◄المراهقة وما تحمل من تطوّر وتوتر وما تتميّز به من صفات ومظاهر تكوينية إنّما هي مرحلة تكوينية يمرّ بها الإنسان الطبيعي شاء أم أبى. فالطفل إذا ارتقى سلم الحياة الصاعد فسيصبح رجلاً ولكنه في الطريق نحو الرجولة لا يقفز إليها قفزة واحدة بين عشية وضحاها بل لابدّ له أن يراهق ولابدّ أن تستمر مراهقته أعواماً معدودات.
ولعلّ المراهق لا يستطيع التحكم بما لديه وما يجابه كما أنّه قد لا يصيب التفسير أو الإدراك لكثير ممّا يعانيه، ولكن الراشدين حوله الذين يملكون أفقاً أوسع والذين خبروا الحياة عليهم واجبات يمليها عليهم المجتمع والتربية والأُسرة وأهم تلك الواجبات:
1- أن يكون موقف الآباء والمدرّسين من المراهق موقفاً إيجابياً بنّاءً يقوم على أسس الفهم العميق لتكوينه والعطف على مشكلاته، والتوجيه الصحيح في الوقت المناسب.
2- لنكن صريحين معه ولنساعده على معرفة حقائق جسمه ووظائفها وذلك إنما يكون بتشجيعه على دراسة كتب الصحّة الجسمية والصحّة النفسية وإرشاداتها والتشريح الإنساني بشكل بسيط إضافة إلى توجيه خلقي وديني ورياضي يسمو به بعيداً عن الانحراف الجنسي وتفتح له ميادين عملية وتستنفذ الفائض من طاقاته الجسمية بطريق عملي وأخلاقي سليم.
3- تهيئة الأجواء والمناسبات للتعرف على ثلّة من الأصحاب الذين يلائمون ميوله الطبيعية وهواياته البريئة فهو أشدّ تأثيراً بأصدقائه ويقضي معهم أكثر أوقاته وأسعدها في جدّه ولهوه فالحياة الاجتماعية لها أثير كبير في حياة الإنسان في شتى سني عمره ولكنه أشدّ تأثيراً في مرحلة المراهقة حيث يحاول الاستقلال الشخصي عن سلطة الأسرة والمنزل وعن تبعية الراشدين.
4- على كلّ من الآباء والمدرّسين أن يجعل من نفسه للفتى المراهق أخاً أميناً محباً وليكن على اتصال دائم به واتصاله به إنّما هو بشكل غير مباشر وعلى مستوى أخوي فذلك يشجعه على مصارحتك بمشكلاته وممّا يعينه أيضاً على حلّها فإذا صارحك بشيء من أموره الخاصّة فاحفظ سرّه وقدم له التوجيه اللطيف بطريقة غير مباشرة واحترام رأيه إن خالفك وراع طموحه في الاستقلال.
5- إقامة مؤسسات يرتادها المراهقون والشباب لشغل وقت الفراغ في قراءة أو سماع أو عمل معاشي، اجتماعي، نشاط ديني، خيري، رياضي، رحلات.
6- تأسيس عيادات نفسية وصحّية لإرشاد المراهقين والشباب فيما يصادفونه من أزمات ومشكلات.
والعيادة تضم طبيباً نفسياً وآخر جسمياً وأخصائياً اجتماعياً وتمتاز العيادة النفسية بالسرية الكاملة لمن يزورها ولما يجري فيها من أحاديث. والمراهق أو الشباب يجد حرّية في الحديث عن صعابه ومشكلاته إلى الطبيب النفسي بينما هو لا يستطيع أن يجد مثل ذلك مع والديه أو مدرّسيه.
7- كما أنّه لا يجوز أن ينتظر الآباء والمدرّسون من المراهقين أن يكونوا مثلهم، وعليهم أن يدركوا أنّ أبناءهم وطلابهم قد كبروا وأن يسمح لهم بقسط من الاستقلال الذاتي في الشؤون الثقافية ليختاروا الشخص الذي يريدون، وفي الشؤون الاجتماعية لينشأوا علاقات من الصداقة مع أقرانهم.►
المصدر: كتاب مشكلات المراهقة والانحرافات غير الواعية
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق