• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

حاجة الشباب إلى ثقافة صحية

حاجة الشباب إلى ثقافة صحية

◄من مرتكزات امتلاك الإنسان القدرة على العطاء والنشاط والفاعلية والعمل المتواصل هو التمتع بصحة ممتازة؛ ولذلك تعتبر المحافظة على الصحة من الواجبات العقلية والشرعية؛ إذ لا يجوز للإنسان أن يتعمد الإضرار بنفسه وبصحته؛ بل يجب أن يحافظ كلّ واحد منا على صحته، كي يتمكن من القيام بأداء مسؤولياته في الحياة على خير وجه، وبأفضل أسلوب، وأحسن إنتاج.

والشباب حيث يشكلون الشريحة المنتجة والعاملة والنشيطة والمبدعة عليهم المحافظة على صحتهم، والابتعاد عن كلّ ما يؤدي إلى الإضرار بأنفسهم وحياتهم؛ لأن تقدم أيّة أُمّة من الأمم إنما يعتمد على قدرة الأفراد الأصحاء على العمل المتواصل، والنشاط الدائم، والإبداع والابتكار المتجدد، والفاعلية المركزة، والإنتاج النوعي.

وفي هذا العصر حيث تزداد الأمراض يوماً بعد آخر، بالرغم من التقدم العلمي والطبي، ووسائل المعالجة المتطورة، والقضاء على الكثير من الأمراض التي كانت إلى عهد قريب مستعصية؛ إلا أنّ العلم والطب يقف عاجزاً من معالجة العديد من الأمراض الخطيرة والمزمنة: كالسرطان والإيدز والتهاب الكبد الوبائي وغيرها من الأمراض القاتلة، وأكثر ما تصيب هذه الأمراض الشباب، وهذا ما يشكل خطراً كبيراً على مستقبل الأُمّة وتقدمها، واستنزاف قدراتها البشرية والعلمية والمادية وحيث أنّ الوقاية خير من العلاج، علينا أن ننمي الوعي الوقائي، ونبحث عن وسائل الوقاية التي تجنبنا من الإصابة بالأمراض بشتى أنواعها وأشكالها؛ فهذا هو المنهج العلمي الصحيح.. ولنتذكر دائماً الحكمة المشهورة "درهم وقاية خير من قنطار علاج".

 

الثقافة الصحية:

يفتقر كثير من الشباب إلى المعلومات الصحية، والعادات الغذائية السليمة، كما يعاني الكثيرون من الممارسات الصحية الممنوعة، والعادات الضارة في الأكل والسهر، مما يسبب كثيراً من العيوب الخلقية والجسمية، بل تصل هذه الممارسات الخاطئة إلى إدمان التدخين وتعاطي المسكرات والمخدرات، واستعمال المهدئات، كما ينعكس ذلك كله في ضعف اللياقة البدنية التي يحتاج إليها الشباب في ممارسة الأنواع المختلفة من الرياضة.

وينعكس ذلك في افتقاد الشباب القدرة على الإنتاج والعمل، وعدم الرغبة في التحصيل الدراسي والعلمي، وعدم تحمل مسؤوليات الحياة العامة والخاصة، وضعف الانسجام الاجتماعي العام، وعدم إمكانية التفاعل مع تطورات العصر.. ولذلك كله يجب تثقيف الأفراد والمجتمع بقواعد الصحة العامة.

ويشكل الإفراط في الأكل والشرب في المجتمعات الغنية، وكذلك اتباع العادات الخاطئة في التغذية، عاملاً مهماً من عوامل الإصابة بمختلف الأمراض. ومن الملاحظ أن بعض الشباب يفرطون في الأكل والشرب من دون ضوابط، بل يقبلون على الأكل والشرب بشراهة مما يؤدي بهم إلى التخمة والسمنة، وربما أدى إلى الإصابة بمرض السكري أو قرحة المعدة أو عسر الهضم أو أمراض القلب والكبد.. إلى غيرها من الأمراض التي تنتج من الإسراف في الأكل والشرب، واتباع نظام غذائي غير سليم.

وهنا ينبغي للشباب اتباع العادات الحسنة في الغذاء، والاعتدال في تناول الأغذية والأشربة، يقول تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأعراف/ 31)، فالأكل والشرب بقدر الحاجة والضرورة يكون فيه المنفعة والفائدة للجسم والبدن، أما الزيادة والإسراف فنتائجه وخيمة على صحة الإنسان.

وقد أوصى أمير المؤمنين الإمام علي (ع) ابنه الحسن بقوله: "يا بني ألا أعلمك أربع خصال تستغني بها عن الطب، فقال: بلى يا أمير المؤمنين، قال: لا تجلس على الطعام إلا وأنت جائع، ولا تقم عن الطعام إلا وأنت تشتهيه، وجوِّد المضغ، وإذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء، فإذا استعملت هذا استغنيت عن الطب".

فمن أجل المحافظة على صحتنا يجب اتباع نظام غذائي متوازن، والالتزام بالعادات السليمة في مجال التغذية، والاعتدال في الأكل والشرب، والإكثار من الفواكه والخضراوات، والإقلال من المواد الدهنية والبروتينية وخصوصاً البروتين الحيواني.

وكما أنّ الإفراط في الأكل والشرب مضر بالصحة، كذلك الإفراط في الجنس له عواقب وخيمة على الصحة وقوة الجسم، يقول الأستاذ (محمد تقي فلسفي): "لابدّ أن تشبع الغريزة الجنسية التي هي وسيلة لاستمرار النسل وبقائه وطريقة للالتذاذ كغيرها من الغرائز في حدود المصلحة وبالمقدار المناسب، والإفراط في التقارب الجنسي والتطرف في إشباعها يؤدي إلى ضعف الأعصاب، وتلف القوى، وواحد من عوامل الشيخوخة المبكرة؛ ومن شاء أن يتمتع بحياة سليمة وعمر طبيعي ما عليه إلا أن يتجنب الإفراط في استخدام الغريزة الجنسية".

والتفريط كالإفراط في كلّ شيء مضر بالصحة والعافية؛ والمطلوب هو الاعتدال والوسطية في كلّ شيء.

ومن الضروري للشباب امتلاك ثقافة صحية واسعة كي يتمكنوا من تكوين خلفية جيدة في المجال الصحي؛ ويمكن الحصول على الثقافة الصحية من خلال ما يلي:

1-    قراءة الكتب الطبية المبسطة والتي تتناول الأغذية، والأدوية، والأمراض المختلفة، وطرق الوقاية منها، ومعرفة أعراضها ومسبباتها.

2-    مشاهدة البرامج الصحية والتي تبث من خلال وسائل الإعلام المختلفة وبالذات التليفزيون.

3-    متابعة المستجدات الطبية، وذلك من خلال اقتناء المجلات والكتب المتخصصة في المجال الطبي.

4-    الاستفادة من خبرات ومعارف الأطباء، وطرح الأسئلة الطبية عليهم، والاسترشاد بآرائهم ونصائحهم في مجال تخصصاتهم الطبية.

5-    دوّن الملاحظات الطبية عن نفسك، وحاول الاطلاع بصورة واسعة على أمراضك – إن وجدت – لأن ذلك يساعدك على التعامل الأفضل مع ما لديك من أمراض وعلل.►

 

المصدر: كتاب الشباب (هموم الحاضر وتطلعات المستقبل)

ارسال التعليق

Top