◄حدّد العلماء منذ عقود منطقة معالجة اللون في أدمغة القرود، واستنتجوا أنّ الدماغ البشري يعالج اللون بنفس الطريقة. ومع ذلك، فإنّ علماء الأعصاب في كلّية الطب بجامعة هارفرد استخدموا التصوير بالرنين المغناطيسي لتحديد منطقة استقبال الألوان في دماغ البشر، وخلصوا إلى أنّ هناك اختلاف طفيف بينهما، حيث تعالج المنطقة تلك عند البشر الصور الملونة والأبيض والأسود.
والأكثر من ذلك هو أنّ جميع المعلومات تذهب فوراً إلى مناطق الدماغ المسؤولة عن الحركة والاشكال والألوان، وتقوم بتحليلها بشكل لحظي. والعجيب في الأمر هو أنّ حتى المصابون بعمى الألوان قد لا يكونوا قادرين على التعرُّف على الألوان بشكلها الصحيح، لكنّ أدمغتهم لا تزال لديها القدرة لتمييز الألوان ومعالجتها بشكل صحيح.
ويدل هذا الاكتشاف على أنّ للألوان أهمّية أكبر بكثير ممّا كنا نعتقد، خاصّةً عندما يتعلّق الأمر بالدراسة أو العمل. لذا دعونا نتعرف كيف تؤثِّر الألوان على فعالية التعلّم والتركيز.
كيف يتعامل دماغنا مع الألوان؟
في عام 2002 اكتشف الباحثون أنّ عند استخدام الألوان في اختبارات تمييز العينات، فإنّها تعطي نتيجة أفضل بنسبة 5% إلى 10% عن استخدام الأبيض والأسود فقط. كما أنّ هذه النسبة تزيد عند استخدام ألوان واقعية، تعبّر بشكل صحيح عن هذه العيّنة، لأنّه يرتبط في ذاكرتهم بلون الكائن، بينما لا يحدث ذلك عند استخدام ألوان عشوائية.
ويدل ذلك على أنّ هناك مقاييس محدَّدة لكلِّ لون بذاكرتنا، فمثلاً عند التفكير في اللون الأخضر، سيأتي في ذهننا تلقائياً الغابات والأشجار، وعند التفكير في الظل، سنتذكر المخاطر، وهكذا.
كما اكتشف مجموعة أُخرى من العلماء أنّه عند النظر إلى صور الأشياء المعروفة، فإنّ ذهننا يملأها باللون المتوقع، رغم عدم وجوده. وعلى سبيل المثال: إذا كانت هناك صورة لموزة سوداء وبيضاء، فإنّنا سنتذكر تلقائياً شكلها وهي صفراء.
كيف تحفّز الألوان وظائف الدماغ؟
هناك عدد من الدراسات التي تشير إلى تأثير الألوان على أداء الدماغ، قد أظهرت عدّة نتائج محيرة. ومن المهم أن نتذكّر أنّ هذه النتائج مستمدّة من مراقبة البشر تحت ظروف مختلفة باستخدام محفّزات الألوان.
الأزرق: يعمل على تحفيز الإبداع، ويساعد على تحقيق حالة من الهدوء والاسترخاء، ولكن قد يزيد ذلك من مشاعر الاكتئاب. لهذا ينصح باستخدامه باعتدال، ولا يُفضّل المذاكرة في غرفة بهذا اللون لأنّه سيجلب الشعور بالنعاس. لكن إذا كانت خلفية الأوراق التي تدرس فيها أو تنفذ عملك عليها زرقاء، فهذا سيشعرك بالراحة، وهو شيء إيجابي.
الأحمر: يحفّز الغدد الكظرية، وبإمكانه توليد مشاعر التهديد، أو فرط الطاقة، اعتماداً على شدّة التحفيز التي يسبّبها. ومع ذلك فإنّه عندما يستخدم في الاستذكار والمهام التي تحتاج إلى شروحات تفصيلية، فإنّه يُحسّن الأداء والتركيز.
الأصفر: عند استخدامه بكميات صغيرة فإنّه يشعر الشخص بالسعادة، ومع ذلك فإنّه إن زاد عن اللازم فإنّه يؤدِّي إلى الشعور بالإجهاد، وهذا ما يفسّر أنّه غالباً ما نستخدم هذا اللون للرسائل التحذيرية.
الأخضر: يعمل أيضاً على الاسترخاء، ويساهم في تحسين الصحّة البدنية، لذلك يستخدمه المصممون في المستشفيات عادةً. وأشار الباحثون لفوائده في تقليل الضغط النفسي على الطالب، وإتاحة الفرصة أمامه للدراسة في هدوء.
الوردي: لهذا اللون تأثير مهدئ، وقد اكتشف الباحثون أنّه يساهم في تقليل معدل ضربات القلب، لذلك قد يقلّل من التوتر الذي يصحبه ضغط المذاكرة، خاصّةً قبل مواعيد الاختبارات.
البنفسجي: يزيد من الانتباه، والتركيز. لذا ينصح أن تظلّل به الجمل والعبارات التي تريد حفظها، حتى لا تغفلها، وكذلك عند وجود هذا اللون في غرفة مذاكرتك أو مكتب عملك فإنّ هذا من شأنه أن يجعلك يقظاً.
البرتقالي: يحفّز التفكير النقدي ويعزز الذاكرة. ويقترح أن تكون قاعات الاختبارات بهذا اللون لتحسين الأداء في الامتحانات، لكنّه يزيد من الشهية لذلك إن لم تكن تريد أن تجني المزيد من الوزن أثناء مذاكرتك، فلا تضع ذلك اللون في غرفتك، واستبدله بالأحمر أو البنفسجي، فلهما تأثير إيجابي على الذاكرة أيضاً.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق