د. كارين يليا (معالجة ومستشارة نفسية للأزواج)
◄قد يحلم الزوجان بمستقبلهما معاً ويخططان ويفكران ويضعان نصب أعينهما هدفاً – حلماً لتحقيقه معاً، وقد يكون لكلّ منهما حلمه الخاص وقد يكون بعيداً كلّ البعد عن حلم شريكه وتطلعاته. وقد تختلف أحلام الحياة من أحلام معنوية قد تكون مرتبطة بمركز ما أو فكرة ما أو سفر أو غيره وقد تكون مادّية مرتبطة ربما بتطوير مشاريع أو ربما بزيادة ثروة أو حتى كيفية إنفاق هذه الثروة.
قد يتوصل الشريكان معاً أو كلّ بمفرده لتحقيق أحلامهما، ولكن من الطبيعي أيضاً ألا تتحقق أحلام الحياة لأسباب مختلفة تتغير بحسب ظروف كلّ زوجين، كما يمكن أن يحقق أحدهما أهدافه وأحلامه فيما يتعثر الآخر. وفي مختلف الأحوال كيف يؤثر ذلك في مسار العلاقة إذا سلمنا بأنّ العلاقة صحّية ولا تشوبها شوائب. هل يزعزعها أم يزيدها ارتباطاً، هل يخلق منافسة قد تتحول انتقاماً من قبل الطرف الذي لم يحقق شيئاً فيرفض أن يكون الحلقة الأضعف، أم أنّ هذا الشريك ممكن إما أن يستسلم أو أن يبقى هادئاً مفتخر بالشريك الآخر الذي تمكن من تحقيق إنجاز ويشجعه عليه. وفي حالات معينة قد يصل إلى تبني أحلام شريكه لإدراكه بإمكانية تحقيق هذه الأحلام من دون أن نغفل عن أنّ الشعف الذي أدى بالشريك الأوّل إلى النجاح قد لا يتوافر عند الشريك الثاني وبالتالي حتى تبني الحلم قد لا يؤدي النتائج المرجوة في بعض الحالات. كلّ ما تقدم يمكن أن يحدث، ولكن كلّ ذلك مرتبط بالاستعداد النفسي للفرد وبظروف حياته ومستوى تفكيره وتعاطيه مع الأمور اليومية الحالية والمستقبلية والأهم مع ماضيه. فالطاقة الإيجابية أو السلبية التي يمتلكها الفرد هي مرتبطة بكلّ تصرفاته وتحركاته. فمن يمتلكون طاقة سلبية قد لا يمنعون أنفسهم من الحلم ولكنهم لا يسعون إلى تنفيذه إذا تعثروا أو إذا شعروا بصعوبة في ذلك أو إذا واجهوا عقبات معينة فنجدهم بعيدين عن المبادرات على عكس الأفراد الذين يتمتعون بطاقة إيجابية فهم ينطلقون دائماً لتحقيق أهدافهم وإذا فشل أسلوبهم قد يبحثون عن أساليب أخرى ومتعددة وإذا واجهوا عقبات يسعون إلى تخطيها بإيجابية وربما التعلم منها من دون يأس أو تراجع وصولاً إلى تحقيق أحلامهم أو أهدافهم من خلال المبادرات المستمرة والخلّاقة.
وبما أنّنا نتناول علاقة شراكة أي زواج وكما ذكرنا سابقاً أنّ هناك أحلاماً فردية ومشتركة، فمن الضروري مناقشة هذه الأحلام وكيفية العمل لتطبيقها وإقناع الشريك بها، كي لا تصبح فيما بعد سبباً للخلاف أو لتعثر العلاقة فمثلاً إذا كان حلم أحد الطرفين الانتقال من بلد إلى آخر عليه قبل السعي إلى تحقيق هدفه أن يتأكد من أنّ شريكه يوافقه الرأي وإلّا قد يصلان ربما إلى الانفصال إذا تعنت كلّ بموقفه.
تجدر الإشارة إلى أنّه في الكثير من الحالات من ضمن الثنائيات قد يكون أحد الشريكين لا يملك حلماً فالحلم مرتبط بالطموح والتقدم في مسيرة الفرد وهنا تبرز صعوبة أخرى، إلى جانب عدم الاتفاق أو الموافقة على الأحلام الفردية والمشتركة، غياب الحلم يعني أنّ شخصية هذا الشريك هي شخصية غير آبهة بتحقيق طموح أو تغيير مجرى حياة أو حتى عيش مغامرة وبالتالي ستحصل خلافات من نوع آخر متعلقة بقبول حلم الآخر أو رفضه نهائياً.
عزيزي القارئ ثمة فارق بسيط بين الحلم والمشاريع المستقبلية وهذا الفارق يكمن في أنّ المشاريع المستقبلية هي نتيجة طبيعية لمسيرة حياة معاشة أما الحلم فهو تخطيط لأمور نتمنى أن نحصل عليها أو نصل إليها يوماً ما، لذلك من الواجب أن يحلم الشريكان أو أقله أن يدعما أحلام بعضهما بأنّه إذا كان أحد الشريكين غير آبه لحلم الآخر يستطيع ومن حيث لا يدري أن يفشل أحلامه، وبالتالي من الضروري أن يفكر الطرفان بصوت مرتفع وأن يحضر الشريك شريكه الآخر ويطلعه على أفكاره وتطلعاته كي لا يفاجأ ربما بما هو يفوق قدرته على المواجهة.
في حال وجود أولاد يجب على الأهل أن يعلموهم أن يحلموا لأنّ الحلم محفز للنجاح ويمكن وصفه بمشروع الحياة الذي يساعدنا على التفكير والتخطيط والتصميم لنحققه، من هنا كي أعلم أولادي كيف يحلمون عليَّ أنا أولاً أن أحلم أمامه وأحقق أحلامي بالطرق السليمة فأكون المثال أمامه، مع الانتباه إلى أنّني حتى لو لم أصل إلى تحقيق حلمي فإني قادر على إعطائه درساً بالمثابرة وعدم الاستسلام.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق