◄ثمة طرقٌ عديدةٌ للتخلّص من أنواعٍ مختلفةٍ من الخوف ولكن علينا أن نكون صادقين ومثابرين في مقاربتنا هذه.
· إعرف الأمور الّتي تخيفك:
نحن نخاف دائماً من المجهول، فجهلنا لأمرٍ ما يجعلنا نتخيّل الأمور وبالتالي لا تنفكّ مخيّلتنا عن تعظيم الأحداث وترسم أمامنا صوراً مخيفةً ممّا يجعلنا نشعر بالسوء. فمخيّلتنا تبالغ وتشوّه صورة الخطر الحقيقيّ إلى أقصى الحدود. لذا أهمّ وأعظم خطوةٍ في سبيل حملتنا ضدّ الخوف تقضي بأن نجمع كافّة المعلومات عن مخاوفنا الحقيقيّة. فالسبب الّذي يجعل من المخاوف صعبةً في التغلّب عليها هو أننا نبقيها غامضةً ومظلمة. وكما أنّ كلّ الأشياء تتخّذ أشكالاً مخيفةً في الظلمة، كذلك الأمر بالنسبة إلى المخاوف. ابسط مخاوفك أمام عينيك، ومن ثمّ اجلبها نحو النور وعندها ستراها على حقيقتها وستختفي من حياتك تماماً كما يتوارى الضباب تحت أشعّة الشمس. فالخوف أشبه بشبحٍ خياليّ يثير الرعب في نفسك في الظلام ولكن ما إن تراه في النور حتّى تجد أن لا سبب حقيقياً وراء هذا الخوف.
أغلب الأمور الّتي نخشاها لا تحصل أبداً وإن حصلت فهي ليست بالسوء الّذي نتوقعه وهذا لأنّ خيالنا هو وحده الّذي يخلق كلّ المتاعب.
· قم بالأمور الّتي تخيفك:
فرصتك في تخطّي الخوف ضئيلةٌ للغاية ما لم تكن مستعدّاً لتعريض نفسك للشيء الّذي يخيفك. فمن قام برحلةٍ على متن الطائرة مئات المرّات لن يخاف مثل الّذي يقوم بالرحلة للمرة الأولى، وكذلك الأمر بالنسبة إلى من ألقى العديد من الخطابات فهو يستمتع بما يخشاه المبتدئ. المبدأ هو ذاته بغضّ النظر عن نوع خوفك، أكان من تسلّق الجبال أم من مواجهة ربّ عملك، عليك المخاطرة والمبادرة إلى القيام بما تخشاه حتّى النهاية، كما عليك متابعة القيام بذلك حتّى يختفي الخوف تماماً. فأسباب الخوف لن تدعك بسلامٍ حتّى تتخطّاه نهائيّاً. أضف إلى ذلك أن من الطبيعي أن يزداد خوفك من شيء ما لم تواجهه. ولكن إن كنت شجاعاً وإن وقفت بغير مبالاة أمام الخوف فسيحدث العكس إذ إنه سيبتعد عنك.
ثمة أشخاص يتوانون عن القيام بأمرٍ ما فقط لأنّهم يخشون عدم القيام بالأمر على أكمل وجه فهم يظنّون أن عليهم الإبراع في كلّ شيء وفي كلّ مرّةٍ وإلاّ فسيعتبرهم الباقون من دون قيمة. نرجو الانتباه إلى أنّه شبه مستحيلٍ القيام بأمرٍ ما على أكمل وجه منذ المحاولة الأولى. أو ليس صحيحاً أنّ العديد والعديد من الأمور الّتي أصبحنا نبرع فيها الآن قد قمنا بتنفيذها على نحوٍ سيّئٍ من المرّة الأولى ومن ثمّ تحسنّا تدريجيّاً مع استمرارناً في القيام بها؟
في كلّ الأمور المهمّة تقريباً هنالك مخاطرة في الفشل أو في التعرّض للرفض ولكن هذا هو السعر الّذي علينا دفعه جميعاً في سبيل حصد المكافآت الأعظم والّتي تنتظرنا جميعاً. فالمخاطرة تعني أنّك ستنجح في بعض الأحيان، ولكن غيابها يعني أنّك لن تنجح أبداً ومن ثمّ فالحياة محفوفةٌ بالمخاطر والتحديّات وإن أردت الهروب منها كلّها، سيسبقك الجميع في سباق الحياة وستبقى وحدك قابعاً في الإحباط والأسى. من لا يخاطر في حياته لن يتعلّم في حياته. فإن لم تخاطر وتقود السيّارة، لن تتعلّم القيادة أبداً وإن لم تخاطر وتقوم بمقابلة عملٍ لن تحصل على عملٍ أبداً.
مهما كنت سيّئاً في أمرٍ ما، بادر إلى القيام بما يخيفك. هل تخاف الوقوف على المسرح؟ إذاً اصعد إلى هناك وابذل قصارى جهدك مهما كنت سيّئاً في ذلك. هل تخشى التكلّم علناً؟ إذاً لا تدع أي فرصةٍ تنسلّ من بين يديك وبادر إلى التكلّم أمام مجموعاتٍ صغيرةٍ ومن ثمّ انتقل إلى تلك الأكبر منها واطرح الأسئلة على المحاظر في خلال المحاضرات ولا تبالِ إن كنت بارعاً في ذلك أم لا. هل تشعر بالغرابة خلال الحفلات واللقاءات الاجتماعيّة؟ إذاً عوضاً عن أن تتخوّف من الأمر اذهب إلى العديد والعديد من الحفلات وابدأ بالأحاديث الصغيرة ومن ثمّ انخرط بين الحشود وغضّ طرفك عن إجادتك للأمر أم لا وسرعان ما ستشعر بالارتياح في الاختلاط مع الناس حتّى إنّ الأمر سيروق لك. ولكن إن امتنعت عن القيام بالأمر فستجذب المزيد من الخوف إلى حياتك.
نهايةً، الرجاء تذكّر أنّ تلافي المواقف المخيفة ليس هو الحلّ في التخلّص من طغيان المخاوف، إذ إنّ ذلك سوف يؤدّي إلى المزيد من عدم الارتياح والأمر سيكون أسوأ من مواجهة الخوف الحقيقيّ. فالشعور بعدم الارتياح وأنت في صدد التخلّص من الخوف سيزول بعد فترة بينما ذلك المرتبط بالخوف سيبقى في حياتك إلى الأبد.
· لا تربط نفسك بالخطر:
أحد أسباب تغلّب المخاوف علينا هو لأنّنا نعمد عادةً إلى ربط أنفسنا مع الخوف وبذلك نتّحد معه.
عليك التعامل مع المخاوف على أنّها غريبةٌ عنك وليست جزءاً منك وعلى أنّها ليست مرتبطةً بك إلاّ لفترةٍ مؤقّتة. تماماً كالمُشاهد، راقب مخاوفك عن بعد. انظر كيف تقترب منك ومن ثمّ تبتعد. عندها ستصبح أكبر من هذه المخاوف ولن تتأثّر بها لأنّك نقلت نفسك على متن طائرة الوعي بعيداً عن المخاوف فمن هناك تسهل مراقبة المخاطر والتحكّم فيها.
كما ذُكِر سابقاً، يظهر الخوف حين نتوقّع إمكانيّة حصول خسارةٍ أو ألمٍ ما ومن المهمّ معرفة أنّه حين تصبح هذه الإمكانيّة حقيقةً يتحوّل الخوف إلى إحباط أو غضبٍ أو حتّى ارتياح. كما أنّ الخوف لا يعيش إلاّ ضمن حدود التوقّع ولا يمكنه التواجد ضمن التجربة ذاتها إذ إنّه يختفي ما إن يأخذ الحدث مجراه. فتوقّع الأذى في خلال اختبارك لشعور الخوف هو نتيجة تجربةٍ سابقة. ولكن الخوف يظهر أحياناً بسبب غريزة حماية النفس القابعة في العقل الباطنيّ. لذا يمكنك ملاحظة أنّ الخوف متعلّقٌ بالماضي والمستقبل ولا يمتّ إلى الحاضر بصلة. هذه الناحية من الخوف المتعلّقة بالوقت تشكّل لنا المفتاح وبميله إلى التوقع والتوجّه نحو المستقبل وإن استطعنا تمرينه للبقاء مركّزاً في الوقت الحاضر، نستطيع التحكّم بالخوف والتخلّص منه. هنالك العديد من تمارين التأمّل البسيطة على غرار تقنيّة التركيز على التنفّس الّتي تساعدنا على البقاء في الحاضر عوضاً عن التجوّل نحو المستقبل والماضي.
