◄الشباب طاقة هائلة لو أحسن تصريفها وتوجيهها، لكانت سبباً في إيجاد الحضارة الراشدة، والحياة الآمنة.
فالإنسان بطبعه يحب المال: "لو كان لابن آدم واديان من ذهب، لابتغى ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب".
ويحب الجمال. ويحب الجاه.
والتربية الهادفة والمربي الذكي يأخذ بيد الشاب فلا يحرّم عليه ذلك ولكنه يصرفه نحو الخير، فتتحول الطاقة من معول هدم يهدم النفس إلى عامل بناء يبني النفس ويبني المجتمع.
حسن استثمار وقته:
والوقت طاقة وهي من أخطر الأمور، فلا يمكن لإنسان بمفرده ولا لجماعة أو أمّة أن تفلح ما لم تنظم أوقاتها وتضع كلّ شيء في نصابه.
قال رسول الله (ص): "لا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيما فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه".
وفي الحديث قال رسول الله (ص) لرجل وهو يعظه: "اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك".
الطاقة الروحية:
ومع تفتحه النفسي والعقلي والعاطفي فإنّ الشاب يحسّ بالتفتح الروحي في هذه المرحلة، وهو الشاب الذي نشأ في طاعة الله وأثنى عليه رسول الله (ص) وأخبر بأنّ الله يظله بظله يوم لا ظل إلا ظله.
وطريقة الإسلام في تربية الروح هي أن يعقد صلة دائمة بينها وبين الله، في كلِّ لحظة وكلِّ عمل وكلِّ فكرة وكلِّ شعور.
فهو من ناحية يثير حساسية القلب بيد الله المبدعة في صفحة الكون والنفس، لتحس دائماً بوجود الله، وقدرته المطلقة التي ليست لها حدود.
ومن ناحية يثير حساسية القلب برقابة الله الدائمة عليه، فهو مع الإنسان أينما كان، هو مطلع على فؤاده، عالم بكلِّ أسراره.
ومن ناحية يثير في القلب وجدان التقوى والخشية الدائمة لله، ومراقبته في كلِّ عمل وكلِّ فكرة وكل شعور.
ومن ناحية يثير فيه الحب لله، والتطلع الدائم إلى رضاه.
ومن ناحية يبعث فيه الطمأنينة إلى الله في السراء والضراء، وتقبل قدره بالتسليم والرضاء، الهدف في النهاية واحد، هو وصل القلب البشري بالله.
وتستطيع التربية الإسلامية أن تعمق هذا الإقبال على الله وتوجهه إلى حب أصيل وعميق في نفس الإنسان تجاه خالقه وأسرته وزملائه ووطنه والناس أجمعين.
ومن وسائل هذه التربية الربانية: الجليس الصالح، وصحبة المسجد، وتلاوة القرآن، ومعايشة السيرة للتعرف على أحوال النبيّ (ص) في جميع ظروفه وأن يكون اللسان رطباً بذكر الله، والقلب مشغولاً بدين الله، والعقل مشغولاً في التفكير بخلق الله.
والذكر هو كلّ عمل كريم يتجه إلى الله في الهدف، قال الصحابة: ويحَ هذا لو كان عمله في سبيل الله، قال الرسول المعلم (ص): "لا تقولوا هذا، إن كان يسعى من أجل أبوين شيخين فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه ليكفها عن السؤال فهو في سبيل الله".
والذكر هو كلّ عمل يتجه إلى الله في البناء، فالرجل يقاتل للذكر ويقاتل للمغنم ويقاتل ليرى مكانه فأي ذلك في سبيل الله، قال الرسول المعلم (ص): "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".►
المصدر: كتاب التربية ودورها في تشكيل السلوك
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق