• ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

مرحلة الشباب والدور المطلوب

مرحلة الشباب والدور المطلوب

◄بعد أن يقضي الإنسان فترة الطفولة وفترة المراهقة يكون مقبلاً على مرحلة الشباب.. وتعتبر مرحلة الشباب من أخصب مراحل الإنسان، فالشباب صفوة الحياة وربيع العمر، وكما أننا في الخريف نعيش على أنتاج الربيع كذلك في خريف أعمارنا نعيش على ربيع حياتنا (أي فترة الشباب).

والشباب فترة متميزة في حياة الإنسان، كفرد وفي حياة المجتمع ككل.

 

أما على صعيد الفرد:

الشباب مقطع زمني، من أهم سنين حياة الإنسان، لأنّه يحتوى على كلّ عناصر القوة، والنشاط والفاعلية، ويملك كلّ مواد البناء والنمو في الخبرة والمواهب، وفي الكفاءات العلمية أو العملية.

والمطلوب:

أوّلاً: أن يقدر الإنسان أهمية فرصة الشباب، لأنّ الكثير من الناس لا يدركون قيمة الشباب إلا بعد أن يفقدوا شبابهم ونضارتهم لذلك يقول الإمام عليّ (ع): شيئان لا يعرف فضلهما إلا من فقدهما: الشباب والعافية.

ويقول أيضاً (ع): ما أقرب الشيب إلى الشباب.

الشباب فرصة كأي فرصة في الحياة، والفرص لا تبقى تنتظر، كذلك الشباب لا تدوم قوته وحيويته فسرعان ما تنتهي وتتحول إلى ضعف وشيخوخة.

ثانياً: إستثمار فرصة الشباب في الخير والبناء:

كل شاب واع عنده آمال وطموحات وأمنيات وتطلعات يصبو إلى تحقيقها، لكن الذي يجب أن يعرفه الإنسان جيداً هو أنّ الذين وصلوا إلى أهدافهم في الحياة، إستثمروا فرصة شبابهم، وركزوا جهودهم وعملوا في سبيل الأهداف العالية، قال الإمام عليّ (ع): المرء يطير بهمته كما يطير الطير بجناحيه.

أما إذا كسل الإنسان، وخضع للتعب وإستنفذ شبابه في البطالة فلا شكّ أنّه سيندم، ولكن، ولات حين مندم، فالندم لن يعيد له شبابه الذي ضاع منه، وكما قال الشاعر:

ألا ليت الشباب يعود يوماً *** فأخبره بما فعل المشيب

كما أنّ الأماني المعسولة، لن تقوم بذلك. ومن لم يحاول صعود الجبال يعش أبد الدهر تحت الحفر.

 

أمّا على صعيد المجتمع:

الشباب هم روح المجتمع، وأمل المستقبل وكما أن غرس اليوم هو حصاد الغد، وكذلك شباب اليوم هم رجال الغد. جيل الآباء الموجود، لابدّ أن يحال يوماً إلى التقاعد، فيأتي الشباب مكانه في العمل والإدارة والوزارة و... و... جيل الشباب. قال الإمام عليّ (ع) لأولاده: إنكم صغار قوم يوشك، أن تكونوا كبار قوم آخرين.

فإذا كان جيل الشباب صالحاً، فهو يدفع المجتمع نحو الأمام ويرتقي به سلالم التقدم والإزدهار. وشباب – اليوم – بالذات متعلم تنور مندفع جسور، ولذلك من واجب الأجيال المتقدمة التي تقبض على ناصية الأمور وتوجهها أن تفسح للشباب مكاناً في توجيه شؤونهم وتعطيهم صوتاً في رسم أقدارهم... إنّ هذا باختصار ما يطلبه شباب اليوم.

إذاً على الآباء وعلينا جميعاً أن نفهم جيل الشباب، لأنّ البعض يرى أن جيل الشباب مجموعة أشخاص غير ناضجين مغرورين... وكان للإستعمار دور خطير في إثارة مثل هذه الأفكار، وجهل الناس ساعد على تركيزها في الأذهان، أنّ الشباب طائشون ومن الخطأ أن نفسح لهم المجال لممارسة دور الوجاهة والريادة في المجتمع.

والواقع أن جيل الشباب له حسناته وعليه سيئاته كما هو الشأن في جيل الآباء. ومن حسناته: أنّه يملك وعياً ومشاعر وتطلعات.. لم تكن موجودة عند جيل الأجداد والآباء... وواجب المجتمع تهيئة فرص النمو التربوي وفسح المجال للمواهب والطاقات الشابة المتفتحة أن تنطلق وتنمو في سبيل تقدم المجتمع.

والإسلام بدوره يولي الشباب عناية خاصة، يقول الرسول الأكرم محمّد (ص) لأبي ذر الغفاري: يا أبا ذر... إغتنم خمساً قبل خمس:

1-    شبابك قبل هرمك.

2-    وصحتك قبل سقمك.

3-    وفراغك قبل شغلك.

4-    غناك قبل فقرك.

5-    وحياتك قبل موتك.

وأيضاً كان عمل النبيّ (ص) في دعوته متوجهاً للشباب حتى إن أقطاب قريش حينما شكوا النبيّ (ص) إلى عمّه أبي طالب. قالوا: إن ابن أخيك قد سب ألهتنا، وسفه أحلامنا، وأفسد شبابنا.

كان تركيز النبيّ (ص) على عنصر الشباب، لأنّ دور الشباب في الحياة، دور عظيم، دور الحركة والنشاط والعطاء والبناء.

فيا أيها الشباب: إعلموا أنّ الشباب في عصر الإسلام الأوّل هم الذين حملوا مشاعل النور الإلهي وأضاؤوا دروب الحياة لكل السالكين والتائهين.

وواجب الشباب – اليوم – أن يحملوا راية الحق المقدس ويتقدموا المسيرة الإيمانية بشجاعة وعزيمة صادقة، وأن يوظفوا كلّ طاقاتهم الفكرية والعملية في سبيل الله وفي خدمة الدين وبناء المجتمع الإيماني الفاضل.►

 

المصدر: كتاب كيف نُربي أبناءنا

ارسال التعليق

Top