يرى بيبليلوس سيروس بأنّه "يجب أن لا تعتمد على المال والثروة إنّما على الخلق السليم والسلوك الحسن" يجعلنا نفرض الرأي القائل بأنّ الأتيكيت هو صفة أنثوية ولا علاقة للرجل بها من شيء من محتواه، حيث نلحظ دائماً بأنّ صيغة التأنيث تطغي على لغة الأتيكيت، وكأنّ اللياقة واجبة فقط على المرأة ولا علاقة لها بالرجل، خصوصاً في المجتمعات الذكورية، التي تسود فيها فكرة "أنّ الرجل لا يعيبه إلّا جيبه".
وفي إطار النفي لهذا الرأي المغلوط فإنّ ما ينطبق على المرأة ينطبق على الرجل، وإذا كانت المرأة مطالبة بخفض صوتها فإنّ هذا ينطبق على الرجل أيضاً، وعلى عكس ما يعتقده البعض ويطبقونه على أرض الواقع، فإنّ التكلم بصوت جهوري وعالٍ جدّاً وعدم احترام حميمية الموقف وخصوصية الآخرين هما أيضاً منافيان لأي تصرف حضاري. وهنالك نوعان من الرجال على خصام دائم مع الأتيكيت:
· النوع الأوّل: الرجل الذي يبالغ في الشكوى والتذمر من زوجته ويركّز على وصف سيئاتها وإهمالها لنفسها ولزوجها ولأولادها أمام الأهل والأصدقاء.
· النوع الثاني: الرجل الذي يغالي في وصف مهاراتها وحسناتها ويتغنى بجمالها ويضعها في مرتبة أعلى من كلّ النساء؟
ليس من المقبول أن يكشف الرجل عن خفايا شخصية زوجته أمام الآخرين أو أن يعلن عن مساوئها لأنّه بذلك يعيب نفسه أيضاً، كذلك لا يجوز أن يبالغ في إعلاء شأنها، وأن يقدم لائحة مطولة في محاسنها ومفاتنها وفضائلها، لأنّ ذلك قد ينم على نقيصة في شخصيته. أو عن توتر في العلاقة الزوجية بينهما ويحاول اخفاؤه من خلال المبالغة في الإطراء. لذلك عندما نتحدث عن الرجل العصري هنا، فإنّنا نقصد به ذلك الرجل الذي يحمل صفات إيجابية في المظهر على الأقل في الوهلة الأولى الذي يلفت انتباه الناس له، وقد يمثل هذا جانباً من الأتيكيت، والرجل العصري اليوم يحتاج إلى الأتيكيت فلا يجب إغفاله لأنّه عامل مكمل للأناقة، وهذا ما تؤكده خبيرة الأتيكيت شيرلي شلبي فالرجل عليه أن يهتم بمظهره وكلماته وطريقة جلوسه في عمله ومنزله مع زميلاته ومع زوجته وباقي أفراد المجتمع. وتقدم خبيرة الأتيكيت شيرلي شلبي قائمة بأهم أصول الأتيكيت التي يجب على الرجل إتباعها:
1- التدخين:
"التدخين ضار بالصحة" ليست مجرد كلمات كاريكاتيرية نبتسم لها ونأخذها مأخذ الدعابة، ولكنها بالفعل عبارة جادة جدّاً لها معنى محدد للغاية وهو أنّ التدخين أمر غير مرغوب فيه بالمرة، لذا على الرجل الامتناع عنه كلياً في الحياة العامة وخاصة في مجال العمل، كما يوجب عدم التدخين قبل استئذان الآخرين، والأفضل ترك المكان والذهاب لمكان خاص بعيد عن تأثيرات التدخين السلبية على الآخرين.
2- اختيار البدلة:
ضرورة اختيار الألوان القاتمة أو الداكنة مثل الكحلي، الرمادي الغامق أو الأسود فتلك الألوان تنبعث منها القوة والسلطة والجدية وهي أمور عادة ترتبط بالعمل المقدم إليه، وأجمع علماء النفس على أنّ اللون البني ودرجاته الفاتحة لا تتماشى مع مظهر الالتزام، أما الألوان غير الداكنة أو المشرقة فيحسن استخدامها بجرعات طفيفة مثلما في ربطة العنق التي تظهر بصمتك الشخصية ويتحلى بها ذوقك الخاص.
3- مكتب العمل:
كلّ شيء يوضع على مكتب الرجل يدل على طباعه، فالرجل ذو الشخصية البارزة يجلس خلف مكتب أسود أو بني اللون، مزود ببعض الأدوات التكنولوجية مثلما يجلس الطيار أمام لوحة التحكم في طائرة كونكورد، كما يستلزم الأمر وجود درج للأوراق والخطابات وحامل للأقلام وبطاقات الزيارة، وعلى كلّ رجل وخاصة إذا كان يتولى منصب قيادي أن يضع لمسات شخصيته على منتصف المكتب بقلم الحبر الذي إن كان ذهبياً يدل على الذوق والأناقة أما الأقلام الجاف البلاستيك فهذه تستخدم للمسودات فقط.
4- ربطة العنق:
يرى الفرنسي جون كلود كولبان مؤلف كتاب "ربطات العنق" أنّ ربطة العنق أحد مظاهر أناقة الرجل وجزء هام من الشخصية التي تنجذب إليها النساء. وتتنافس شركات صناعة ربطات العنق العالمية بإنتاج نماذج جديدة تتسم بالذوقية والتناسب مع الألوان التي يرتديها الرجل، والتوجه الجديد لربطات العنق في الفترة الأخيرة أخذت تتميز بالكلاسيكية الهادئة كالسلفر الأسود والأبيض على عكس الألوان التي كانت رائجة سابقاً كالموف والأخضر والوردي. ولم يلغِ اعتماد ربطات العنق بتدرجاتها اللونية في بعض المناسبات، خصوصاً عندما يرغب الزوج في إحداث تناغم بين اللون الذي اعتمدته زوجته لفستانها ولون ربطة العنق، كما أنّ الشكل الأمريكي العريض لربطات العنق انتهى، مقابل القصات الإيطالية الرفيعة، وفي حين لا تناسب الربطات الرفيعة الرجل الممتلئ، تبقى ربطة العنق متوسطة الحجم رائجة لتناسب تنوع الأذواق.
وينصح خبراء الموضة على ضرورة تثبيت عقدة ربطة العنق لذلك لابدّ أن تكون ذات قياس دقيق وصحيح لتكفل لعقدة ربطة العنق بتثبيت طرفيها براحة وأناقة، هذا بالإضافة إلى استقرار عقدة ربطة العنق على وجه التحديد في المثلث الواقع بين جانبي اللياقة، وتثبت في تلك المساحة، وهكذا نرى أنّ أناقة الرجل لا تكتمل إلّا بتطبيق هذه التفاصيل الصغيرة مع غيرها من اللمسات الفنية الأخرى.
5- كلاسيكية الملابس:
يرى خبراء الموضة أنّ الملابس الكلسيكية لا تزال تتصدر طلبات الزبون كبنطلون القماش الأسود والكحلي والقميص الأبيض والأزرق، كما يعتبر الحزام المصنوع من الجلد الخالص هو رسمي يتماشى مع لباس المناسبات الرسمية ليعطي مظهراً كلاسيكياً، وهذه الموضة تعلن العودة إلى الشكل الرجالي الوقور والكلاسيكي الذي يدل على الاتزان، والحزام الذي يحمل أشكالاً هندسية أو رسومات كالنسر يعطي مظهراً رياضياً.
وينصح أصحاب الموضة الرجل أن يسعى إلى الأناقة التي تتسم بالبساطة، وإبراز ملامح الرجولة، فرجل الأعمال يبحث عن البدلات الرسمية، ويفضل أن يرتدي البدلة الكاملة في الصباح، والكلاسيكية في المساء. وبالنسبة لأزياء الرجل في مرحلة منتصف العمر تشهد هذه المرحلة العودة إلى الملابس الجريئة صاحبة الألوان والنقوش، فالرجل يزداد في هذه المرحلة اهتماماً بأناقته فتلفت انتباهه ألوان القمصان الغريبة كالبرتقالي والأصفر والفوشي، كما انّ طبيعة شخصيته تتحكم أيضاً في اختياره للألوان والموديلات إذ يرفض البعض منهم الخروج عن النمط الكلاسيكي، وتتنوع خطوط الموضة في أزياء الرجال بين البدلة البسيطة والألوان المتعددة.
الكاتب: د. فاضل البدراني
المصدر: كتاب فن الأتيكيت في بناء العلاقات الاجتماعية والدبلوماسية
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق