• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

آداب الاستئذان في الإسلام

آداب الاستئذان في الإسلام

لقد جعل الله تعالى البيوت سكناً يفيء إليها الناس، فتسكن أرواحهم وتطمئن نفوسهم ويأمنون على عوراتهم وحرماتهم ويلقون أعباء الحَذَر والحرص المُرهِقة للأعصاب.

والبيوت لا تكون كذلك إلّا حين تكون حَرَماً آمناً لا يستبيحه أحد إلّا بعلم أهله وإذنهم وفي الوقت الذي يريدون وعلى الحالة التي يُحبُّون أن يلقوا عليها الناس.

من أجل هذا وذلك أدب الله المسلمين بهذا الأدب العالي ـ أدب الاستئذان ـ على البيوت والسلام على أهلها، لإيناسهم وإزالة الوحشة عنهم، قال تعالى: (يا أيها الذين أمنوا لا تدخلوا بيوتاً غيرَ بيوتِكُم حتَّى تستأنِسوا وتُسلِّموا على أهلها) (النور/ 27).

(1) تعريف الاستئذان:

هو طلب الإذن ممن تود زيارته حتى لا يُفاجئ بالزيارة في وقت قد يكون فيه مُنشَغِلٌ أو غير مستعد للزيارة فيه وذلك مراعاة لحرمة الإنسان وشعوره وحريته.

(2) حكمه:

    الاستئذان واجب على كلّ بالغ يريد الدخول سواء كانت في البيت أمه أم كانت أخته أو ابنته إلّا الزوج فليس عليه أن يستأذن للدخول وليس في البيت سوى زوجته.

(3) آدابه:

يجب على الآباء والمربين أن يُرشدوا أطفالهم الذين لم يبلغوا سن البلوغ إلى أن يستأذنوا على أهليهم (الوالدة، الوالد، الأخت) في ثَلاثةٌ أحوال هي:

1- من قبل صلاة الفجر لأن الناس إذ ذاك يكونون نياماً في فرشهم.

2- وقت الظهيرة (القيلولة) لأن الإنسان قد يضع ثيابه في تلك الحال.

3- من بعد صلاة العشاء لأنّه وقت نوم وراحة.

امتثالاً لقول الله تبارك وتعالى: (يا أَيُّها الذين أمنوا ليستأذِنكُمُ الذينَ مَلَكَت أَيَمانُكُم والذينَ لم يَبلُغُوا الحُلُمَ مِنكُم ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبلِ صَلاةِ الفَجرِ وحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُم مِنَ الظهِيرَة ومِنَ بَعدِ صَلاةِ العِشاء ثَلاثُ عَوراتٍ لَكُم) (النور/ 58).

أما إذا بلغ الأولاد سن الرشد والبلوغ فعلى الآباء والمربين أن يُعلِّموهم آداب الاستئذان في هذه الأوقات الثلاثة وفي غيرها امتثالاً لقوله تعالى: (وإذا بَلَغَ الأَطفالُ مِنكُمُ الحُلُم فَليستأذِنُوا كما أستأذنَ الذينَ مِن قَبلهِم) (النور/ 59).

ولا يخفى ما في هذه اللفتات القرآنية من اهتمام الإسلام في تربية الولد اجتماعياً وتكوينه سلوكياً وخُلُقياً، حتى إذا بلغ سن الشباب كان النموذج الحي عن الإنسان الكامل في أدبه وخلقه، وتصرفه واتزانه.

وللاستئذان آداب علمنا إياها رسولنا الكريم (ص) وهي:

أ ـ أن يستأذن ثلاث مرات: لقوله الرسول (ص): "الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك وإلا فارجع"، ويقول مالك: "الاستئذان ثلاث لا أحب أن يزيد أحد عليها إلا من علم أنه لم يسمع فلا أرى بأساً أن يزيد إذا استيقن أنّه لم يسمع".

ب ـ أن لا يدق الباب بعنف: ولا سيَّما أن كان رب المنزل أباه أو أستاذه أو ذو فضل... وأما إذا كان على الباب جرس كما جرى العُرف اليوم فيقرع المُستأذِن بقرعة خفيفة لطيفة لتدل على لطفه وكرم أخلاقه ومعاملته.

ج ـ عدم الوقوف أمام الباب: خشية أن يمتد بصره إلى من بداخل البيت لقول النبي (ص): "إنّما جعل الاستئذان من أجل البصر"، "فدلّ على أنّه لا يجوز النظر في دار أحد إلّا بإذنه...".

د ـ أن يُسلِّم ثم يستأذن: لما روى أبو داود أنّ رجلاً من بني عامر استأذن على النبي (ص) وهو في بيته فقال: أألج؟ فقال الرسول عليه السلام لخادمه: "فسمعه الرجل فقال: السلام عليكم. أأدخل؟ فأذن له النبي (ص) فدخل".

(4) الحكمة منه:

حتى لا يختلط الرجال بالنساء، وحتى لا يقع الزائر بصره على المُحَّرمات، مما يَحرُم عليه من النظر والله أعلم.

هذه أهم القواعد التي وضعها الإسلام في آداب الاستئذان فما على المربين إلا أن يتقيدوا بها ويُعلِّموها أولادهم إذا أرادوا لهم الخُلُق الفاضل والشخصية الإسلامية المُتميِّزة والسلوك الاجتماعي الخيِّر.

 

المصدر : التربية الجنسية في الاسلام للفتيات والفتيان لـ عثمان الطويل  

 

ارسال التعليق

Top