• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإدارة.. بين التحدّي والإستجابة

عبدالكريم راضي

الإدارة.. بين التحدّي والإستجابة
◄"يمكن تشبيه الصَّراع بالحديث حول الطقس، فهو تارة يكون بجانبنا بغض النظر عما نقوم به، وتارةَ ضدّنا، لذا فإنّ مهمتنا أن نعمل على تقليل ضغطه المعاكس لنا". (كينت سول) إنّ مفهوم الصراع معناه الواسع، مفهوم عام، ينطبق على كل الحياة التي يحياها بنو البشر.. منذ بدء الخليقة، الصراع مع النفس، الصراع مع الطبيعة والعالم المحيط بالإنسان.. والغابة، المناخ، كسب القوت.. الصراع بين البشر إلخ. ولكن ما يهمَّنا هو الصراع الخاص بالجوانب التي تتعلق وتحيط بالعمل الإداري، المؤسسات، هذا التحدي العملي.. ونوع الإستجابة له.. الردّ عليه.. بالتخطيط والعمل المنظِّم.. التحدي هنا ليس رجلاً أو جسماً مادياً أو كتلة.. إنما هو مجموعة عوامل مضادة متنوعة تتمثل بكثير من التراكمات المؤثرة، أو العقبات المعاكسة التي تقف بوجه استراتيجية العمل الإداري وتحاول إعاقته، كالنظم السابقة، والروتين المتراكم، والمؤسسات الأخرى المشابهة.. إلخ. إنّ نجاح الإدارة، أو المؤسسة، في هذا التحدي.. ليس مسألة حظ أو نصيب.. بل هي مسألة تخطيط وثيق مبني على التفكير الثاقب الشجاع المرتكز على الحقائق الموضوعية المدروسة.. ولكن ليس على التفكير الطويل القلق الذي يقود إلى التردُّد ثم إلى التخاذل. "ولا تُحمّل الأمور أكثر من طاقتها.. ولا تجعلها تتراكم كثيراً على قلبك فلا أحد في الحقيقة يخسر قبل أن يصاب بالوهن". وأحلى ما في التحدي هو أن نجعل مجابهته هواية.. وعندها يبدأ التحدي بالانحسار.. وكلما مضينا في إصرارنا.. كلما تراجع وتلاشى.. فعندما تشتد المسيرة تقوى.. تبدأ الشدائد بالانفراج.. ومن لا يحتمل العُسر لن يعيش ليرى اليُسر. وبعودة سريعة إلى تاريخ الإنسان منذ ظهوره على هذا الكوكب.. نعرف كم كان صراعه مع تحديات الطبيعة.. وانتصاره على العقبات التي جابهته بواسطة جهازه الإداري الصغير نسبياً "العقل"، وبهذا العقل تغلَّب على تهديدات الطبيعة والمخلوقات المحيطة به.. إنّه التفكير الخلاق المواجه للتحديات: العقل المنظم.. هذا الجهاز الديناميكي الفعّال.. الذي جعله يغلب مخلوقات ومشاكل أكبر منه باضعاف.. وهنا لابدّ أن نُذكِّر الخبرة ودورها.. الخلفية الثقافية، قوة الأعصاب والشكيمة.. الصبر والعمل الدؤوب المستمر.. وأول ما يجب على المدير أو الرئيس أن يقوم به في هذا المجال هو: -        القيام بتقسيم العوائق، أو التحديات الرئيسية إلى أجزاء متفرعة. -        تحويل هذه التفرّعات إلى أهداف مسلسلة حسب أهميتها في الأولوية (أو العدوانية!) لأنها تحديات حقيقية. -        توزيع هذه الأهداف على الأقسام أو الأفراد من المساعدين والموظفين بشكل مدروس ومحسوب، وفق جدول زمني متوازن.. لتنفيذها حسب ذلك. -        يجب أخذ الحقائق مجرّدة مهما خالفت الرأي المسبق أو السائد. -        لابدّ أن يتم ترتيبهم في نظام منطقي. ويمكننا في هذا المجال أن نسائل أنفسنا: "هل كان من الممكن "لروبن هود" أن يكون بطلاً عظيماً في الرماية لو لم يكن يسدّد نحو الهدف قبل الإطلاق؟!" كلا بالطبع. ويوجد الكثير من المدراء والإداريين بالطبع، ممّن ينفَّذون المهام بدون غرض واضح، بلا نتائج نهائية واضحة.. ولا سبيل لمعرفة ذلك سواء أكانت ناجحة أم لا. وفي أوليات النجاح في مجابهة تحديات العمل، وكذلك أوليات العمل ذاته (أي عمل) ومنذ البداية.. أن يكون له وضوح في الأهداف.. وأن يكون هناك ترتيب ووضوح.   في الأولويات... لماذا؟! ·       الأهداف الواضحة تؤشّر حدود الواجب أو المهمة التي يقوم الشخص بتنفيذها ويرتكز نشاطه عليها. ·       بدون أهداف واضحة فإنّ المهمة قد تنتهي بشكل حسن! ولكنها ستكون مختلفة تماماً عما كان الشخص يقصده! ·       لا يمكن للبشر أن يجدوا الحافز أو الباعث على تنفيذ مهمة أو مشروع إذا لم يتأكدوا مما هو متوقع أو مطلوب منهم ولماذا يقومون به، وماذا سيقال لهم بعد النجاح.. حين نُصوّب على الهدف.. فإننا سنطلق النار بطريقة عشوائية.. في الهواء ومن المحتمل أن نصيب شيئاً، ولكنّه قد لا يكون الهدف الذي نريده. وهكذا فإنّ المدراء بهذه الطريقة يظلون يحرزون شيئاً ما، ولكنه سيكون الهدف الخاطئ إذ لم يصوبوا نحو الهدف المطلوب والصحيح ولابدّ للإدارة الفعّالة والناجحة أن تعمل الشيء الصواب. ولتكن الأولوية دائماً لوضوح الهدف المقصود في العمل. وهكذا المبدأ أو الطريق ليس تكنيكاً صعباً معقداً، وإنما هو سلسلة من الأسئلة تطرح قبل البدء بتنفيذ المهمات أو الأهداف خيراً من أن يتمُّ عقد اجتماعات مطولة بلا أهداف واضحة.. ولابدّ أن نؤكد هنا أنّ العدو الأوّل في تنظيم الأهداف هو: المرونة المبالغ فيها.. والتي تُسبّب التَسيّب والتأجيل.. وخلق الحجج والمبرّرات.. لأنها تسبب التهاون.. والمجاملات.. على حساب الأهداف المقررة.. وربما تقود إلى تنفيذ أهداف الغير!! وبالتأكيد فإنّ الإنسان الذي يمتلك الهدف سيتغلب على من هو بدونه. وهنا يكمن التحدي.. وتبرر الاستجابة. وبهذا الوضوح.. وبروح الفريق الواحد في الإدارة.. تبدأ الاستجابة للتحدي مهما كان نوعه.. وتبدأ الحلول بالتتابع.. وثق.. كما أن لكل داء دواء.. فإن لكل مشكلة حل..►   المصدر: كتاب المدير الناجح والتخطيط الإداري الفعّال

ارسال التعليق

Top