◄إنّ أول درس يتلقاه الطفل بروعة تامة بين أعضاء أسرته فيما يخص "تحمل المسؤوليات"، هو عندما يقبل الأبوان وبروح مفعمة بالمحبة والرقة على تشجيع ولدهما البالغ ثلاث سنوات من العمر لتنظيم لعبه المبعثرة فيقوم بيديه الصغيرتين بوضع كلّ منها في محلها. وهذا مايوضح لطفل الأمس هذا عندما يلج مرحلة الشباب الزاخرة ان تحمل المسؤوليات يعني قيام كلّ شخص بالأعمال الملقاة على عاتقه على أفضل وجه ممكن.
إننا عندما نمتنع عن النظر الى المسؤوليات الصغيرة والبسيطة بعين الإحتقار بل نعتبرها محك شخصيتنا، سنشعر أن الأعمال لا تقسم إلى صغيرة وكبيرة بل تمتاز جميعاً بالأهمية فيما لو أثبتنا جدارتنا في حسن القيام بها.
تبعات تبني الشباب للمسؤوليات
مع أن آثار وتبعات تبني المسؤوليات بدرجة من السعة تسلبنا القدرة على تبسيطها خلال نظرة سريعة ولكننا سنتطرق هنا إلى قسم من أهم هذه التبعات:
1- ترسيخ الشعور بالجدارة: إن شعور "تحسين الذات" لا يعتري الإنسان إلا عندما ينجح في إثبات جدارته الذاتية، وهذا ما يتيسر عن طريق التأهب الواعي لتحمل المسؤوليات.
2- تقدير الحياة حق قدرها: لا يقدر الحياة حق قدرها عادة إلا من سعى لها وبذل الجهود وتحمل المعاناة والمسؤوليات من أجل تطوره ورقيه فيها.
3- الاستعداد لتحمل المسؤوليات الجسام: إنّ القيام بالمسؤوليات والواجبات إضافة إلى منحه الإنسان شعوراً بالارتياح النفسي، فإنه يزيد من ثقة الشباب بأنفسهم ويكسبهم الشعور بالاطمئنان إزاء قدرتهم على تحمل مسؤوليات أعظم وأوسع نطاقاً.
4- تعزيز مسيرة إعادة البناء والتنمية: يكمن الإمعان في موضوع تحمل الشباب للمسؤوليات من بعدين، أحدهما: البعد الفردي وتبعاته على بناء شخصية الشاب، والآخر: البعد الاجتماعي وآثاره على المجتمع. إن مجتمعنا وهو يمر بمرحله إعادة البناء، بحاجة إلى شعور ابنائه لا سيما الشباب بالمسؤوليات وتحملهم واجباتهم في مجال أداء أدوارهم الأساسية أكثر من أي وقت مضى.
رسالتنا ومسؤوليات الشباب
من الطرق التي يمكن إتباعها بغية تشجيع شبابنا للقيام بواجباتهم وتحمل مسؤولياتهم، هي:
1- توعية الأبوين بواجبهم في مجال تفوض المسؤوليات المناسبة إلى أبنائهم منذ الصغر.
2- توضيح أهمية النشاطات الخارجة عن نطاق الدروس بغية تبلور الشعور بالسمو والنبوغ.
3- إطلاع المربين والمعلمين على دور المسؤوليات المدرسية الداخلية في إجتياز مرحلة إعادة البناء التي يمر بها المجتمع.
4- شرح هذه النقطة للشباب وهي ان الفعل أقوى على كشف الجدارات من الكلام.
5- إطلاع الشباب على الآثار الثمينة الفردية منها والاجتماعية لتحمل المسؤوليات.
6- القيام بتوضيح معالم العلاقة بين تحمل المسؤوليات البسيطة من ناحية وازدياد الثقة بالنفس من ناحية أخرى، بشكل منطقي مبني على قواعد علم النفس.
7- توضيح العلاقة بين أداء المسؤوليات البسيطة الجسيمة بشكل منطقي وأصولي.
8- تشجيع الشباب لتحمل المسؤوليات الشخصية والأسرية من أجل نيل تجارب معتبرة ومؤهلة لتحمل المسؤوليات الاجتماعية.
9- تشجيع الشباب للعمل على توسيع دائرة معرفتهم وزيادة معلوماتهم العامة بغية التأهب لتحمل المسؤوليات عن وعي وأدائها بنجاح.
10- نشر سير الشخصيات العصامية ورواد الفكر بهدف حث الشباب على العمل الواعي والابداع الفكري.
11- فهم الأصل السيكولوجي الذي يقول أن الإنسان يتمتع بـ"عمر زمني"و "عمر عقلي". ونعني بالعمر الزمني مايدون في جنسية الإنسان أو هويته الشخصية، و"العمر العقلي" هو مدى النضج العقلي والقدرة على إدارة شؤون الحياة. وكذلك التأكيد على ازدياد العمر العقلي عادة جراء تحمل المسؤوليات المعقولة والمناسبة وادائها بنجاح، وعلى أنّ ذوي العمر العقلي الذي يويد عن عمرهم الزمني يتمتعون بمكانة مرموقة وموثوقة في المجتمع.
12- لفت انتباه الشباب إلى أنهم في جميع الأحوال تحت رعاية الله وأنّ الله شاهد عليهم عند تحمل أعباء أية مسؤولية. إنّ هذا الأمر يؤدي إلى تبلور الضمير الخلقي لدى أبناء هذا الجيل عند تحملهم المسؤوليات.►
المصدر: كتاب الشباب والقوة الرابعة للحياة
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق