• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

التواصل مع المشاعر تجاه المال

التواصل مع المشاعر تجاه المال
  ◄رغم أنّ الناس غالباً ما يجدون صعوبة في ربط الأحاسيس بالأمور المالية لأنّهم ليسوا على تواصل مع مشاعرهم، إلا أنّهم مع ذلك يأتون بردود أفعال حسية تجاه نشاطات مالية. لذا فإنّ إدراكهم لطبيعة ردود الأفعال هذه يسهل عليهم تبينها، خصوصاً عندما يكونون من بين الأشخاص الذين يعملون على تعديل أحاسيسهم من خلال تعبيرات مرئية كالبكاء أو الصراخ.

لقد وجدت (Candace Pert)، وزوجها الدكتور (Michael Ruff)، وعلماء آخرون مستقبلات للإشارات الخليوية تتوزع في كافة أنحاء الجسم البشري والتي من خلالها نتلمس مشاعرنا. فالإحساس بالشجاعة، على سبيل المثال، يحدث في البطن، في حين أنّ الإحساس بأنّ شيئاً ما ليس على ما يرام يمكن أن يحدث في أماكن متعددة من الجسم. كما أنّ شداً مباغتاً في الرقبة أو المنكبين، أو تشنجاً في المعدة، أو ثقلاً في الذراعين أو الساقين، أو انخفاضاً في أداء جهاز المناعة، أو "تحطم" القلب، قد يشير أي منها إلى نشاط حسي داخل الجسم.

وبالتالي، فعند تفحص المشاعر المعبر عنها من خلال السلوكيات المالية، وبدلاً من التركيز على الوصف اللفظي للحالات الحسية كحزين، أو غاضب، أو مخذول، أو محروم، من الممكن أن نتبين الأحاسيس من خلال مراقبة ردود الأفعال النفسية تجاه الأوضاع المالية. وعلى سبيل المثال، فبينما أنت تشتري شيئاً تعرف أنّ ثمنه أعلى مما يمكنك تحمله، قد تلحظ إحساساً بالانقباض حول قلبك، أو بالتشنج في بطنك. وبما أنّ الجسم يبث ردود أفعال حسية من خلال مستقبلاته (Receptors)، فإنّ تحديد ماهية الأحاسيس لا يتطلب تكلفاً لغوياً. إذ أنّ مجرد إدلائك بتصريح مثل: "إنني أشعر بضيق في صدري عندما أفكر في ذلك"، سوف يفي بالغرض. وهذا، فإنّ ردود أفعال نفسية كهذه تستطيع بمفردها أن تساعد المرء على إدراكه لأحاسيسه تجاه المال بحيث يمكنه بعد ذلك أن يغيرها.

 

تطوير عادات حسية جديدة:

على طول الجسر الممتد بين عالمينا الداخلي والخارجي، هناك حالات معينة غالباً ما تثير مشاعراً متوقعة. فالحوار مع والدٍ قاسٍ كثير المطالب، على سبيل المثال، قد يثير دائماً أحاسيس بالغضب أو بالخزي، في حين أنّ الجلوس على شاطئ البحر قد يُحدث في النفس إحساساً بالطمأنينة. وبشكل مشابه، فالسلوكيات المالية، كاستلام الفواتير أو تسديد قيمها، أو طلب زيادة المرتب، أو حتى القيام بشراء الحاجيات اليومية، كثيراً ما تُفعِّل ردود أفعال حسية متوقعة، والتي قد تكون أو لا تكون منغصة. إذ أنّ الطبيعة التعددية لردود الأفعال الحسية تجاه الأمور المالية هي التي تجعل الناس الذين تحسنت ظروفهم بعد أن كانت سيئة لا يكفون عن الإحساس بالمنغصات حينما يشترون أغراضهم، أو يدفعون ضرائبهم، أو يفتحون مغلفات الفواتير. وبما أنّ الأمر كذلك، فإنّ تحسين علاقتك بالمال يتطلب تطوير وعي لا يقتصر على تفهم الأحاسيس الاعتيادية التي تعبر عنها من خلال نمطك المالي فحسب، بل يجب أن يشتمل كذلك على تلك التي تشعر بها من خلال تعاملاتك المالية اليومية.

وبإدراك لبنيتك الحسية تجاه المال، تستطيع أن تبدأ باستبدال الردود الحسية التي لم تعد تخدم تطلعاتك بأحسيس قادرة على تحفيز الازدهار. ويشتمل هذا الإجراء على مراحل ثلاث: الدراية بالأحاسيس الناجمة عن الأوضاع المالية، والتعبير عن هذه الأحاسيس، وتكوين أحاسيس بديلة تحفز النمو والازدهار.

وبما أنّ الأحاسيس تحدد الكثير من جوانب علاقتك بالمال، فالقيام بحركات هذا التمرين يكون على نحوه الأفضل عندما يتم خلال فترة ممتدة من الزمن. وغالبية الناس يكتشفون هذه الحقيقة عندما يتخلصون من أحد الأحاسيس التي كانوا يعبرون عنها من خلال أوضاعهم المالية؛ وما أن يتم لهم ذلك، حتى يطفو إلى السطح إحساس آخر، فمع الفترات الواقعة بين التخلص من إحساس وتاليه يطول أمد هذا الإجراء ليجعل منه أكثر إنتاجية. وفي الحقيقة، فالتغيير الفعّال لردود الأفعال الحسية المعتادة يتطلب – على الأقل – نفس الاهتمام والالتزام اللذين يتطلبهما تغيير الأفكار. فمن دون هذا التركيز لا يمكن تجنب العودة إلى الأنماط القديمة التي تدعم هوية مالية راسخة الجذور، لأنّ الأحاسيس تعمل كتعبير عن الهية.

ولا تنسَ طوال الوقت أن تغييرك من نغمة أحاسيسك سوف يحول من طبيعة علاقاتك بالآخرين بشكل ملموس. وعلى سبيل المثال، فالشخص الذي تعوّد أن يتصرف على نحوٍ من الإذعان عندما يستبدل شعوره بالخزي أو بالذنب بإحساس بالثقة بالنفس، فبدلاً من أن يكون سهل الانقياد ساعياً لإرضاء الآخرين قد يقيم فجأة حدوداً تحميه ويتخذ قرارات تنطلق من شخصيته التي باتت أقوى من ذي قبل. وبالتالي، فمثل هذه النغمة الحسية الحديثة العهد تتطلب تعديلاً سيكولوجياً وصبراً تجاه الآخرين الذين قد يردون عليه كما لو أنّه ما زال تابعاً سهل الانقياد.►

 

المصدر: كتاب ابنِ عضلاتك المالية (تسعة تمارين سهلة لتحسين علاقتك بالمال)

ارسال التعليق

Top