في الواقع ستدرك مع ازدياد وعيك أنّ الخوف مختلفٌ عن موضوع الخوف. فمن الممكن توقّع الخطر واتّخاذ خطواتٍ لحماية نفسك من دون اختبار الخوف بحدّ ذاته إذ إنّك قد تشعر بالخوف إمّا قبل مرور الحادث المخيف وإما بعده، إنما ليس خلال حدوثه لأنّك تكون منهمكاً في مواجهة الخطر وليس أمامك متّسعٌ من الوقت للتفكير أو التخيّل اللذين يولّدان الخوف.
· اختبر علاقتك الوثيقة بالآخرين:
نحن جميعاً جزء من خلق الله وكلّنا على صلة وثيقة بالآخرين وبالله. هذا الإدراك يسمح بالتخلّص من الشعور الخاطئ بالانفصال الّذي يخلق الوحدة والخوف وانعدام الأمان. كما أنه يوجد شعوراً بالانفتاح والتنوّر والشجاعة والراحة. ما إن تتقلّص المسافة بيننا وبين الآخرين وما إن يزول شعورنا بالانفصال حتّى نبدأ بالعمل من أجل المصلحة العامّة أي "لنا كلّنا" وليس فقط "لي أنا". فهنالك الآن شعورٌ بالتناغم مع الآخرين والّذي كان غائباً حين كانت هويّتنا محدودة وأصبحنا ندرك أنّ الانعزال الّذي شعرنا به من قبل لم يكن حقيقيّاً بل كان مجرّد وهمٍ وفكرٍ خاطئٍ مرتكز على جهلنا لهويّتنا الحقيقيّة.
مع هذه الهويّة غير المحدودة، نبدأ بالتصرّف انطلاقاً من شعورٍ بالرضا وتواصلٍ مع الآخرين. ونبدأ برؤية أنفسنا على علاقةٍ وثيقةٍ بالكلّ للعمل من أجل مصلحة الكلّ وكأنّنا خليّة واحدة داخل جسد الإنسانيّة. في هذه الحال ستبدو فكرة العمل والعيش فقط لأنفسنا سخيفة.
· لا تفكّر في الأمور المخيفة باستمرار:
من المستحيل أن نخاف من أمرٍ ما ما لم نكن نفكّر فيه باستمرار. إن كانت أفكارك تدور حول أمورٍ سعيدةٍ عوضاً عن مخاوفك، فلا يمكن لأيّ شيءٍ إزعاجك مهما كان خوفك. افترض مثلاً أنّك تفكّر في وجبةٍ لذيذةٍ أو في مباراة كرة قدم عوضاً عن قضيّتك في المحكمة، بالطبع لن تشعر بالسوء لأّنّ أفكارك في مكانٍ آخر. فالمشاعر تحتاج دائماً إلى أساس من التفكير كي تتواجد. والأمر يشبه إبعاد ناظريك عن مشهدٍ مزعجٍ حتّى لا تستطيع رؤيته. أنت لا تستطيع النظر إلى أكثر من جهة واحدة في الوقت عينه وكذلك الأمر بالنسبة إلى أفكارك. إذاً إن كان التفكير في أمرٍ ما مزعج، فكّر في أمرٍ آخر.
ولكن ذلك ليس الحلّ النهائيّ للتخلّص من المخاوف لأنّك بذلك تتفادى المشكلة ولا تتخطّاها.ولكن أن تبعد تفكيرك عن الحالة الّتي أنت فيها أفضل من الاستمرار في التفكير في المشكلة.
هنالك العديد من المخاطر تفوق تلك الّتي تخشاها لذا كن عقلانيّاً تجاه مخاوفك.
مع أنّك سبق وأن بدأت بتخيّل المخاطر وأصبحت تخشى على الدوام تحوّلها إلى حقيقة إلاّ أنّه هناك العديد من المخاطر الحقيقيّة الأخرى الّتي تحيط بك يوميّاً والّتي تتجاهلها. فعليك مثلاً التخوّف من سقوط طائرة على منزلك أو من توجّه مذنّب نحو الأرض أو من إلقاء أحد الدول قنابل ذريّة أو من زلزالٍ ما أو من انهيار المنزل أو من التعرّض للتسمّم في مطعمٍ ما أو من التعرّض لذبحةٍ قلبيّةٍ خلال النوم إلخ...
في الواقع، من المحتمل أن تحدث لنا أمورٌ سيّئةٌ بشكلٍ يوميّ. إلاّ أنّنا نستيقظ كلّ يومٍ دون التفكير في الأمور المؤلمة الّتي يمكن أن نتعرّض لها فلا أنا ولا أنت نستطيع التخلّص من كل مخاطر الحياة.
