• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أسرار التفوق لدى الشباب

عمار كاظم

أسرار التفوق لدى الشباب

الشباب أو الفتية هم مَن يملكون الكثير من الثروات يمكن تنميتها والاستفادة منها في شؤون الحياة المختلفة.. قد يرى البعض أنّه لا يملك شيئاً، وهذا التصور الخاطئ هو الذي جعل عدداً من الفتيان والفتيات يرون العالم مظلماً والحياة تعاسة وحرماناً.. أحياناً يلقي المراهق مسؤولية ما يحصل له على أسرته وخاصّة على والديه، لأنّه لا يجد أحداً يلقي اللّوم عليه أفضل منهما.

ويحق لنا كمراهقين أن نسأل منذ البداية، وقبل أن نضع خطواتنا في الطريق إلى عالم الرشد، ماذا منحتنا الحياة من ثروات وطاقات وكفاءات حتى نستثمرها في هذا الطريق؟ ما هي القدرات والاستعدادات التي وهبها الله لنا لنجعلها رأسمالنا في هذه الحياة، ونعمل على تنميتها واستثمارها في مراحل العمر كلّها؟

 الطاقات والثروات التي يملكها الشباب:

أوّلاً: الإرادة.. فالإرادة عند الإنسان تجعله أقدر من جميع المخلوقات على فعل ما يريد، أو الامتناع عن أمور يحتاجها، وكثير من العظماء قلّلوا ساعات نومهم وأخذوا من أوقات راحتهم للدراسة والاجتهاد والسّهر مع العلم والمعرفة، حتى نالوا شهادات عُليا وحصلوا على مواقع مهمّة في المجتمع وظلّ ذكرهم حيّاً بين الناس.. إنّ الإرادة والصبر والاستقامة هي الطريق إلى النجاح في كثير من الأعمال التي يقوم بها الإنسان.

ثانياً: العاطفة والإحساس.. من المؤكد أنّ العاطفة تقوى عند الشباب، لاسيّما عند الفتيات.. وتعتبر هذه العاطفة ثروة للإنسان، يتفاعل بها مع الأشياء من حوله، فيحب ويكره، ويرضى ويغضب، ويرغب في شيء أو ينفر منه.. فالعاطفة تربط الإنسان بالآخرين وتزيد حياته دفئاً بين أحبائه وأسرته وتحميه من اللامبالاة.. الأحاسيس تنمو هي الأخرى عند المراهق ليصبح مُرهَف الحسّ، شاعري المزاج في تعامله مع الأشياء من حوله، ويُقبِل في هذه المرحلة على الفن إحساساً وتذوّقاً للجمال، أو محاولة في التعبير عنه من خلال لوحة فنية، أو أبيات من الشعر، أو غير ذلك من التعابير.. فالعاطفة والإحساس كلاهما ثروة مهمّة إذا عرف الإنسان كيف يستثمرهما في حياته.

 ثالثاً: الخيال.. وهو ليس كما يتصوّره البعض بأنّه يبعد المراهق عن الواقع، أو يجعله يسبح في عالم آخر، وبالتالي يجمّد طاقاته وإمكانياته، بل يعتبر الخيال شيئاً جميلاً ونافعاً ويستحق الاهتمام، وله دور مهم في حياة الإنسان، وفي الغالب يلجأ الإنسان إلى الخيال وينسج الآمال في تصوراته لأنّه يريد أن يكون مثالياً، وهو يشبه إحساس المكتشف الذي يتصوّر أرض أحلامه في خياله قبل أن يتحرّك لاكتشافها في الواقع.. فالخيال ثروة حقيقية لنا إذا استطعنا أن نربط بينه وبين الحياة بجسور عديدة، فلا نسمح للخيال أن يتغلب على الواقع فنبقى رهينة للآمال والأمنيات، ولا نجعل الواقع كذلك يتغلب على الخيال فتكون طموحاتنا محدودة وضيقة.

وأخيراً، مع وجود هذه الثروات وغيرها، هل يحق للشاب أن يظن أنّه فقير أو تعيس أو محروم، خاصّة أنّ الثروات ليست محدودة بهذه المواهب التي اشترك بها مع الآخرين، فقد تكون لكلّ فرد موهبته الخاصّة به.. وما عليه إلّا الاستفادة منها وتنميتها وتقويتها أو استثمارها كما يستثمر التاجر رأسماله ليكسب أرباحاً جديدة، ويضيف إلى أمواله ثروات أخرى ورأسمال جديد.. والإبداع كفاءة وطاقة واستعداد يكسبه الإنسان من خلال تركيز منظم لقدراته العقلية وإرادته وخياله وتجاربه ومعلوماته، ويُعد سراً من أسرار التفوق في ميادين الحياة، ويمكّن صاحبه من كشف سُبل جديدة في تغيير العالم الذي يحيط بنا والخلاص من الملل والتكرار.

ارسال التعليق

Top