تبدأ برائحة الجوارب.. وتنتهي بسرقة الأفكار
تختلف طبيعة تعامل الناس مع بعضهم عموماً، فما يمكن أن يكون مصارحة في مجتمع ما، قد يعني "وقاحة" في مجتمع آخر، أما انتقاد العيوب، وتحديداً التي تتعلق بالإتيكيت أو المظهر العام بدءاً برائحة الشخص أو إخراج الغازات من الفم بعد شرب المياه أو صوت الشخير عند النوم، وليس انتهاء برائحة الجوارب وعادة قضم الأظافر، فهي الجانب الأكثر إحراجاً في تعامل الناس مع بعضهم البعض.
ويرى كثير من الخبراء أنّ الناس في الغرب يعتمدون على الصراحة والمواجهة، من دون إساءة أو إحراج؛ لكننا نحن الشرقيين نعتمد على "جبر الخواطر" في كثير من الأحيان، وإذا واجهنا فقد تكون النوايا السيئة مخبأة أحياناً بقصد الإهانة أو التشهير. فهناك العديد من الأشخاص قد نصادفهم في حياتنا غير مهتمين بتبعات عاداتهم السيئة، فهل نصارحهم وكيف؟
ثرثرة وسيطرة وسرقة:
النساء تركن الغرور للرجال، فيما هم خصوهن بالثرثرة، أما السرقة فهي للأفكار ويتخصص بها الطرفان.
تجد ناهد المسوي موظفة، من الكويت، أنّ أفضل طريقة لمثل هذه التنبيهات هي ضرب الأمثال على أمل أن يفهمها الشخص المعني. وتابعت: "أخشى أن أصبح مؤلفة قصص درامية لكثرة ما أقوم به من التلميح لمثل هؤلاء الأشخاص، عبر قصص خيالية".
ويرجع علي محمد موظف في جهة حكومية بأبوظبي، أسلوب لفت النظر إلى علاقة الطرفين ببعضهما، حيث اختار وقتاً رومانسياً؛ ليقول لزوجته الثرثارة "لا أحب المرأة الثرثارة".
تعاني سارة أحمد، طالبة، من فلسطين من صديق ثرثار لها لدجة أنّه يقوم بإعادة ما قاله عدة مرات، تستدرك سارة: "كنت أقوم بتلخيص ما قاله بجملة لأفهمه أنّني أنتظر سكوته، وأنّ ما يريد قوله قد وصل".
كما انتبه أشرف غريب مدير علاقات عامّة، من مصر إلى ضيق زوجته، عندما كان يذهب للتسوق، فتفرده بقراره اعتبرته الزوجة عيباً، فلجأت إلى طريقة أن تطلب منه تغيير كلّ ما يشتريه، لأكثر من مرة، فصار يعطيها نقوداً ويقول لها: "إذهبي وحدك".
يتذكر الروائي محمد الناصر، من الكويت، صديقه الذي دأب على سرقة الأفكار والأخبار ونسبها لنفسه، يتابع محمد: "ذكرت له بمكالمة هاتفية ما حدث لي في إحدى دور النشر من محاولة أحد الزملاء تقليد اسم إحدى رواياتي، وهنا استشاط غضباً ورفض ما قام به زميلي وأخذ حذره".
روائح مختلفة:
في العمل وفي الاجتماعات العامة، وربما في البيت، لن يكون من المحتمل السكوت على رائحة أحدهم، لكن لفت النظر محرج بالنسبة للطرفين، برأي هبة المعداوي، فنانة تشكيلية، من السعودية، وكان حل مشكلة رائحة العرق مع زميلتها في غاية الحسايية، حيث أسقطت نتائج هذه المشكلة على نفسها، واصطحبتها إلى الصيدلية واشترت مزيل عرق لنفسها، تستدرك هبة: "لم تفهم مغزى الكلام، ولم أستطع إخبارها بشكل مباشر".
كانت زميلة رزان حلبي، من فلسطين، طالبة علوم سياسية، تعاني من رائحة العرق، ولم تكن تنتبه أنّ مَن حولها يتضايقون من هذه الرائحة، تتابع رزان: "أصبحت أشم نفسي أمامها، وكلما واتتني الفرصة أرش مزيل العرق، وأقول بصوت عالٍ: لا مافي ريحة".
لكن عبلة مسروجة، موظفة، من فلسطين، لا تتردد أن تقولها مباشرة للآخر، وتشير له عن رائحته، وتعتبر هذا من باب الوفاء للصداقة.
لم تجدر يارا سامي، محررة، من السعودية طريقة لتنبيه طالبة في المدرسة، على رائحة عرقها إلّا أن ترش أمامها عطراً، تعلق يارا: "كذبت وصدقت كذبتها، وقالت: أنا أضع عطر "كوباكو"، ومنذ ذلك اليوم أصبحت الفتيات بالمدرسة بأكملها يلقبنها "إيناس كوباكو".
فيما يعترف علي فتوح فنان تشكيلي، من مصر بسطل الماء الذي ألقته عليه زوجته، لتلفت نظرة إلى رائحة جسده.
تجد سها سعيد مهندسة ديكور في شركة خاصة بالإمارات، أنّ المصارحة في مثل هذه المواقف مطلوبة، سواء تقبلها الطرف المقصود أم لم يتقبلها، وتتابع: "صارحت زوجي برائحة جواربه المقززة، وأنّ عليه أن ينظف قدمه باستمرار، ورغم أنّ طريقتي لم تعجبه، إلّا أنّه انتبه لمشكلته".
مشكلة الجوارب:
لا حيلة عند الكثيرين، إلّا هجر الصديق الذي يخلع حذاءه ويجبرك على شم جاربيه، بشكل مباشر، لكن ماذا إذا كان صديقاً في المكتب نفسه، ويكرر فعلته كلّ يوم؟ هذه الحالة أجبرت براء عيسى، موظفة، من فلسطين على وضع كمامة على أنفها، وأخبرت زميل المكتب أنّ هناك تلوثاً في الجو، تعلّق براء: "لم يفهم ولم يتوقف عن خلع حذائه، إلى أن طلبت نقل مكتبي".
عند كلّ صلاة في جامع المصنع يصاب سالم الحسيني، مراقب جودة، من السعودية، بالاختناق من جوارب زميله، وحين فقد قدرته على السكوت طلب بصوت عالٍ من أحد العمال أن يحضر معطر جو، يتابع: "قلت لجميع المصلين: يا شباب، حاولوا ألا تقوموا بالوضوء على الجوارب؛ لأنّ ذلك يعطي رائحة غير محببة مع الحذاء، وصار بعدها هذا الزميل عند كلّ صلاة يقوم بغسل قدميه وتنشيفهما ولبس جوارب نظيفة".
هذا أنا "عادي":
إصدار الصوت أثناء الأكل من العادات غير المستحبة أمام الآخرين، ما اعتبرته سمر العنقري، طالبة إدارة أعمال، من السعودية، سيمفونية مخلولة المقاطع، عند صديقتها، تتابع: "سألتها بشكل مباشر: هل سمعتِ هذا الصوت؟ فلم تكترث وفي يوم سألتها: هل تشتكين من آلام في الأسنان؟ فقالت: لا، لماذا؟ فاضطررت لإخبارها بأنّها تصدر صوتاً أثناء مضغ الطعام، وببساطة غيرت عادتها".
تعوّد ابن عم سالم عبدالله، طالب في كلية الآداب، من السعودية، أن يصدر أصواتاً كلما شرب أو أكل وبعدها يتجشأ غير مبال بمن حوله، فاتفق سالم مع أخيه الصغير أن يتجشأ أمام الجميع، يتابع سالم: "وبّخته وبيّنت له أنّ ما يفعله مقزز، وكان ذلك أمام ابن عملي الذي تضايق لكنه خفف من عادته".
الشخير مشكلة الأزواج، لذلك لم تجد رانة نبهان، ربة بيت، من فلسطين، وسيلة للفت نظر زوجها إلى شخيره سوى تسجيل صوته وهو نائم.
طباع معيبة:
وبرأي هاني بدوي مدير مالي في جهة حكومية بدبي، أصحاب العيوب أنّهم ملمون أصلاً بعيوبهم. فهو "أعسر" يأكل ويكتب بيده اليسرى منذ صغره؛ لذا يجد الكثير من الناصحين له بضرورة استخدام اليد اليمنى، ويعتقد أنّ الاعتراض على الاختيارات الشخصية أمر غير لائق.
تلاحظ مريم، ربة منزل، من الشارقة، أنّ زوجها يهوى نكش أنفه أثناء السياقة، دون أن يستحي، كما تقول، فنقلت له شعورها تجاه هذه العادة السيئة، تعلّق: "كف عن ممارستها أثناء وجودي أنا معه بالسيارة، فقط"! وتعتبر مريم أحمد اختصاصية تحاليل في مستشفى بدبي أنّ اهتمام زوجها الزائد بمظهره عيب، وأنّ الرجل الحقيقي لا يفعل ذلك، تعلّق: "طلبت منه الطلاق وانفصلت عنه بالفعل".
وجد عادل عوض، موظف، من فلسطين، في الموضوع متنفساً؛ ليتحدث عن بعض عادات أصحابه، والتي له معهم قصص كثيرة، فأحدهم كان يحب أن يبصق على الأرض ثم يمسح البصاق بطرف حذائه يتابع عادل: "صرت كلما بصق على الأرض أذكره بأنّ قشرة موز قد تكون تحت حذائه، حتى أقلع عن هذه العادة". اعتادت هديل عابدين، ربة بيت، من فلسطين أن تبادر بإعطاء منديل لكلّ مَن يضع يده على أنفه، وتقول: "سلامتك مرشح أجيبلك محارم، وهكذا يلتفت أني أقصد أنّ منظره مزعج".
برأي جمال محمد شلواني، موظف بإحدى الشركات الخاصّة، بدبي أن لفت النظر غالباً ما يؤدي إلى العداوة، في حال لم يكن الأسلوب لائقاً، فقد انتقد أحد أصدقائه طريقة لبسه، قال: "حافظ على مظهرك؛ ليحترمك الناس ويقدروك"، يتابع جمال: "كان على حقٍ ولكن طريقته بدت مستفزة، جعلتني عنيداً ومتمسكاً بلباسي".
اعتاد أحد أصدقاء طارق الشطي موظف، من الكويت، بالمبادرة في طلب وجبات من مطاعم مميزة، لأصدقائه، يستدرك طارق: "انتبه أنّني لا أشاركهم الطعام، وعندما ألح عليّ قلت له "سأطلب معك الوجبة بشرط ألا تتحدث وأنت تأكل، فاستوعب ما أعنيه بشكل كوميدي وابتعد عن هذه العادة السيئة".
يلتمس الإعلامي مبارك العبدالله، من الكويت، العذر لأولئك الذين لا يتقبلون النصيحة، لأنّها غالباً ما تأتيهم بقصد التجريح يتابع: "أنصح الناس من خلال مقاطع الفيديو عبر الانستغرام أو التويتر، وأربط النصيحة بآية قرآنية أو حديث نبويّ شريف".
مشاكل الأسنان:
تجزم سارة عبدالله، موظفة، من السعودية أنّ صديقتها لم تغسل أسنانها أبداً، والحل كان بغسيل الأسنان بالفرشاة التي اصطحبتها معها إلى المطعم، وهي برفقة تلك الصديقة، تتابع سارة: "ردت عليَّ وقالت: فكرة جميلة، غداً سأشتري فرشاة أسنان خاصّة للعمل".
كانت ميسم صلاح، طالبة، من فلسطين، تريد أن تلفت نظر صديقتها المخطوبة لأن تنظف أسنانها الصفراء تتابع ميسم: "اهتمت بكلّ شيء ما عدا أسنانها، فأرسلت لها رابط صفحة طبيب أسنان لديه حملة تخفيضات على تبييض الأسنان لفترة محدودة، واتفقت معها أن نذهب سوياً ودفعنا مبلغاً بسيطاً، وخرجت سعيدة لأني اهتممت بها ولفت نظرها لشيء لم يخطر ببالها وربما يزعج خطيبها وأهله".
كان لدى نورا ممدوح علاقات عامة من مصر، صديقة ذات فجوات بأسنانها، وهي تعتبر ذلك من أسباب جاذبيتها، ولم تقتنع أنّ شكلها غير مقبول، إلّا عندما قابلت طبيب أسنان، وشرح لها خطورة ما هي عليه على الأسنان بالباقية.
مشاهير وعادات سيئة:
1- لدى اللاعب الإنكليزي ديفيد بيكهام، عادة سيئة جدّاً، وهي وضع أصبعه في أنفه! ويبدو أن هذه العادة السيئة قد ورثتها ابنته هابر، حيث التقطت لها عدسات الباباراتزي عدة صور متبعة هذه العادة أثناء عرض أزياء لوالدتها المصممة فيكتوريا.
2- تغسل النجمة جيسيكا سيمبيسون، شعرها مرة واحدة أسبوعياً، لخوفها عليه.
3- لا يستخدم النجم براد بيت الصابون أثناء الاستحمام خوفاً على بشرته! وقد اشتكت أنجلينا جولي في العديد من المرات من رائحته، لكنها هي الأخرى لا تقوم بتنظيف أسنانها، حيث اشتكى براد بيت من رائحة نفسها الكريهة؟
4- تشكو بريتني سبيرز من عادة قضم الأظافر، ويبد أنّ هذه الحالة مرتبطة بحالتها النفسية، والعصبية، حيث تعمد لممارستها كلما توترت أعصابها.
5- تهمل النجمة ليندساي لوهان غسل يديها، فقد التقطت لها عدسات الباباراتزي صوراً ليديها المتسختين، وأثارت هذه الصورة استغراب وسائل الإعلام.
الرأي الاجتماعي:
هناك لفت نظر بناء، وآخر الغرض منه الإحراج، حسبما قال الدكتور فياض العجمي الأخصائي الاجتماعي من السعودية، وقد يحصل أن يتم التنبيه في المجتمع السعودي أمام الجميع، فيصل الأمر بالطرف الآخر إلى الصراخ دفاعاً عن نفسه، يعلّق العجمي: "الأفضل ألا نوقع الطرف المقصود فريسة للإحراج، وننبهه بشكل سري".
برأي الدكتور سالم السالم الخبير الإماراتي لقيادة وتنمية الموارد البشرية، أنّ النقد الإيجابي خاصّة بين الزوجين في الإمارات أصبح عملة نادرة، فكثيرون يتقبلونه من محيط الأسرة بكثير من الامتعاض وبرحابة صدر من الأصدقاء: "يتصورونه من الأسرة أنّها قاس ومن باب الغيرة، أما انتقادات الزوجة فالبعض يرى أنّها تستحق الإهمال أو العناد".
من ضمن عيوب الشخصية المصرية "الفهلوة"، كما تقول الدكتورة هدى زكريا – أستاذ علم الاجتماع، من مصر، تتابع: "وهذا يخلص إلى الجدل الذي يتسبب في أزمات كثيرة" في الكويت، كما يجد أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسن الموسوي أنّ الغالبية لا يتقبلون النصيحة بصدر رحب ويتم تأويلها بسوء نية بعيداً عن هدفها المقصود. يتابع: "كثيرون يكررون تلك العادة السيئة نكاية بمن نصحهم. فيما نسبة تتجاوز الـ70% من النساء يرينها مهينة أو بسبب الغيرة والازدراء والتحقير".
وأهم مشاكل لفت النظر، في فلسطين، حسبما يؤكد أكرم غنام، أخصائي اجتماعي هي أنّ الطرفين لا يتقبلانها ما يتسبب بالطلاق، يتابع غنام: "قد تلجأ الزوجة لأُمّ الزوج أو شقيقته؛ لكي تلفت انتباه زوجها لهذا العيب ولا تستطيع الحديث معه مباشرة، وفي فلسطين يستحيل لفت نظر شخص إلى ملابسه الرثة أو أثاث بيته أو ممتلكاته؛ لأنّ الوضع السيئ على الجميع تقريباً، ورائحة العرق باتت عادية، بسبب انقطاع المياه".
المصدر: مجلة سيدتي (مجلة المرأة العربية) العدد 1826 لسنة 2016م
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق