إذا كان لعائلتك تاريخ طبي مع أمراض القلب، فإن من حقك أن تقلقي على صحة قلب طفلك من الآن، وخاصة إذا كان من تعرض للإصابة بأمراض القلب في عائلتكم من الأقرباء الذكور، من الدرجة الأولى عمره أقل من 55 سنة، أو قريبة أنثى من الدرجة الأولى، سبق أن أصيبت بأزمة قلبية أو ذبحة صدرية.
ومهما تكن سن طفلك الآن، فاعلمي أنّه لم يفت الأوان بعدُ لكي تغرسي فيه عادات غذائية جيدة ونمط عيش صحياً، وتوفري له الإرشاد والنصيحة، لكي يميز بين العادات الصحية والأخرى غير الصحية، بل إنّ ذلك يمكن أن يبدأ من عمر أربع سنوات فما فوق. ومتى ترسّخ نمط العيش الصحي، وخاصة العادات الغذائية الصحية لدى طفلك، فاعلمي أنّه من الصعب أن يتخلى عنها لاحقاً أو ينساها.
ابدئي بنفسك:
جميل أن تكوني واعية بأهمية تاريخ عائلتك الطبي مع أمراض القلب. لكن ولأنّه لا يمكنك أن تغيري شيئاً في تاريخ عائلتك، بما أنّه عامل لا يمكن التحكم فيه، فإنك ستكونين في حاجة إلى التركيز على العوامل الخطر التي يمكنك التحكم فيها. ولمعلوماتك، فإنّ 80 في المئة من أمراض القلب يمكن تجنبها، من خلال تجنب عوامل الخطر القابلة للتغيير، مثل ارتفاع ضغط الدم والتدخين وارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم ومرض السكري. وكلّ عوامل الخطر هذه ترتفع إذا كان نظامنا الصحي يحتوي على نسبة عالية من الملح والدهون والأغذية المصنعة والمعلبة، وعندما نكون خاملين لا نقوم بأي نشاط رياضي، يومي أو إذا كنّا من المدخنين.
وقبل أن نتحدث عن أطفالك، علينا أن نراجع أوّلاً عاداتك الصحية ونمط حياتك أنت أوّلاً. إذ إنّ من شأن عاداتك الغذائية أن تؤثر تأثيراً كبيراً في أطفالك، فانتبهي أمام أطفالك. إذا كنتِ مثلاً من المدخنين، فعليك قبل أن تفكري في وقاية أطفالك أمراض القلب، أن تتخذي قرار الإقلاع عن التدخين، أو التقليل منه إلى أقصى حد. فقد بينت دراسات عديدة أنّ أبناء المدخنين والمدخنات معرضون لأن يدخنوا مرتين أكثر من أبناء الأشخاص غير المدخنين.
أهمية الرياضة للأطفال:
ومع ارتفاع نسب السمنة بين الأطفال، فمن المهم أن تشجعي أطفالك على ممارسة نشاط بدني في البيت، خاصة إذا كانوا لا يمارسون ما يكفي من الرياضة في المدرسة. وتشير دراسة علمية كندية إلى أنّ الأطفال يشاهدون التلفزيون هناك على الأقل لمدة 7 ساعات و48 دقيقة في اليوم، وهذا رقم مرتفع جدّاً. لهذا ليس من المفاجئ أنّ الدراسة نفسها تشير إلى أنّ 7 في المئة فقط من الأطفال الكنديين يحصلون على 60 دقيقة يومياً من اللعب والنشاط البدني. لذلك، من الأفضل إغلاق التلفزيون ومنع الطفل من الانشغال بالألعاب الإلكترونية، لأنّهما يشجعان على الخمول ويرسخان لدى الطفل عادات سلبية، مثل الكسل وقلة الحركة اللذين يمكن أن يلازماه إلى الأبد، إن لم يتخلص منها وهو طفل.
من جهة أخرى، يمكن للتمارين الرياضية أن تقلل من الضغط العصبي وتُحسّن من جودة النوم لدى أطفالك، ما سيؤثر إيجابياً في أدائهم في المدرسة وفي حالتهم البدنية أيضاً. لهذا، اعملي على أن تقترحي على أطفالك أنواعاً جديدة من الرياضات والأنشطة البدنية، التي يمكن أن تعجبهم حتى يستمتعوا ويستفيدوا في آن واحد. وليكن ذلك بوتيرة ساعة في اليوم تقريباً، خمس مرات على الأقل في الأسبوع، ويمكن لهذه الساعة أن توزّع إلى ثلاث حصص خلال اليوم.
التغذية السليمة:
بالإضافة إلى الرياضة، ادفعي أطفالك إلى حُسن اختيار الطعام الذي يتناولونه، حتى يستفيدوا من تغذية سليمة ومفيدة لصحة قلوبهم. وتقوم التغذية المتوازنة على أمرين مهمين، أوّلهما المحافظة على مستوى مناسب من السعرات الحرارية اليومية في جسم الطفل لا يعلو ولا ينخفض. فالإفراط في تناول السعرات الحرارية يمكن أن يسبب زيادة في الوزن. والعنصر الثاني هو التقليل من الدهون، حيث ينصح الخبراء الأطفال بالتقليل من الدهون، حيث ينصح الخبراء الأطفال بالتقليل من الكمية التي يتناولونها، وخاصة الدهون المشبعة. أما من جهتك، فلكي تؤمّني لطفلك، مهما تكن سنه، تغذية سليمة تبعده عن أمراض القلب، فعليك الالتزام ببعض القواعد، ومنها الحرص على توفير الكمية التي يحتاج إليها جسمه من العناصر الغذائية الأساسية (نحو 150 غراماً من البروتينات يومياً، يفضل السمك واللحوم البيضاء على اللحوم الحمراء، ثلاثة أكواب من الحليب قليل الدسم، وكوبان فقط للأطفال أقل من سن 8 سنوات، أو ما يعادلهما من مشتقات الحليب، ما يعادل 350 غراماً من الفواكه، 500 غرام من الخضار، نحو 180 غراماً من الحبوب الكاملة في شكل خبز أو "كورن فليكس" أو معكرونة..).
ولعل أكبر تحدٍّ يواجه الأُمّهات هو ولع الأطفال بالوجبات السريعة وأكل المطاعم. ينبغي تجنب تلك الوجبات الغنية بالدهون والسكريات والمواد الحافظة. وإذا اضطر طفلك إلى الأكل خارج البيت فاختاري له الوجبات الصحية، مثل الدجاج المشوي بدلاً من الهامبرغر واللحوم الحمراء والهوت دوغ، وراقبي الكميات التي يتناولها من هذه الوجبات السريعة. واحرصي على أن يكون النصيب الأكبر من تغذية طفلك من الخضار والفواكه، ومن الحبوب الكاملة، ثمّ تأتي البروتينات ومشتقات الحليب قليلة الدسم.
تجنبي أن يشرب طفلك مشروبات غنية بالسكريات، مثل العصائر والمشروبات الغازية، وقدمي له بدلاً من ذلك الماء أو الحليب قليل الدسم. واحرصي على ألا يشرب طفلك أكثر من 160 غراماً من العصير وأن يكون عصيراً طبيعياً 100 في المئة. اعلمي أنّ مجموع الدهون التي يتناولها الطفل يومياً لا يجب أن تشكل أكثر من 30 إلى 35 في المئة من مجموع ما يتناوله، واختاري له الدهون المفيدة أي غير المشبعة ومصادر الأوميغا- 3 مثل الأسماك والزيتون. قدمي لطفلكِ الحبوب الكاملة، مثلاً المعكرونة السمراء، الأرز الأسمر، الكورن فليكس الكامل، ولا تجبريه على إتمام طبقه، بل دعيه يأكل حتى يشعر بالشبع. وإذا كان طفلك رضيعاً، فأرضعيه رضاعة طبيعية لأطول فترة ممكنة، سنة كاملة على الأقل، واستمري في ذلك حتى بعد إدخال الأغذية الصلبة في تغذيته.
وأخيراً، بما أنّ أمراض القلب شائعة في تاريخ عائلتك، فعليك أن تتحدثي إلى طفلك، وتوفري له المعلومات الكافية التي تجعله واعياً وحريصاً، حتى إذا بلغ العشرينات أو الثلاثينات من العمر، أمكنه أن يزور الطبيب لكي يفحص مستوى الكوليسترول في دمه، ويتحكم في نسبة ضغط الدم لديه.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق