◄من المعروف عنه، إن من أهم الصعوبات التي تواجه الأفراد في بيئة العمل هي الضغوط الشخصية التي تقع عليهم. كذلك من الصعب جدّاً إيجاد نموذج يتفق عليه في تصنيف ومعالجة أسباب ضغوط العمل فمن الباحثين من يؤكد على التركيز على سبب معيّن لأحد الأسباب الرئيسية بينما يغفله كثير من الباحثين إغفالاً تاماً ولأن مصادر الضغوط المتعلقة بالمنظمة تعتبر أحد الأسباب الرئيسية التي تلعب دوراً مهماً في إدارة الوقت ويمكن القول إن من أهم مصادر ضغوط العمل المتعلقة بالمنظمة هي:
· ثقافة المنظمة.
· طبيعة المنظمة.
· عبء العمل.
· الإحباط الوظيفي.
· العمليات التنظيمية.
· ظروف العمل المادية.
· التغيير في بيئة العمل.
وسيتم شرح هذه المتغيرات وإبداء أسبابها ومدى تأثيرها على المنظمات على النحو التالي:
أوّلاً، ثقافة المنظمة:
إذا كان للأفراد شخصياتهم التي تميزهم عن الآخرين فإن لمنظمات العمل التي يعمل بها الأفراد أيضاً شخصيتها التي تميزها عن المنظمات الأخرى والتي لها دور أساسي في زيادة أو نقص ضغوط العمل التي تصيب الأفراد داخل هذه المنظمات، هذه الشخصية التنظيمية هو ما يطلق عليها بمفهوم ثقافة المنظمة.
إن تعريف الثقافة التنظيمية وإن إختلف المؤلفون فيما بينهم فإن هذه التعريفات تنظر إلى أنّ القيم هي الجوهر في الثقافة التنظيمية والتي تتمثل في المعتقدات السائدة في أي تنظيم كان وتحدد ما هو مقبول وما هو مهم وما هو غير مهم.
فلذا فهي تشكل الأساس الذي يستخدمه أعضاء التنظيم من أجل تقييم المواقف والتصرفات والأشياء والناس الذين هم بداخل المنظمة، وهذه القيم التي ينقلها الأفراد من خلال ما يسمى بالتنشئة الإجتماعية التي لها دور أساسي في التأثير على الأفراد، وهي التي تحدد الدور الذي يلعبه الفرد في عمله وطريقة تعامله مع الغير داخل المنظمة.
إنّ المنظمات تتوقع من الأفراد العاملين بها أن يتبنوا كل القيم التنظيمية السائدة بها ويعكسونها في سلوكهم، وإذا لم يستطع الأفراد تبني هذه القيم والتي هي في الغالب تمثل قيم الإدارة العليا فإنّ هذا يعني حدوث فجوة بين الطرفين والتي قد تجد تعارضاً بين القيم التي يؤمن بها الأفراد والقيم التي تؤمن بها المنظمة.
وأهم المتغيرات والتي لها علاقة قوية بضغوط العمل هي:
1- فلسفة المنظمة.
2- بناء المنظمة.
3- قواعد السلوك السارية في المنظمة.
1- فلسفة المنظمة:
تعد فلسفة المنظمة من أهم الأمور التي يمكن أن تلاحظ بسهولة وهي التي تعكس لنا ثقافة المنظمة حيث تكون هذه الفلسفة في الغالب متمثلة في أهداف المنظمة وغاياتها وفي الطريقة التي تتبعها في تحقيق أهدافها وهي التي تسمى في العرف الإداري بالسياسات والإستراتيجيات.
إنّ سمعة المنظمة تتمثل في الطريقة التي تعامل بها موظفيها والتي سوف تعطينا دلالات على فلسفتها فيما يتعلق بمعاملاتها للقوى الموجودة بها، هذه الطريقة من فلسفة المنظمة الإدارية تظهر واضحة في السياسات والإجراءات وكذلك التصرفات التي تتبناها المنظمة في عملها اليومي ولهذا فإن ردود الفعل التي تصدر عن الموظفين والدرجة التي يتفقون فيها مع درجة فلسفة المنظمة تعتبر أمراً مهما للثقافة التنظيمية الملائمة ويتضح ذلك جلياً في فلسفة المنظمة وتبنيها مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب أو قد نلاحظه في حالة إختيار الأفراد على أساس أهداف المنظمة وليس بناءً على رغبتهم الشخصية، ولذا يمكن القول بأن فلسفة المنظمة في هذه الحالة غير سليمة وأنها سوف تترك آثاراً سلبية على المنظمة.
إن عملية الإختيار للموظفين وطريقة تعامل المنظمة معها ما هو إلا دليل على تأثير فلسفة المنظمة على أفراد وبالتالي تشكل نوعاً من الضغوط التي يتعرضون لها.
2- بناء المنظمة:
إنّ بناء المنظمة ما هو إلا إنعكاس آخر من ثقافة المنظمة التي تؤثر في ضغوط العمل، وبناء المنظمات يعبر عنه عادة بفلسفتها وهي التي تمثل جزءاً من ثقافتها حيث إنّه يمثل إطاراً تتحدد من خلاله العلاقة الرسمية بين الأفراد والصلاحيات والمسؤوليات الممنوحة لكل فرد منهم في المنظمة.
ومن أمثلة ذلك إيمان المنظمة ومشاركة الموظفين في إتخاذ القرارات للخطوات التي سوف تساعدها في إستخدام أسلوب اللامركزية الذي يتيح للعاملين في المستويات الإدارية المتوسطة حرية التعرف على الموارد المتاحة لهم من القوى العاملة.
ويمكن لأي منظمة أن تستجيب من خلال الوحدات الإدارية الموجودة بها بسرعة لكل المواقف التي تحتاج إلى قرارات سريعة حيث تساعد الأفراد على إظهار الحماس لتنفيذ هذه الأوامر والتعليمات، وبالمقابل إذا كانت الإدارة العليا في التنظيم ترغب في أن تحتفظ بالقرارات تحت تصرفها فإنها تعمد إلى الأسلوب المركزي في إتخاذ القرار.
وبصفة عامة يمكننا القول بأنّ مواقع الأفراد ضمن الهيكل التنظيمي يحدد نوع مسببات الضغوط له فالإداري في مستوى الإدارة العليا يتعرض للضغوط الخارجية إضافة إلى بيئة عمله بينما يعانى العاملون في الإدارة الوسطى من صراع الأدوار أما إزدياد نسبة الشكاوى عند المستوى الأدنى من التنظيم فهو نتيجة عدم التوازن بين السلطات والمسؤوليات وعدم مشاركتهم في إتخاذ القرارات التي تعمل لصالحهم.
3- قواعد السلوك السارية في المنظمة:
إنّ ثقافة المنظمة تشكل إلى حد كبير قواعد السلوك السارية بها ذلك أن هذه الأخلاق والأعراف التنظيمية إنما تعد إنعكاساً للقيم السائدة بها والتي تعمل بموجبها ولذا فإن إلتزام الأفراد في التنظيمات إنما يعبر عن إلتزام حقيقي بأعراف المنظمة وهو من الصفات الصحية في البيئة التنظيمية وهو بدوره يحقق للتنظيم فائدتين هما: المحافظة على الإستقرار المالي وقدرتها على النمو.
إنّ كثيراً من المنظمات سواء كانت خاصة أو عامة تضع قواعد خاصة بالسلوك تبين من خلالها السلوك المقبول لدى المنظمات وضرورة إلتزام الأعضاء بهذا النوع من السلوك وقد تضع أحياناً بعض القواعد المنظمة للسلوك والتي يصعب تفسيرها والتي قد لا تراعي الفروق الفردية بين الموظفين وظروفهم الشخصية "ومثال ذلك التأخر عن الدوام لمرة واحدة رغم أن هذا النوع من الموظفين عديم التأخر وقد يتعرض للمساءلة والحساب". هذا النوع من القواعد والسياسات قد تعرض كثيراً من الموظفين لكثير من الضغوط خاصة عندما يشعرون أنّه لا تميز بينهم حسب إمكاناتهم وظروفهم ولذا نجد أن كثيراً من الموظفين دائماً يسعى للبحث عن منظمة أخرى إذا شددت قواعد السلوك وهددت المنظمات بالعقوبات.
الواجبات التي يجب اتباعها
الواجبات التي يجب الامتناع عنها
· أداء مهام الوظيفة
· تنفيذ أوامر الرؤساء
· إحترام الرؤساء
· مراعاة آداب اللياقة
· الترفع عن كل ما يخل بشرف الوظيفة
· توجيه النقد أو اللوم للحكومة
· إفشاء الأسرار الوظيفية
· إساءة إستعمال السلطة
· إستغلال النفوذ
· قبول الرشوة أو الهدايا
· الجمع بين الوظيفة والعمل الخاص
· الجمع بين وظيفتين
ثانياً، طبيعة الوظيفة:
تعد الوظيفة مصدراً من مصادر الرضا والضغوط في العمل لدى الأفراد لما تتصف به الوظيفة من مجموعة من الصفات التي تميزها عن غيرها من الوظائف الأخرى سواء كان بالنسبة لفئة الوظيفة أو المكانة التي تتيحها لشاغلها علماً أن طبيعة الوظيفة والحيوية التي تضفيها على الأفراد العاملين بها لها ثلاثة جوانب ذات علاقة بالوظيفة هي:
· الفئة الوظيفية.
· المكانة الوظيفية.
· عبء العمل.
1- الفئة الوظيفية:
عند التأمل لعدد من الوظائف في كثير من المنظمات نجد أنّ هذه الوظائف متباينة فيما بينها من حيث مهامها والمواصفات التي تميزها والتبعات التي تلقيها على من يشغلها ونجد هذا التباين أشد وضوحاً داخل الفئات نفسها من حيث المواصفات والشروط فالذي يعمل في موقع إداري رفيع يختلف عن الموظف العادي، لذا نجد أنّ العلاقة بين ضغوط العمل والفئات الوظيفية موضع إهتمام من قِبَل كثير من الباحثين في هذا المجال فنجد إحدى الإحصائيات تشير إلى أن أغلب أسباب الوفاة للموظفين كانت نتيجة لضغوط العمل.
2- المكانة الوظيفية:
إنّ المكانة الوظيفية أحد الأسباب الرئيسية لإرتفاع معدلات الضغوط في بيئة العمل لدى كثير من العالمين خاصة في المراكز القيادية والتي لها علاقة مباشرة بالجمهور فكلما كان الموظف له مكانة وظيفية مرموقة ويعتمد جزء من وقته على التركيز في إتخاذ القرارات وما يصاحبها من مسؤوليات نرى كثيراً منهم يتعرض لعوامل الضغط نتيجة لطبيعة الأدوار التي يعملون بها، على أنّ الضغوط الناتجة عن المكانة الوظيفية لا ترتبط فقط بالمستويات الإدارية العليا بل إنها تشمل الأشخاص الذين هم في الإدارة الوسطى والإشرافية على حد سواء إنّ الوظائف ومكانتها برغم إختلاف مستواها تفرض على شاغليها عدداً من المسؤوليات والواجبات تجعلهم أكثر عرضة للضغوط بسبب الأدوار التي يشغلونها.
ثالثاً، عبء العمل:
تختلف طبائع البشر في تحمل أعباء العمل حيث إنّ هذه الصفة تختلف من شخص إلى آخر إذ يميل بعض الناس إلى الأعمال التي تفرض طبيعتها إثبات الذات والتحدي والتجديد وهذا النوع من الأعمال نجد أصحابها مشغولين بدرجة كبيرة من الإنهاك كما إن هذا النوع من الأعمال تستثير إهتماماتهم وإبداعاتهم وتجدهم في الغالب سعداء فيما يقومون به خاصة عندما تكون هذه الأعمال ذات طابع يزيد الضغوط عليهم.
ونظراً لتعدد الخصائص المرتبطة بعبء العمل فإننا سنستعرض نوعين منها هما:
· عبء العمل الزائد.
