• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

منزلة تقوى الله تعالى ونتائجها

أسرة البلاغ

منزلة تقوى الله تعالى ونتائجها

◄التقوى هي الجوهر والغاية والحصيلة من كلّ جوانب الدين عقيدةً وعبادةً، ونظاماً، يقول تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات/ 13) ويقول الإمام عليّ (عليه السلام): «التقوى منتهى رضا الله من عباده وحاجته من خلقه». إنّ كلمة التقوى هي صبغة التجمُّع الإيماني ومحوره، وعماد تماسكه، ومبعث قوّته فالهدف من عبادة الله تعالى الوصول إلى التقوى، كما أنّ العبادة يمكن أن تكون تعبيراً عن هذه التقوى. تعتبر أيضاً ملكة الوازع الديني التي تجعل للإنسان قوّة وصلابة في تحديد مصيره، وتدفعه للخير والصلاح في جميع الأمور، وتمنعه عن الرذائل والمعاصي.

عُني القرآن بالتقوى عناية كبرى، وأكثر من الأمر وتوجيه النفوس إليها، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران/ 102). وذلك يكون بالتوجه إلى الله وحده في العبادة واجتناب ما يأباه من الشرك والخروج عن شرائعه وأحكامه العادلة. فالعدل من التقوى، قال الله تعالى: (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (المائدة/ 8). والعفو من التقوى أيضاً، قال الله تعالى: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (البقرة/ 237). وتقوى الله لا تنحصر في مجال العبادات، بل هي زاد وشحنات من الوقود الروحي والمراقبة للذات، وأساس تقوم عليه كلّ العبادات والمعاملات والعقود، وكلّ ممارسات الإنسان في هذه الحياة بشتى صورها وأشكالها. يقول الإمام علي (علیه السلام): «التقوى مفتاح الصلاح». ويقول أيضاً (علیه السلام): «إنّ تقوى الله عمارة الدين، وعمارة اليقين، وإنّها لمفتاح صلاح، ومصباح نجاح». من جهة أخرى إنّ التقوى هي رأس الحكمة، يقول الإمام زين العابدين (علیه السلام): «رأس الحكمة مخافة الله».

إنّ لتقوى الله تعالى نتائج عديدة في الدنيا، منها: أنّها تحفّز الإنسان على الأخلاق الحسنة، ولا شكّ أنّ الأخلاق لها أثرها في الدنيا كما في الآخرة، عن الإمام عليّ (علیه السلام): «التقوى رئيس الأخلاق». ومنها: أنّها تبعث الرزق، وتمكّن الإنسان من تجاوز العقبات والأزمات، والتغلّب على مشاكل الحياة، يقول تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (الطلاق/ 2-3)، ويقول تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسراً) (الطلاق/ 4).

إنّ منزلة التقوى جليلةٌ وطالبها يحتاج إلى همة عالية ومجاهدة دائمة، وتحصيلها ليس بالأمر اليسير والهين، فإنّ المكارم على قدر المكاره، ولكن الله الرؤوف الرحيم يسهّل على عبده التقي كّل أمر عسيرٍ وصعب، بيده تيسير كلّ أمر عسير وصعب وهو القائل: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت/ 69) وأيضاً قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (يونس/ 63-64). فبالتقوى ينجو الإنسان وبالتقوى ينال ما عند الله تعالى، فهي الزاد وبها المعاذ، قال تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ) (البقرة/ 197).

للتقوى نتائج أخرويّة جليلة جدّاً، منها: الأجر العظيم، قال تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) (آل عمران/ 172). ومنها: إنّ من يتّقي الله لا يتسرَّب الحزن إلى قلبه في الآخرة ولا يخاف عليه، قال تعالى (فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (الأعراف/ 35). ومنها: أنّ جزاؤها الجنّة وهي دليل الفوز، يقول تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ) (الطور/ 17). عن الإمام زين العابدين (علیه السلام): «شرف كلّ عمل بالتقوى، وفاز من فاز من المتّقين»، قال الله تبارك وتعالى: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً) (النبأ/ 31).►

ارسال التعليق

Top