• ٢٧ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

ثقافة الفشل

ثقافة الفشل
   ◄وهل للفشل ثقافة؟!

والجواب... بكلِّ تأكيد.. نعم!

وهنا مكمن الخطورة...!

نحن نؤكد على دور الثقافة في التأثير على شخصية الإنسان، سلباً أو إيجاباً، حسب نوعية الثقافة التي يحملها، وإذا كانت ثقافة النجاح توجه الإنسان نحو طريق النجاح، فإنّ ثقافة الفشل تؤدي بالإنسان نحو طريق الفشل بصورة مؤكدة.

وإذا كانت الثقافة عبارة عن ذلك الكلّ المركب الذي يشمل المعلومات، والمعتقدات، والفن، والأخلاق، والعرف، والتقاليد، والعادات، وجميع القدرات الأخرى التي يستطيع الإنسان أن يكتسبها بوصفه عضواً في مجتمع ما.. إذا كانت الثقافة هي مجموع ذلك كلّه، فهذا يعني: أنّ الإنسان هو المصدر الرئيسي لصناعة الثقافة، أيّة ثقافة كانت، وهو المتأثر بها أيضاً، فالجمادات، والكائنات الأخرى، لا شأن لها بعالم الثقافة، فهي لا تصنع الثقافة، ولا تتأثر بها أيضاً، أما الإنسان فكائن قابل للتأثر والتأثير معاً!

ومن الضروري أن نؤكد هنا على خطورة الأمراض الثقافية، التي تصيب الأفراد والمجتمعات، وخاصة في المجتمعات المصابة بنقص المناعة الثقافية!

ومن أشد الأمراض الثقافية فتكاً بالأفراد والمجتمعات، هو مرض "الفشل" وما يفرزه من مضاعفات، مما قد يؤدي إلى أمراض أخرى!

و"ثقافة الفشل" هي كلّ تلك الأفكار القاتلة... قاتلة الطموح، قاتلة الأمل، قاتلة الثقة بالنفس، قاتلة الروح المعنوية، قاتلة القدرات المزروعة فيك! ومن هذه الأفكار القاتلة، والتي تشكل بمجملها "ثقافة الفشل" ما يلي:

 

1-  فكرة السلبية في الحياة:

السلبية تشكل أغلالاً على نفس الإنسان، فتمنعه عن التقدم، وعن العطاء، وعن العمل... السلبية هي نظرة للحياة بعين واحدة فقط! فلا ترى من الحياة إلّا الشر، وإلا الظلام، وإلّا المتاعب، وإلّا الآفات، وإلّا... كلّ ما هو سلبي! فهو لا يرى إلّا بالعين السوداء، ولعلّك سمعت بذلك الصوفي الذي وضع الجبس على إحدى عينيه، واكتفى بعين واحدة!

وعندما سُئل عن السرّ في ذلك... أجاب: لمنع الإسراف!!

إنّ الأفكار السلبية، تولد نظريات سلبية، وتحول الإنسان إلى عنصر سلبي في هذا الكون، فبدل أن يعمر الأرض، ويبني الحضارة، ويشيد الفكر الإنساني، يتحول إلى معول هدم للأرض، وللحضارة، وللفكر، ولكلِّ شيء في هذه الحياة!

 

2-  فكرة الكسل:

الكسل يضيع على الإنسان الكثير من الفرص، والفرص تمر مرّ السحاب، وإذا ضيعها، فإنّه قد يضيع حياته كلّها، فعندما يكسل الإنسان عن تحمل مسؤولياته، ويتوقف عن العطاء والإنتاج.. فإنّ مصيره سيكون قاتماً بكلِّ تأكيد.

وكلّ فكرة توحي بالكسل، أو تدعو إليه، أو تشجعه.. هي فكرة قاتلة! ولذا فقد ذم الله عزّ وجلّ في القرآن الكريم الكسالى، فقال تعالى: (.. وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلا) (النساء/ 142)، وقال تعالى: (.. وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلا وَهُمْ كَارِهُونَ) (التوبة/ 54)، فالكسل صفة ذميمة، سواء كان عن العبادة، أو عن العمل، أو عن المسؤوليات، وبالتالي فكلّ فكرة تدعو للكسل... هي فكرة مُميتة.

 

3-     فكرة اليأس والقنوط:

اليأس والقنوط، يحطم الروح المعنوية عند الإنسان، ويقضي على كلِّ الآمال والتطلعات والطموحات، فالقانط واليائس من الحياة، يصاب بالعقد والأزمات النفسية، لأنّه سيعيش حبيس يأسه وقنوطه، وسيفقد الأمل وإلى الأبد!

ومن هنا فكلّ فكرة توحي باليأس أو القنوط، فهي فكرة قاتلة ومدمرة لحياة الإنسان، ولذا حذر الله عزّ وجلّ المؤمن من اليأس والقنوط، فقال تعالى: (.. وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُو) (يوسف/ 87).

 

4-     فكرة التمني:

يتمنى الواحد منا، أن يكون ناجحاً، عظيماً، زعيماً.. ولكن بدون أن يسعى أو يعمل، أو ينتج، فقط يتمنى، ويتمنى...! ومن المؤكد أنّه لو عاش مئات الآلاف من السنين وهو يتمنى... فلن يتقدم خطوة واحدة نحو الأمام يعيش فقط في عالم الأحلام والأمنيات... وهل الأحلام تصنع الحقائق؟!

 

5-  فكرة التسويف:

سأعمل غداً، سأقوم بهذا العمل في المستقبل، سأفكر في هذا المشروع لاحقاً، لم يحن وقت هذا بعد، من الأفضل أن ننتظر... هذه هي عبارات المسوفين! والذين قد تنقضي أعمارهم قبل أن تنقضي تسويفاتهم!!

كلّ الأفكار التي توحي بالتسويف والتأجيل والتردد، هي أفكار قاتلة، وقاتلة جدّاً، فالأيام لن تتوقف عن الحركة بانتظار قراراتك المؤجلة!

هذه عينات من "ثقافة الفشل" أردنا أن ننبه إليها كنماذج، لهذه الثقافة، لا أن نحصيها، فقائمة هذه الثقافة الطويلة، طويلة جدّاً، والمعيار في ذلك هو أنّ كلَّ فكرة تدعو للتخلف، فهي فكرة قاتلة، وتدخل في قائمة "ثقافة الفشل"!

وتدخل ضمن "ثقافة الفشل" قائمة العادات السلبية، والتقاليد المنحرفة، والأعراف الخاطئة.. والتي تكبل الإنسان، وتمنعه عن الديناميكية الفعّالة.

ومن هنا، فمن المهم جدّاً تجاوز هذه الثقافة اللامسؤولة، والبحث عن الثقافة المسؤولة، وهي ثقافة النجاح، بل هي ثقافة الحياة!

 

نصائح تهمك:

وللتخلص من "ثقافة الفشل" اتبع النصائح التالية:

1-  تثقف بالثقافة الإسلامية، والتي من أهم مصادرها: القرآن الكريم، والسنّة الشريفة.

2-  اطلع على ثقافات الآخرين، وخذ بالصالح منها، وأعرض عن التافه فيها، أو ما يتعارض منها مع تعاليم الدين، وأصول الأخلاق.

3-  تسلح بنور العلم، كي تنتصر على ظلام الجهل، فالعلم نور، والجهل ظلام... العلم حياة، والجهل موت... ولهذا يقول الإمام علي (ع) في أبيات منسوبة إليه:

ما الفخر إلّا لأهل العلم إنّهم *** على الهدى لمن استهدى أدلاء

وقدر كلّ امرئ ما كان يحسنه *** والجاهلون لأهل العلم أعداء

ففز بعلم تعش حياً به أبداً *** الناس موتى وأهل العلم أحياء

ويقول الإمام الشافعي أيضاً:

تعلم فليس المرء يولد عالماً *** وليس أخو علم كمن هو جاهل

وإنّ كبير القوم لا علم عنده *** صغير إذا التفت عليه الجحافل

وإنّ صغير القوم إن كان عالماً *** كبير إذا ردت إليه المحافل

4-  العقل فرقان، يفرق بين الحق والباطل، فاعرض ثقافتك على عقلك فما وافقه منها فخذ به، وما خالفه فيها فتخلص منه.

5-  تعلم حقائق الحياة، من خلال تجاربك، واستفد من تجارب غيرك، فالتجارب مصدر مهم من مصادر الثقافة، والناجح هو مَن يستوعب حقائق الحياة!

وأخيراً... لابدّ من التأكيد على هذه الحكمة وهي:

"إذا شئت أن تصنع في عقلك، حديقة للثقافة، فازرع فيها ثقافة النجاح!".►

 

المصدر: كتاب الشخصية الناجحة

ارسال التعليق

Top