· عبء العمل الناقص (البطالة المقنعة).
1- عبء العمل الزائد:
إنّ زيادة الأعباء الوظيفية على الإنسان تكون سبباً في زيادة مصادر الضغط عليه لما يترتب على ذلك من كثرة الأخطاء وتدني مستوى الصحة لدى الموظف، لذا يعتبر هذا العمل عبءاً ثقيلاً على الفرد خاصة عندما تفوق مطالب العمل طاقته وإمكانياته وقد يعود هذا أيضاً إلى طبيعة الأعمال التي تتطلب سرعة في الإنجاز في أوقات محددة فيتعرض الموظف إلى حالة من الارتباك والقلق وإزدياد الضغط عليه مما لا يمكنه من أخذ أوقات للراحة بسبب قضائه وقتاً طويلاً في إنجاز الأعمال المطلوبة.
2- عبء العمل الناقص (البطالة المقنعة):
إذا كان عبء العمل الزائد الذي يفوق طاقة الموظف في بيئة العمل يمثل سبباً رئيسياً من مصادر الضغط على الموظف فإن قلة أو ندرة عبء العمل تؤدي بالفرد إلى البطالة المقنعة والتي تعد سبباً رئيسياً من أسباب الضغوط.
إنّ قلة العمل لا تؤدي إلى إستشارة همة الموظف ودفعه إلى الإنجاز والحماس والإبداع وقد يؤدي ذلك إلى الشعور بالخوف والقلق وتلمس الأعذار أو التمارض أو الإهمال وذلك لشعورهم بعدم أهميتهم بالعمل وبالمنظمات بصفة عامة.
- القدرة على إستثمار الوقت والإمكانات من أجل مصلحة المنظمة.
- القدرة على قبول مطالب المنظمة والتي تتعارض مع مصالح المنظمة.
- التكيف مع طريقة التفكير والسلوك السائدة في المنظمة أو لدى جماعة العمل في المجالات التي لا تتصل مباشرة بأداء العمل.
- مواصلة التعليم في غير وقت المنظمة.
- المحافظة على صورة جيدة لدى الجمهور عن المنظمة.
- تمثل قيم وأهداف المنظمة، كما لو كانت قيم وأهداف الشخص ذاته.
- القدرة على ملاحظة ما يجب أن ينبغي تأديته والمبادرة بالتصرف الملائم.
فالفرد له توقعات من المنظمة للعمل الذي يقوم به والأشياء التي ينبغي للمنظمة أن تقدمها له وفي المقابل نجد أنّ المنظمة هي الأخرى لديها توقعاتها من الفرد بخصوص ما يجب عليه من القيام به من الأعمال حسب الدور المسند له ولذا نجد أنّ النجاح بينهم يعتمد إلى حد كبير على التوافق بين إحتياجات الفرد وبين إحتياجات وتوقعات المنظمة منه.
إنّ هذا الدور المتوقع من الطرفين لا يواكبه النجاح المتوقع من الفرد تجاه المنظمة وليس سهلاً حدوثه حيث إن هناك بعض المعلومات الخاصة بدور الفرد والتي لا تكون متوفرة أو كاملة أحياناً كذلك قد تكون هناك مشكلة أخرى تتمثل في عدم وضوح دور الفرد مقارنة بأدوار الأفراد الآخرين في المنظمة وهاتان المشكلتان يمكن التعبير عنها بما يسمى غموض الدور وصراع الدور.
1- غموض الدور:
ينشأ غموض الأدوار في المنظمات بالنسبة للأفراد العاملين عندما تكون لديهم معلومات ناقصة أو غير كاملة تمكنهم من أداء أعمالهم بالصورة المطلوبة وبطريقة مرضية فقد يكون الفرد بهذه الحالة على غير دراية بطبيعة عمله أو أهداف المنظمة. أو الإجراءات المتبعة أو قد يكون غير متأكد بخصوص المجال أو المسؤوليات المتعلقة بعمله وقد تزداد حيرة كثير من الأفراد عندما لا تكون لديهم تغذية مرتدة من قبل المدراء تبين مدى إخفاقه أو نجاحه بالعمل وبالطريقة التي يعمل بها، وفي أحيان كثيرة قد يتلقى تغذية مرتدة توضح له الأخطاء التي يقع بها دون الإشادة بعمله وبالإيجابيات التي قدمها للعمل، قد يمثل هذا مصدراً من مصادر الضغوط عليه ويمكن حصر غموض الدور بأربعة أشياء هي:
1- عدم إيصال المعلومات الكافية.