ولكن هل يعني ذلك أن نركّز كلّ لحظةٍ على المخاطر الّتي يمكن أن نتعرّض لها؟ ألا نثق بقدرتنا على تخطّي كلّ المخاطر؟ ألا نؤمن بالله، حاكم الأرض المطلق؟ علينا أن نقوم بواجبنا ونتّخذ الخطوات اللازمة تجاه المخاطر المتوقّعة ومن ثمّ علينا ترك الباقي على الله.
إن استمررت في التفكير في المخاطر الحياتيّة فستحوّلها إلى مخاطر أعظم لن تنفكّ تتآكلك ذهنيّاً وجسديّاً حتّى إن لم تتحوّل إلى حقيقة. عليك أن تثق بأن لا شيء خارجك يستطيع أن يجعلك تشعر بالاستياء ما لم تسمح له أنت بذلك.
· لا تعظّم الأحداث:
لا يمكننا الخوف من أي حادثةٍ قد تحصل معنا ما لم تكن كارثةً أو مسألة حياةٍ أو موت. إن استطعت إقناع نفسك بأن المسألة الّتي تتعامل معها ليست بهذه الخطورة، إذاً ستتمكّن من الهدوء. ولكن إن استمررت في القول إن هذه المسألة أهمّ شيءٍ في حياتك أو أنّ حياتك ستنتهي إن حدث ذاك الأمر فسيُحكم عليك بالبقاء قلقاً ومنزعجاً.
لحسن الحظّ أنّ معظم الأمور الّتي تحصل في الحياة ليست مأساويّة. فإن نظرنا إلى مخاوفنا جيّداً وتركنا بعض الوقت يمرّ، سندرك أن وضعنا ليس بالسوء الذي تصورناه.
تبرهن خبرات العديد من الأناس المنورّين الّذين واجهوا العديد من صعاب الحياة أنفسهم، أنّ لا يوجد شيء في الحياة يمكننا اعتباره رهيباً أو لا يمكن تحمّله. إذ يمكنك قبول أيّ تجربةٍ والتعامل معها بهدوءٍ وانفصال. ولكن فقط حين نتعامل مع الأمور بجديّةٍ ونعطيها أهميّة أكبر من الّتي تستحقّها يبدأ الخوف بالسيطرة علينا.
إن تعلّمت كيفيّة رؤية الأمور من بعد بذهنٍ واسع ستجد أنّ الأمور ليست بالفظاعة الّتي تخيّلتها بعقلٍ محدود.
كيفيّة عدم تعظيم الأحداث: إن كنت متعوّداً تعظيم الأمور وبالتالي جعل نفسك خائفاً ومنزعجاً إذاً عليك تعلم كيفيّة عدم تعظيم الأمور وبالتالي إعادة نفسك إلى مرحلة عدم الخوف. وللقيام بذلك عليك طرح الأسئلة التالية على نفسك: هل هذا الأمر بهذه الأهميّة؟ ومن أيّ ناحية هو مهمّ؟
افترض أنّك خائف وقلق من مقابلة عملٍ ستجريها غداً. سل نفسك ما الّذي يجعلك متوتّراً؟ هل أنت خائفٌ من عدم تمكّنك من الإجابة عن كلّ الأسئلة؟ وهل يهمّ عدم إجابتك عن أسئلتهم؟ في أقصى الحالات لن يتمّ اختيارك. ما الفرق؟ لن يكون ذلك آخر يومٍ في حياتك ولن تصبح متسوّلاً على الطريق. إن كنت تخاف من أن يعتبروك أحمقاً فما الّذي سيحدث إن قاموا بذلك؟ ثمة حمقى عديدون في العالم ومنهم من هم أشدّ حماقةً منك. هل سيشكّل ذلك فرقاً في العالم حتّى إن كنت كذلك؟ هل سيتوقّف العالم عن الدوران جرّاء ذلك؟ إذاً لم أنت منزعجٌ إلى هذه الدرجة؟
بهذه الطريقة، أي بطرح الأسئلة وبتحدّيك مخاوفك، ستأخذ الأمور برويّةٍ. فلا شيء بهذه الأهميّة.
كلّ ما يحدث في الحياة يحدث لسبب ولا شيء يحصل بمحض الصدفة
نحن نطوّر مشاعر الخوف عادةً لأنّنا نفترض أنّ أيّ حادثٍ أو مأساةٍ قد تحدث لنا في أيّ وقت وعلى حين غرّة. ولكن تذكّر أنّ لا شيء يحدث في الحياة بمحض الصدفة. فحياتنا، وفي الواقع الكون بأسره تسوده قوانين إلهيّة. ولا أحد يمكنه مخالفتها. فقد وضع الله بنفسه هذه القوانين بدقّةٍ لا متناهية.
إذاً فالعدل موجود. قد نشعر في بعض الأحيان بأنّنا مظلومون بأن العدل غير موجود بسبب جهلنا إلاّ أنّ الأمر غير صحيح.
كلّ ما يمكن أن يحصل لنا، يحصل وفقاً لهذه القوانين وبعلمٍ من الله. ولن يحدث أيّ شيءٍ بالصدفة. لذا عوضاً عن التخوّف من أحداثٍ مؤسفةٍ قد تحدث لنا، علينا مواجهتها بموقفٍ إيجابيّ والسماح لآثارها بالمرور بسلام. يمكنك تعلّم عدم التأثّر بأيّ شيءٍ وجعل ذهنك مستقلاًّ عن الظروف والشروط الخارجيّة. إن وقفنا ضدّ الصعوبات وولّدنا مشاعر الاستياء في خلال مواجهتها، فنحن نولّد بالتالي أسباباً جديدةً ستخلق المزيد من المتاعب في المستقبل عوضاً عن السماح لآثارها بالاختفاء.
· لا تفكّر في مخاطر الحياة، فقط حاربها حين حدوثها:
يجب علينا عدم التفكير والتركيز على المخاطر الّتي يمكن أن تحدث لنا. فمثلاً لا تقل ما الّذي قد يحدث إن أُصبتُ بالسرطان؟ أو ما الّذي سيحدث إن تركني أولادي في شيخوختي؟ أو ما الّذي سيحدث إن خسرتُ عملي؟ فكما ذُكِر سابقاً، معظم هذه الأمور لن تحدث حتّى وهي ليست سوى نتيجة الشكّ في ذهنك وخيالك الواسع. ولكن إن فكّرت فيها مطوّلاً واستمررت في التخوّف منها قد تجعلها حقيقةً.
من هنا، وعوضاً عن التفكير فيها، واجه المخاطر حين تتعرّض لها. حتّى إن ظننت أنّك ستشعر بالألم والعذاب في خلال مواجهتك للمخاطر، فليس عليك الشعور بذلك إلاّ حين حدوث الأمر. لم عليك التألّم الآن وطوال حياتك في خيالك؟ ثمّة فيلسوف كتب الأسطر التالية لأولئك الّذين يخافون من ألم الموت:
"حتّى لو ظننت أنّ الموت مؤلم، لم عليك التألّم طوال حياتك؟ مت فقط حين قدوم الموت. لم تريد الموت في كلّ لحظةٍ في حياتك في خيالك؟".
في الواقع خيالنا هو الّذي يبالغ في كلّ شيء ويمنعنا من رؤية الأمر على حقيقته. ستدرك بنفسك أنّك ستتكّمن من مواجهة أيّ خطرٍ وحتّى تخطّي الأمر مع الوقت وذلك في اللحظة المناسبة. فوحده خيالك هو الّذي يمنعك من التحلّي بالشجاعة الضروريّة ويجعلك تحلم بكلّ النتائج السلبيّة.
لذا لا تفكّر إلاّ في الأمور الجيّدة والإيجابيّة واترك الأمور السلبيّة للمواجهة وليس للتفكير فيها.
· لكلّ مشكلةٍ في الحياة حلّ:
هذه المعرفة من شأنها تقليص خوفك وبالتالي ستدرك أنّ كلّ صعوبةٍ في الحياة يقابلها حلّ. فكلّ الأمور في الحياة يمكن تحمّلها. وإن استرجعت بعض الأمور في حياتك ستجد بالتأكيد أنّه على الرغم من أنكّ واجهت العديد من الصعوبات إلاّ أنّك استطعت إيجاد الحلول لها. فأنت لم تعلق في مشكلةٍ ما إلى الأبد لم تستطع تخطّيها. إذاً ما الّذي يجعلك تظنّ أنّك لن تفعل في المستقبل؟
وكما ذُكر سابقاً، فإنّ المشاكل والصعوبات الّتي تتعرّض لها في حياتك لها أسبابها وأهدافها. فهي تحدث لنا لتلقيننا بعض الدروس ولتقوية بعض النواحي في شخصيّتنا. فرحمة الله اللامتناهية تختبئ وراء ظروف الحياة الّتي تبدو في الظاهر قاسية. في الواقع، إن فكّرت في الأمر كثيراً ستجد أنّ كلّ ما يجري لك هو لصالحك. كما أنّ المشاكل والصعاب ليست دائمة وبعد أن تحقّق هدفها ستختفي.
