صور أخرى من صور خيانة الزوج التي تتجرعها الزوجة من رجل لا يلتزم بالأمانة والخلق، يتنقل في علاقاته وممارساته الرذيلة من إمرأة إلى أخرى بدون رادع، وينفق الأموال في بناء أبواب ومصاعد خارجية في منازل بعض النساء؛ ليتخذ منها سبيلاً لإرضاء نزواته وإشباع رغباته دون رقيب أو حسيب.
في هذا الموضوع نُلقي الضوء على بعض القصص الواقعية لسيدات تعرضن للخيانة من قِبَل أزواجهنّ وسط تأكيد الشريعة الإسلامية على تحريم الخيانة، وتجريم المجتمع فإلى التفاصيل:
ضعف المرأة أمام زوجها تمثله "شريفة" التي تصف معاناتها بقولها: "يرفض زوجي أن أخرج مع صديقاتي القريبات لي بالسن بحجة أنهنّ سوف يحسدنني ويغرن مني؛ نتيجة إختلاف المستوى الإجتماعي، وأرغمني على أن أجد لي صديقات كبيرات في السن، وكان يحاول أن يقنعني بأنّ هذا لمصلحتي؛ فقد انتقلنا للعيش في منطقة جديدة لا أعرف فيها أحداً؛ فالكبيرات بالسن سوف يطلعنني على إيجابيات وسلبيات المنطقة التي نسكن فيها. إضافة إلى أنّ الناس سوف يعجبون بي؛ ولثقتي فيه أصغيت إليه بالرغم من إعتراض أبنائي وبناتي إلى أن استوقفتني ابنة جارتي في أحد الأيام عندما قدمت لزيارة والدتها، وقالت لي: "لماذا تخرجين مع والدتي وتجارينها في الخروج والسهرات مع أنّها كبيرة في السن، ووالدي متوفي فليس لها زوج ينتظرها مثلك اهتمي بزوجك ومنزلكِ، وقد لاحظت نفوركِ مني بالرغم من تقارب السن الذي بيننا؟"، فأخبرتها بأنّ لي تجارب فاشلة مع صديقات قريبات لي بالسن، وكنّ يغرن مني ويحسدنني، فأجابتني بأنّ الناس ليسوا جميعاً سواسية، وأنّ عليّ أن أحسن الإختيار. ودار حديث طويل بيننا شعرت بالراحة معها، وعزمت أن أكشف الحقيقة. وفي يوم قررت البقاء لأراقب الأمور عن كثب إلى أن رجع زوجي من شركته الخاصة وتوجه إلى مكتبه، وسمعته يتفق حول بناء شيء ما، ثمّ أجرى مكالمة أخرى واكتشفت أنّه يكلم إمرأة، وعرفت أنّه سوف يبني مصعداً خلفياً؛ لكي يتمكن من زيارتها كيفما يشاء وبدون أن يراه أحد في منزلها، فأظهرت له نفسي أثناء المكالمة فارتبك وأنهى حديثه على عجل، فسألته: من تخاطب؟ فأخبرني بأنّه توجد مشكلة في العمل، وإن شاء الله سوف تنتهي قريباً. عندها أدركت كم كنت مغفلة فقد استغل حبي وثقتي ليخونني مع أخرى. وعزمت على مواجهته، وفي مرّة وجدته يتكلم بالهاتف ويشير لي بأن أصمت ريثما ينتهي من مكالمته، وبعد إنتهائه قال لي: "هذه إمرأة لا أعرفها تزعج المنزل بكثرة الإتصالات، فجاريتها بالحديث حتى أعرف من تكون لأتمكن من صدها وتهديدها؛ فأنا أخشى على بناتي وأبنائي من إتصالاتها، ولابدّ أن نلقنها درساً ونعرف من أرسلها إلينا، فقد يكون لديك أعداء ويحاولون التفريق بيننا..."، فقاطعته بقولي: "يكفي كذباً"، وطالبته بالطلاق لكنه رفض وقال لي: "أيهما أفضل؟ أسافر وأتزوج عليكِ، أم أظل بقربكِ وأعمل ما يحلو لي".
- حرمته من رؤية وليده:
إلا أنّ حنان لم تلقَ مصيراً أفضل من شريفة والتي قالت: "لم أستطع أن أعيش بلا كرامة فقد عشت في منزل والدي معززة مكرمة، وعندما تزوجت ألغى زوجي شخصيتي فلا أستطيع أن أجادله في أتفه الأمور وجيمع أوامره مستجابة، وقد اكتشفت أنّه يخونني عدة مرات، وفي كل مرة يقسم لي بأنّه لن يكررها، وما إن تمر فترة بسيطة حتى يعود إلى هذا الطريق نفسه، وفي إحدى المرات ذهب بي إلى المستشفى للمراجعة عندما كنت حاملاً، وقال لي إنّه سوف يذهب للعمل؛ كي لا يغضب رئيسه ريثما أنتهي من مراجعة الطبيبة، وعندما انتهيت طلبته بالجوال لأجده مغلقاً، وعندما طال الأمر رجعت إلى المنزل مشياً على الأقدام بالرغم من بعد المسافة وحرارة الشمس، وعندما وصلت وجدت سيارة زوجي في المنزل، فاندهشت من الأمر واحترت وانتابتني الشكوك فدخلت أفتش في أرجاء المنزل إلى أن عثرت عليه في الغرفة الخارجية بالمنزل، برفقة جارتي فصرخت من روع ما رأيت فقد استغل طيبتي، وخدعني بفتح باب خلفي للحارس الذي يحرس الفيلا؛ حتى لا يكشف أهل بيته على حسب ادعاءاته، ولكنه كان يستخدمه لأمور غير أخلاقية". وأضافت حنان بقولها: "تركت زوجي غير آسفة، وهربت إلى منزل أهلي بالدمام".
- لا يملك المال لعلاج أو تعليم ابنه:
تؤكد سميرة أنّ الخيانة ليست حكراً في طبقة دون سواها مستشهدة بقصتها حيث قالت: "زوجي بخيل جدّاً كل شيء لديه مكلف وثمنه باهظ، حتى أنّه لم يوافق على أن يدخل أبنائي الخمسة الروضة، مما جعلني أبذل جهوداً جبارة؛ لتعليمهم قبل دخولهم المدرسة بحجة أنّه يخشى عليهم من أن يتعلموا سلوكيات غير أخلاقية من الأطفال بالروضة، كما يرفض أن يقوم بترميم المنزل في حين يبني غرفاً وأبواباً جانبية في منازل بعض السيدات ممن وقعن معه في المحظور إستجابة لنزواته الرخيصة، ولم يخامره الشعور بالخجل من أن يحرم أطفاله من التعليم من أجل شهواته".
وتعترف سميرة بأنّها السبب في تمادي زوجها بخداعها بقولها: "حبي لزوجي جعلني مسلوبة الإرادة وخوفي عليه من المرض جعلني أخضع لرغباته، حيث كان يعاني من حصى بالكلى، وفي كل مرة يحاول أن يجبرني على أن أجد له إمرأة يتزوجها مسياراً بدعوى أنّه يخشى عليَّ من أن ينقل لي المرض، وكان يهددني بأنّه سوف يتزوج إن لم أوافق على ذلك، ولأنّه كان عندي أعداء كثر خشيت على مظهري الإجتماعي بينهم فرضخت لمطالبه، واكتشفت أنّه يقوم ببناء أبواب أو مصاعد (والمقصود بها درج خلفي مبني على ظهر المنزل أو جانبي ويكون طريقاً لدخوله)، هذا غير تلك الأموال الطائلة والهدايا التي ينفقها عليهنّ، وكلما أحاول ثنيه يعاند أكثر، لقد ندمت كثيراً على هذا التصرف الأحمق، فلم يكن يجدر بي أن أفعل ما فعلت فقد كنت أعتقد أنني عندما أضحي وأقدم تنازلات سوف يحبني أكثر، ولكن الحقيقة أنني جعلته يقارن بيني وبين تلك النسوة إلى أن هجرني، وانتقدت سميرة بعض وسائل الإعلام التي تلقي وابلاً من الإتهامات على المرأة متجاهلة فداحة خيانة الرجل، ولعل سبب ذلك أنّ النظرة الإجتماعية قد تكون السبب؛ فالرجال يشجعون بعضهم على الخيانة، ولكن عندما ترتكب المرأة نفسها المحظور نجد هجوماً عليها بلا رحمة، مع أنّ الخطأ خطأ سواء اقترفه الرجل أم اقترفته المرأة".
* الرأي الشرعي:
يقول الشيخ عبدالله الغامدي: "الخيانة الزوجية محرمة في الشريعة الإسلامية باعتبارها من الموبقات السبع، والحكم فيها عند إدانة مرتكبها وإقراره بجريرته الرجم حتى الموت. أمّا عندما لا تكتمل أركان الخيانة بالأدلة المادية فإنّ الحكم في هذه الحالة التعزيز وفق ما يراه القاضي في القضية، والخيانة تشمل كل علاقة غير مشروعة تنشأ بين الزوج وإمرأة أخرى غير زوجته، أو العكس، وتعد علاقة محرمة سواء بلغت حد الزنا أو لم تبلغ".