2- تقديم معلومات غير كافية أو مشوشة.
3- عدم وضوح السلوكيات التي تمكن الفرد من أداء الدور المتوقع منه.
4- عدم وضوح النتائج المترتبة على الدور المتوقع منه.
2- صراع الدور:
المقصود بصراع الأدوار (تعارض مطالب العمل للفرد التي يجب عليه الوفاء والقيام بها) فنجد أن بعض الأفراد في بيئة العمل يشعرون بالحرج نتيجة للمطالب المتعارضة التي تناط بهم وتقودهم في نهاية الأمر إلى الفشل أو العجز عن تحقيقها – كلياً أو جزئياً وفي الغالب فإن صراع الدور في المنظمات يتخذ عدة صور منها:
· تعارض لمطالب العمل من حيث الأولويات.
· تعارض الحاجات الفردية مع متطلبات المنظمة.
· تعارض قيم الفرد مع قيم المنظمة.
خامساً، العمليات التنظيمية:
يقصد بالعمليات التنظيمية (جمع الممارسات الإدارية التي تهدف إلى التوجيه وتنسيق جهد الأفراد العاملين لتحقيق أهداف المنظمة).
إنّ ممارسة العمليات التنظيمية بشكل سليم سيؤدي إلى تحسين العلاقة القائمة بين الموظف وبين المنظمة مما يؤدي إلى تعزيز ورفع درجة الرضا الوظيفي لدى العاملين وبالتالي زيادة إنتاجية العمل وفي المقابل إذا كانت هذه العمليات تمارس بطريقة خاطئة أو شئ من الضعف أو التعسف أو العشوائية فإنها ستكون مصدراً من مصادر الضغوط في العمل وقد تؤدي هذه الحالة مع المواجهة إلى المنظمة وإدارتها والتباطئ في أداء العمل وإنخفاض الروح المعنوية وقد يضطر بعض الأفراد إلى ترك العمل والبحث عن عمل آخر.
ولأنّ العمليات التنظيمية متعددة فإنّه لابدّ من الإشادة ببعض العمليات مثل:
· نطاق الإشراف.
· إتخاذ القرارات.
· الدوافع.
· الإتصال.
· تقويم الأداء.
· التطور الوظيفي.
سادساً، ظروف العمل المادية:
تلعب ظروف العمل المادية دوراً رئيسياً في زيادة الضغوط على الأفراد في بيئة العمل ومنها الضوضاء والضوء ودرجة الحرارة وتصميم المكاتب ولقد إستطاع الإنسان التكيف مع البيئة التي حوله من حيث جلب كل الوسائل الملائمة لعملية التكيف والتي من خلالها يتم توفير بيئة مادية مناسبة تساعده على القيام بالعمل بكل كفاءة وإقتدار وتوفر له جواً من الهدوء والراحة يساعده على العمل براحة وأمان.
وبالرغم من هذا التطور في تسخير بيئة العمل المادية لصالح الإنسان إلا أن ذلك لم يجعل الإنسان في مناعة وحصانة من التعرض للضغوط من هذه البيئة، بل أن بعض الوسائل المستخدمة قد تكون مصدراً أساسياً من مصادر الضغوط. ونظراً لإختلاف طبيعة الموظفين ومدى تعرضهم لهذه المصادر فقد يتعرضون لمصدر أو أكثر من هذه المصادر كما أن بعضهم تحتم له طبيعة عمله التعرض لها بشكل أو بآخر ونظراً لتعدد مصادر ظروف العمل المادية سنبين أهم هذه المصادر وهي:
1- الضوضاء:
الضوضاء مصدر أساسي من مصادر ظروف العمل المادية لما تتركه من آثار نفسية وعضوية على الأفراد الذين يتعرضون لهذه البيئة فكثير من الموظفين يتعرضون لسرعة في مصادر الأصوات التي حولهم ومستوى درجة تغيرها كالضوضاء في المصانع، وغيرها ونجد أن بعض الأمراض الطبية السائدة في بيئة العمل مثل ضعف السمع أو الأصوات التي ترتفع فيها أصوات المعدات بسبب إستخدامها داخل المصانع كما أنّ ذبذبة الصوت قد تكون أحد العوامل الرئيسية المسببة للضغوط.
