• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

شمائل الخصال في شخصية أبي الفضل العباس (عليه السلام)

عمار كاظم

شمائل الخصال في شخصية أبي الفضل العباس (عليه السلام)

نشأ أبوالفضل وكلّه علمٌ ومعرفة، وفقهٌ وحكمة، وفصاحةٌ وبلاغة، كانت تربيته خاصّة، مبنية على الإيمان والعقيدة الصادقة. لقد امتاز في كربلاء بصفات انفرد بها، كالشجاعة البدنية والروحية، وقوّة القلب والصبر والتحمّل وحمل الراية بالإضافة إلى رضاه وتسليمه لسيِّده الحسين (عليه السلام) وإطاعة أوامره. لقد كان لهذه التربية مع ما خصّ الله تعالى به العباس (عليه السلام) من مزايا أن جعلته مثالاً يضرب به للأجيال، وأُسوة يحتذي به السالكين، حتى ورد في حقّه الثناء البالغ من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، فعن الصادق (عليه السلام): «كان عمّنا العباس نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبدالله، وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً»، وعن الإمام السجّاد (عليه السلام): «رَحِم الله العباس، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتى قُطّعت يداه، فأبدله الله عزّوجلّ بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وإنّ للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة عظيمة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة».

لقد مثّل أباالفضل العباس (عليه السلام) الإباء بجميع مراحله وبكلّ مفاهيمه، فقد أبى أن يعيش ذليلاً في ظل الحكم الأُموي، فاندفع في ساحات الجهاد كما اندفع أخوه أبوالأحرار الذي رفع شعار العزّة والكرامة وأعلن أنّ الموت تحت ظلال الأسنّة سعادة، والحياة مع الظالمين برماً. وقد حقّق أباالفضل العباس بجنب أخيه الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء أهدافاً سامية رفعته إلى أعلى المنازل وأرفعها، منها الثقة بالنفس، والإيثار، والشجاعة، وهي عناوين للقيم الرفيعة والصفات الشامخة، فكان نبراساً للتضحية والفداء، ورائداً لمعرفة الأئمّة (عليهم السلام) وطاعتهم، التي هي معرفة الله سبحانه وطاعته. كان وقوف أباالفضل العباس (عليه السلام) بجنب أخيه، هدية الله لهذه الأُمّة، حيث دافع عن الحقّ وذبّ عن القيم الحسينية والمبادىء الصادقة فكان يمثّل السرّ في خلود تضحيته، وتعامله مع عواطف الناس على امتداد التاريخ.

لقد أبدى أباالفضل العباس (عليه السلام) يوم الطف من الصمود الهائل والإرادة الصلبة، فكانت رباطة الجأش متمثّلة في تلك الشخصية العظيمة قمر بني هاشم بالإضافة إلى شجاعته وبسالته ومزاياه الرفيعة ممّا وُلّد في قلوب أعداءه الرعب والخوف، فقد احتلّ العباس قلوب الأُمّة ومشاعرهم، فهو أُنشودة الأحرار في كلّ زمان، وهو العقل المبدع والمفكِّر في الإسلام، ولا يتصف بهذه الصفة إلّا مَن صفت ذاته وخلصت سريرته.

إنّ أباالفضل العبّاس (عليه السلام) قد حوى من المكارم والمحاسن، ومن الأخلاق والآداب ما لا يمكن قصرها في مجال، ولا حصرها في مقال؛ ولذلك جاءت ألقابه الدالّة على بعض من تلك المكارم والمحاسن، والمشيرة إلى نماذج من تلك الآداب والفضائل، عديدة وكثيرة، ورفيعة ومنيعة منها: (باب الحوائج، السقّاء، قمر بني هاشم، ساقي عطاشى كربلاء...). إنّ أبا الفضل العباس (عليه السلام) قد احتذى حذو أبيه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في إيمانه وأخلاقه، حيث كان من شدّة إيمان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وكرم أخلاقه أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعدّه لكلّ عظيمة، ويدعوه عند كلّ نازلة وملمّة.

إنّ ملحمة كربلاء من أهمّ الأحداث العالمية، بل من أهمّ ما حقّقته البشرية من إنجازات رائعة في ميادين الكفاح.. فلقد استشهد في هذه الملحمة أبوالفضل العباس من أجل المبادىء العُليا التي رفع شعارها أخوه أبوالأحرار الحسين (عليه السلام)، والتي كان من أهمّها أن يُقيم في رُبى الأُمّة الإسلامية حكم القرآن وينشر العدل بين الناس ويوزّع عليهم خيرات الأرض والتي هي ليست لقوم دون قوم.

ارسال التعليق

Top