوامل علو الهمة يشير إلى أهمية إيجاد القابلية لتغيير النفس: فلكي تعلو همتك لابدّ من أن تغيري نفسك ونظرتك للحياة، وطريقة تفكيرك، فجميل أن تحتفي المسلمة بأن يكون بيتها منسقاً.. جميلاً وملابسها أنيقة مهندمة، ولكن ذلك لا يلهيها عن الاهتمام بما هو أعلى وأسمى، ولا يشغلها عن ربها المنعم عليها بالنعم، وتقتدي بقول نبيها (ص): "إنّ الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفاسفها".
وتعتبر القدرة المتواصلة على العطاء – والكلام للشيخ العامر – ثالث عوامل علو الهمة، فالطريق مفروشة بالأشواك والعوائق وبمقدار التحدي، والمقاومة، والنفس الطويل، يكون علو الهمة.
والدعاء كذلك من أهم عوامل علو الهمة... يقول الشيخ نجيب: "الدعاء سلاح المؤمنة، به تخاطب ربها عزّ وجلّ، ولها في أم "البخاري" - رضي الله عنه – المثل والقدوة، إذ فقدت زوجها إسماعيل البخاري، وترك لها ابناً كفيفاً هو محمد، فأخذت تدعو ربها ليالي طوالاً حتى أنار الله بصره وبصيرته، وأصبح "البخاري" الذي كان يحفظ ستمائة ألف حديث، وعمره ستة عشر عاماً، وهكذا عرفت هذه المرأة المسلمة قيمة الدعاء فكانت سبباً في بزوغ نجم عالم جليل.
ويستطرد الشيخ: وتأتي المعرفة الحقيقية بالوقت واستثماره من عوامل علو الهمة، فتقليل الوقت المهدر من سمات أصحاب الهمم العالية، ومما يعين على ذلك الامتثال لقول النبيّ (ص): "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" فإنّ انشغال الناس بما لا يعنيهم يضيع أوقاتهم، ويهدر طاقاتهم، ويقلل إنجازاتهم.
المصدر: مجلة المجتمع/ العدد 1386 لسنة 2000م
ارسال التعليق