2- الضوء:
يعتبر الضوء بشدته أو ضعفه أحد المصادر الرئيسية من مصادر الضغوط في بيئة العمل فنجد أن بعض بيئات العمل تحتاج إلى قوة إضاءة شديدة وتزداد هذه الإصابة بالنسبة لبعض المهام كغرف العمليات في المستشفيات مثلاً وقد نلاحظ ذلك أيضاً في بيئة العمل ذات الطابع النفسي أو الصناعي التي تختلف فيها معدلات الإضاءة بطريقة متفاوتة حيث أن بعض الأعمال تتطلب التعامل مع أجزاء صغيرة مع علاقة بالحل أو التركيب وهذه بدورها تتطلب إضاءة شديدة تؤثر تأثيراً مباشراً على الإنسان عندما يتعرض لها.
3- درجة الحرارة:
يختلف الأفراد في تحمل درجة الحرارة أو البرودة في بيئة العمل تبعاً لطبيعتهم، وفي الغالب فإن قدرة الإنسان على تحمل درجة الحرارة في الظروف الطبيعية ما بين 25-30 درجة مئوية والأعمال المكتبية بصفة عامة لا تستلزم العمل تحت درجة حرارة متباينة من حيث الحرارة أو البرودة، أما الأعمال التي تتطلب منهم القيام بالعمل خارج المكاتب مثل المهندسين والعسكريين العاملين في مجال الخدمات الصناعية قد يتعرضون لدرجة عالية من البرودة والحرارة فقد يكون هذا التفاوت سبباً من أنواع الضغوط على العاملين ومن ثمّ يفقدهم التركيز في أعمالهم.
4- تصميم المكاتب:
إنّ بيئة العمل المثالية في الأداء تظهر من خلال تصميم مكاتب العاملين في أي تنظيم كان، فتصميم المكتب من حيث المساحة أو التأثيث أو التهوية أو الإضاءة تعتبر من العوامل الأساسية التي تساعد الموظف على حسن الأداء فإن وضع المكان يحقق للإنسان واحدة أو أكثر من الوظائف التالية:
· تقديم الحماية والأمان.
· تسهيل عملية الإتصال الجماعي.
· تمثل رمز الإنتماء للمنظمة التي يعمل بها الفرد.
· تعزيز طريقة الأداء بطريقة عملية.
· إدخال السرور والمتعة للموظف.
· التحفيز على النمو والتطور.
ولهذا فإنّ المكتب الذي لا يوفر أي من هذه الوظائف قد يكون مصدراً أساسياً من مصادر الضغوط على الإنسان فيجب أن يوفر المكتب درجة من الإتصال بينه وبين الأشخاص الآخرين حيث إنّ الإتصال معهم ينفى عنهم العزلة في بيئة العمل كما أن توفر كل المستلزمات الضرورية يساعد على القيام بالعمل على الوجه الأكمل.
إنّ حسن تصميم المكاتب يساعد الموظفين على عدم الإحتكاك في الدخول أو الخروج وفي طريقة تناول المعاملات. كما أن تصميم المكتب طبقاً لدرجة الموظف ومستواه الوظيفي ومركزه بين المجموعة يحقق له نوعاً من العدالة، إلى جانب ذلك يجب أن يتوفر في تصميم المكاتب: العامل الصحي سواء من حيث النظافة أو طريقة الجلوس.►
المصدر: كتاب (تعلم كيف تنجز أكثر في وقت أقل)
ارسال التعليق