عليك التخلّص من كلّ مخاوفك خصوصاً بعد اطّلاعك على كلّ الحقائق المذكورة آنفاً، كما عليك الوثوق بأنّه بمساعدة عقلك الواعي وبمساعدة الله تستطيع تخطّي كلّ صعاب الحياة مهما كانت خطيرةً. أنت أقوى من كلّ المشاكل في الحياة إذ إنّها ستنحني أمام عقلٍ واعِ ومصمّم.
· فليكن لديك إيمانٌ غير متزعزعٍ بالله:
تذكّر أنّك قد تتّخذ أيّ احتياطاتٍ أو خطواتٍ في سبيل التخلّص من المخاطر في حياتك ولكن مع ذلك، لن تستطيع أن تضمن أنّك بسلامٍ تامّ. فمهما خطّطت من أجل حماية نفسك، هنالك العديد من الأمور الّتي تحصل في هذه الحياة أو في هذا العالم. فلا نستطيع التخلّص من كلّ مخاطر الحياة على الرغم من كلّ الخطوات الّتي نتّخذها. فالكوارث الطبيعيّة والحوادث والطلاق وتغيّر أرباب العمل وهبوط أسعار الأسهم... كلّ هذه الأمور لا نستطيع التحكّم في حدوثها. أماننا الوحيد هو في الله.
مهما كانت الصعوبات، لن تُترك وحدك أبداً لأنّ الله سيرعاك دوماً. قد يتخلّى عنك العالم بأسره، إلّا هو. في الحقيقة عليك الوثوق بأنك تستطيع مواجهة شتّى الأمور لأنّ الله معك دوماً وأنّك تستطيع تخطّي كلّ الصعوبات بمساعدته.
لذا عوضاً عن التفكير في مخاطر الحياة طوال الوقت، علينا جميعاً أن نؤمن بالله العادل الذي لا يرسم لنا سوى الجيِّد والخيِّر في حياتنا. ولن يقابلك أيّ خطرٍ إلا بإذنٍ منه فالله فوق الكلّ ولا يستطيع أيّ شخصٍ أو أيّ شيءٍ تخطّي حدوده.
إذاً فعليك التخلّص من خوفك أنّ أيّ شيءٍ أو أيّ شخصٍ قد يؤذيك في الحياة، فكلّ شيءٍ تحت سلطة الله ومع إيمانك الراسخ فيه، تستطيع مواجهة أيّ شيءٍ في الحياة.
· ثق بنفسك:
يعاني العديد من الناس عقدة نقصٍ ويخافون دوماً من التعرّض للرفض من قِبَل الآخرين. ولكن من المهمّ أن تثق بنفسك إذا ما أردت التخلّص من هذا النوع من الخوف. اشعر بأنّك جيّدٌ كسائر الناس وبأنّك تستطيع القيام بما يقومون به.
وما قيل ليس فقط وعظاً نظرياً بل إنّه حقيقةٌ روحيّةٌ تفيد بأنّنا نتمتّع كلّنا بالقدرات ذاتها، ولكنّ المسألة مسألة إيقاظ هذه القدرات. إن كنت تشعر بقصورٍ ذاتيّ الآن فذلك يعني أنّ قدراتك لا تزال نائمةً داخلك وأنّك لم تبذل أيّ جهدٍ لإيقاظها.
لإيقاظ قدراتك النائمة، عليك أوّلاً أن تؤمن بها وثانياً أن تبادر إلى القياد بالأمر الذي تظنّ أنّك لا تستطيع القيام به. ألَم تلاحظ في العديد من الأحيان أنّك كنت تشعر بالتوتّر والتردّد من خلال قيامك بالعديد من الأمور ولكن من بعدها أصبحت تجيد القيام بها؟ هذا يظهر بوضوحٍ أنّك جيّدٌ وقادرٌ أكثر ممّا تظنّ وأنّها تلك الأفكار السلبيّة والمحطّمة للنفس هي التي تردعك من تقديم أفضل ما لديك.►
المصدر: كتاب كيف نواجه الخوف؟/ دخول عليه وكشف خفاياه
ارسال التعليق