فيما اعتبر الشيخ صالح محمد البراهيم أنّ قيام بعض الأزواج ببناء مصاعد أو أبواب أو غرف خارجية أو جانبية حالات فردية ونادرة جدّاً، وشدد على ضرورة عدم تضخيم هذا النوع من القضايا باعتبارها تؤثر على المجتمع، وشدد البراهيم على أهمية التوعية والتثقيف لكلا الزوجين بضرورة حل مشاكلهما من خلال مراكز تقديم الإستشارات الأسرية والزوجية. لافتاً النظر إلى الجهود التي يبذلها ذوو الاختصاص والخبرة في حل المشاكل الزوجية، وقال: "إنّ الرجال في السنوات الأخيرة بادروا لحل مشاكلهم الزوجية في مثل هذه المراكز، وهذا إن دل على شيء فإنّه يؤكد على مستوى وعي ورقي ثقافة المجتمع.
* الرأي الإجتماعي:
حذرت أمل الدوخي إختصاصية إجتماعية بهيئة حقوق الإنسان من تصاعد حدة الخلافات الأُسرية ومن تبعات الخيانة الزوجية، وأرجعت أسباب الخيانة الزوجية إلى عدة عوامل أبرزها إختلاف المستوى الثقافي والعمري بين الزوجين، إضافة إلى الوازع الديني والتربية الإجتماعية، أو نتيجة إهمال الزوجة وإنشغالها عن الزوج، وفي كثير من الأحيان نجد أهم الأسباب المؤدية للخيانة الزوجية ضعف الوازع الديني. مؤكدة بقولها: "نجد أنّ المرأة تقوم بدورها مع زوجها ومنزلها على أكمل وجه إلا أنّ زوجها يخونها نتيجة ضعف الوازع الديني، وأيضاً لوجود خلل في التنشئة الأسرية نتيجة إهمال أو إنشغال الوالدين عن تربية الأبناء على الأخلاق الحميدة".
وحذرت الزوجات اللاتي يتعرضن للخيانة من قِبَل أزواجهنّ من الإنصياع والرضوخ لهم والقبول بالخيانة، والتستر عليها تحت أي ضغوط قد يمارسها الرجل سواء باستخدام العنف الجسدي، أو اللفظي، أو النفسي، وقد يلجأ أيضاً إلى الحرمان من الإنفاق المادي أو الإنتقام منها وتهديها بأبنائها، فأقول لها: واجهيه بحكمة وهدوء؛ كي تُعالج القضية، ومن الطبيعي أن يرفض الزوج تمرد زوجته على خيانته وقد يتهور أو تتهور بطلب الطلاق، ولذلك عليها أن تكون حذرة، وكلما قاومت بصلابة وتأنٍّ ضعف قدرة زوجها على الخيانة. وحول آثار الخيانة على الزوجة والأطفال أجابت الدوخي: "أختصر آثار الخيانة وإنعكاساتها السلبية على الزوجة بكلمة واحدة، هي "الشك"، حيث تصاب الزوجة بمرض الشك والغيرة على زوجها، وهذا كفيل بإصابة الزوجة بأزمة عصبية ونفسية، وبالنسبة لتأثيرها على الأطفال ترجع إلى عوامل السن والبيئة، وأعتقد أنهم سيكونون عرضة للإصابة بالقلق والتوتر والرهاب الإجتماعي، والذي قد يستمر إلى الكبر، واضطرابات في النوم وتراجع مستواهم الدراسي".
* رأي القانون:
أفاد المحامي فيصل العتيبي مدير مركز وفاق للخدمات الإجتماعية أنّ مثل هذا النوع من الخيانة (بناء أبواب أو مصاعد أو حتى غرف خارجية) لممارسة الحرام يمر كثير منها على المركز كمشكلة تهدد أركان الحياة الزوجية، ولكن على مستوى قضية ترفع للمحاكم فلا، بل كانت من ضمن أحد الأسباب التي اجتمعت مع أسباب أخرى لطلب الخلع، حيث يسدل عليها الستار أمام القضاء.
وأضاف العتيبي: الجانب المظلم في المشكلة هو وجود نوع من بعض الرجال يعطي "الحب مقابل العلاقة الجسدية". أمّا المرأة فتعطي "تلك العلاقة مقابل، الحب"، وذلك يرجع لعوامل سيكولوجية، وكلاهما إن حاولا فهم المعادلة فسوف تنجح العلاقة وتصل لبر الأمان.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق