◄إستوقفتني عبارة كتبها فتى في فيسبوك مازحاً يقول فيها: "بعد أن تعطل النت عندي إضطررت إلى الجلوس مع عائلتي وتركت كومبيوتري فاكتشفت إنهم "حلوين" والجلوس معهم ممتع ولكنه للأسف إكتشاف متأخر"!! هذه العبارة جعلتني أعاود تصفح صفحات المشتركين سواء على تويتر أم فيسبوك وإكتشفت عدداً متضخماً من أعمار تحت العشرين وتحت الخامسة عشرة وبتواجد سخي جدّاً وبأغلاط إملائية ونحوية ولغوية لا تطاق وبأفكار غريبة ومستهجنة والبعد عن قبول الآخر والإندماج بمجتمع مفترض به إنّه يضم الجميع دون إستثناءات مقيتة.
- ساعة واحدة:
تشير الدراسات النفسية والتربوية المواكبة لتعلق الأطفال والشباب بالكومبيوتر إلى إن هذا التعلق يأتي على حساب إهمال الأطفال الصغار لهواياتهم المفضلة أو تراجعهم عن التواصل مع أسرتهم، كأن لا يشاركوا في تأدية واجبات معينة داخل الأسرة أو التفاعل مع الأحداث التي تطرأ عليها بالإضافة إلى إضطرابات النوم أو تراجع مستوى التحصيل الدراسي، كلها تعد من المؤشرات الأخرى الدالة على الإصابة بإدمان الكمبيوتر.. وحتى نعرف أن نحدد معنى كلمة إدمان فإن علينا أن نحلل عدد ساعات الجلوس أمام الحاسوب.
وعلى سبيل المثال ينبغي ألا يستخدم الأطفال الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة إلى خمسة أعوام الكمبيوتر لمدة تزيد على 30 دقيقة يومياً، بينما يمكن للأطفال حتى 10 أعوام إستخدام الكمبيوتر لمدة ساعة واحدة يومياً على أقصى تقدير. وبالنسبة للشباب، فلابدّ أن لا يتخطى معدل إستخدامهم الكمبيوتر ثماني ساعات أسبوعياً.
وفي حال عدم إلتزام الأطفال بذلك، فإنّ الأمر يشير إلى انّ الطفل أصبح في مرحلة متأخرة من إدمان الكمبيوتر، ولابدّ من البحث عن أسباب إدمان طفلهم الكمبيوتر وعلاجه أيضاً.
- لغة جديدة:
ظهور لغة جديدة بين الشباب تتميز هذه اللغة بأنها مصطلحات خاصة لا يعرفها إلا من يعاشرهم باستمرار ويعرف تلك المصطلحات التي يستخدمها الشباب في محادثتهم عبر الإنترنت مصطلحات تهدد مصير اللغة العربية! تحولت إلى رموز وأرقام مثل الحاء "7" الهمزة "2" والعين "3".. إلخ.
عدد مستخدمي فيسبوك العرب تزايد بنسبة 75% خلال العام الماضي وهناك مليون عربي يستخدمون الفيسبوك والغالبية العظمى من المستخدمين شباب تحت سن 30 عاماً.
يعتقد أغلب الشباب إن بامكانهم تغيير الأنظمة والمجتمع والتوجهات وإحداث ثورات باعتبار إن عصر الشبكات الإجتماعية قوة لا يستهان بها لا سيما أنها تستقطب أعداداً كبيرة من الشباب في مختلف أنحاء العالم.
إنشاء العديد من المسؤولين والشخصيات السياسية مواقع لهم ضمن الفيسبوك وتويتر ودخولهم في نقاشات مع المتصفحين والرد على الشتائم أحياناً والإنتقادات السلبية بأسلوب يقترب من الحاكم والمحكوم مما شجع على زيادة التعليقات الجيِّدة والسيئة.
- التكنولوجيا المظلومة:
إن الإستخدام الصحيح للتكنولوجيا مهم ومؤثر في تنمية الإدراك وذلك من خلال الإشارات التالية:
- يعتبر الحاسوب بما يتضمنه من برمجيات مختلفة أهم أدوات تكنولوجيا المعلومات والإتصالات، فقد أكدت نتائج الدراسات والبحوث العلمية أن إستخدام برمجيات الحاسوب يؤدي إلى النمو اللغوي والمعرفي والعقلي لدى الأطفال، كما أكدت نتائج بعض الدراسات فاعلية برمجيات الحاسوب في تنمية أنماط التفكير لدى الأطفال مثل: التفكير الإبداعي والتفكير العلمي والتفكير الناقد.
- خلال التفكير الإبداعي يكتشف الأطفال علاقات جديدة، ويسعون إلى إنتاج حلول وأفكار جديدة ومتنوعة، وذلك عندما يواجهه موقف جديد أو يتعرض لمشكلة ما. ويسهم الحاسوب في تنمية الإبداع عند الأطفال من خلال مزاياه المتعددة؛ حيث يتيح لهم فرصة إختيار ما يرغبون في تعلمه وإكتشافه، وإستخدام إستراتيجيات متعددة لحل المشكلات التي تواجههم، كما يوفر لهم حرية التجريب بغض النظر عن النتائج المترتبة على ذلك، ويطور تعلمهم المبكر للقراءة والكتابة، وينمي مهارات التواصل لديهم، ويعزز نموهم الحسي الحركي، فضلاً عن الإرتقاء بقدراتهم العقلية.
- الأسرة:
للأسرة دور مهم في تنمية الإبداع لدى الأطفال، فهي التي تزرع البذرة التي تنبت منها شجرة إبداع الطفل، وذلك من خلال توفير بيئة صحية خالية من المشكلات مليئة بالحب والحنان والنصح والإرشاد لكل سلوك يقوم به الطفل، فإتاحة الفرصة للأطفال للتعامل مع الحاسوب يكسبهم الإعتماد على أنفسهم في التعلم، كما يكسبهم الثقة بالنفس.
وقد يتولد الخوف لدى كثير من أولياء الأمور على أطفالهم الذين يستخدمون الحاسوب بمفردهم معتقدين أن ذلك يصيبهم بالعزلة ويفقدهم المهارات الإجتماعية اللازمة للتواصل مع الآخرين، كما أنهم يتخوفون من المشكلات الصحية التي قد تصيب الأطفال نتيجة إستخدامهم للحاسوب لفترات طويلة، ولكننا إذا إستخدمنا الحاسوب بصورة ملائمة لن يؤدي إلى تلك المخاوف، فقد أكدت معظم البحوث التربوية أنّ الحاسوب يقدم فرصاً تعليمية فعّالة للأطفال عندما يستخدمونه بطريقة صحيحة وملائمة.
- الواقع الاجتماعي:
أفرز الواقع الإجتماعي متضادات كثيرة دخلت في أدق التفاصيل الحياتية ومنها التكنولوجيا وساعدت مواقع التواصل في إستلام ردود أفعال سريعة على الأحدات الجارية وساهم بعضها في تغيير النمط السياسي السلبي إلى إيجابي وساعد في إماطة اللثام عن بعض الأسرار والوثائق ومجريات الأمور الغامضة لكن في بعض من هذه المجريات لم يخل الأمر من مطبات تسببت بأضرار إجتماعية مرفوضة وساهمت في إيقاظ بعض الخبايا المريضة في نفوس تنتظر فرصتها في إصطياد الشباب والأطفال إلى زوايا تمثل خطراً على المجتمع وهنا يأتي دور الأسرة والمدرسة والمؤسسة التربوية العامة في تأشير الخلل ورفضه ليكون إستخدام التكنولوجيا مفيداً كما هو سبب وجودها الذي ساهم في التغيير الحقيقي للمجتمعات نحو الأفضل وليس نحو الأسوأ كما يفعل البعض مؤشراً تخلفه الإنساني والحضاري والفكري.►
*كاتبة في مجلة النرجس/ العدد 57 لسنة 2013م
ارسال التعليق