وفي آخر حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، كان يعطي وصاياه الأخيرة للناس، وكانت أول مواقفه في هذا الجانب في حجة الوداع، في مِنى، حيث قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «أيها الناس، اسمعوا مني ما أُبيّن لكم، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا. أيها الناس ـ وهذا الخطاب موجَّه إلى كل الناس في كل الأزمان ـ إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا ـ وهو يوم عيد الأضحى ـ في شهركم هذا ـ وهو شهر ذي الحجة ـ في بلدكم هذا ـ وهو البلد الحرام مِنى ـ ألا هل بلغت، اللهم اشهد...»، ثم قال بعد ذلك: «فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها. اتقوا الله في النساء، واستوصوا بهن خيراً. ـ أمهاتكم، أخواتكم، زوجاتكم، بناتكم ـ أيها الناس، المؤمنون أخوة، ولا يحلّ لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفسه، ألا هل بلغت، اللهم اشهد. لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم أعناق بعض، فإني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد. أيها الناس، إن ربكم واحد، وأباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى، ألا هل بلّغت»، قالوا: نعم، قال: «فليبلّغ الشاهد الغائب».
وانطلق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن حجّ حجة الوداع ليوصي وصيته الكبيرة، وصية الولاية والخلافة من بعده للإنسان الذي هو أولى الناس بالولاية والخلافة، للإنسان الذي قال له: «يا عليّ، أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي»، وقال: «عليّ مع الحق والحق مع عليّ، يدور معه حيثما دار». وصل إلى غدير خم، ودعا الناس إلى الاجتماع، وضُرب إليه منبر من أهداج الإبل، ورفع عليّاً حتى بان بياض إبطيهما للناس، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «أيها الناس، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم»؟ قالوا: اللهم بلى، فقال (صلى الل عليه وآله وسلم): «اللهم فاشهد، من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيثما دار»، وأمر المسلمين أن يسلّموا عليه بإمرة المسلمين.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق