◄نمشي يومياً على أعجوبة حقيقية، تحمل شفرة مدهشة لكل أعضائنا الداخلية وهي مستودع أسرار صحتنا، أليست القدم مرآة تعكس نعومة الراحة أو خشونة الكد؟ إنها تحمل أجسامنا عشرة آلاف خطوة كمتوسط يومي، أي ألف ميل كل عام، وهي حقاً عضو معقد التركيب، ففي كل قدم 28 عظمة و30 مفصلا و19 عضلة وأكثر من 100 رباط، والقدمان قادرتان على تشكيل قاعدة مستقرة مع مرونتها في الحركة والمناورة كما تعملان عمل ماص الصدمات الذي يحمي الساقين وجميع الجسم من عنف وقع الخطوات.
يقول الدكتور محمد المخرنجي: "عندما يكون هناك عيب في أصابع القدم ابحث عن عيب خلقي في القلب! فأثناء عمليات انقسام وتخصص الخلايا لتكوين أنسجة الجنين وأعضائه وهو بالرحم وعندما يحدث خلل في هذه العملية فاحتمال التشوه في عضو يمكن أن يتكرر في أعضاء أخرى مادامت مسببات الخلل الخلقي Congenital موجودة.
إنّ أقدامنا يدير حركتها نظام تشغيل مذهل الدقة والبراعة، وتتميز بتطور واضح، الإصبع الكبير يشكل دعامة يستند عليها الإصبع الثاني ومنهما معا تتكون كرة ارتكاز أمامية تجاورها كرة أخرى تتكون من الإصبع الرابع وثمة كرة ثالثة أساسية تتكون من الكعب، هذه الكرات الثلاث تكون مثلثاً عبقرياً للتوازن ينتقل بين زواياه الثلاث ثقل الإنسان تساندها أقواس القدم والأوتار والأحزمة العضلية ويشغلها جهاز عصبي تمتلئ بامتدادته العصبية، كما تنسق القدم في احتمالها وزن أجسامنا مع الفقرات وأوضاع القفص الصدري والحوض وحركة الرأس والأذرع، وينسق المخ عمل القدم وسط آلاف الخيارات الحركية للجسم ويبدو كعازف سيمفونية معجزة على بيانو عدد أصابعه 26 عظمة 7 في العرقوب، 5 في المشط، 14 في السلاميات المكونة لعظام الأصابع، معزوفة جميلة من التناسق في المشي والجري والقفز والانثناء والاعتدال والتطاول تجعل أنسجة العضلات مشدودة تضغط على الأوعية الدموية لترفع الدم إلى القلب ضد الجاذبية الأرضية، لهذا تشير القدم الضعيفة إلى قلب ضعيف، وترتبط المعدة والرحم والفقرات بكثير من علل القدم بل وتشير القدم أيضاً إلى علل المخ ذاته وأطباء الأعصاب يعرفون علامة "بابينسكي" والتي من خلالها يفهم إذا ما كانت غيبوبة الإنسان هستيرية أم نتيجة عطب عضوي في المخ، فعندما يخدش الطبيب الحافة الخارجية لبطن قدم المريض ويتجه الإصبع الكبير لأعلى بينما تتباعد الأصابع الأربعة لتكون شكل مروحة مفتوحة، يتأكد من هذا أنّ العطب في مراكز المخ الحركية العليا.
- قراءة خريطة القدم:
أصابع القدم السليمة مستقيمة ومتلامسة أهمها الإصبع الكبير وهو يرتبط بالكبد وذو صلة أيضاً بالعينين واللسان والحلق وإذا كان جيِّد النمو يشير إلى شهية جيِّدة يمكن أن تتحول إلى شراهة مع احتمال وجود استعداد للإصابة بمرض السكري واحتقان الجيوب، أما الإصبعان الثاني والثالث فيشيران إلى الشعب الهوائية إضافة إلى الجبهة والشفتين والمعدة والأمعاء، ويشير الإصبع الرابع منفرداً إلى المرارة والرئتين وإذا كان ضعيفاً وملتوياً يشير إلى احتمال الإصابة بالأمراض الرئوية وإذا تصلب فهذه إشارة لإصابة المرارة وحدوث الإمساك، أما الإصبع الخامس الصغير فيشير إلى الرحم والمثانة والشرج والأذنين وإذا تصلب وانثنى لأسفل كثيراً فهذا يعني سقوط الرحم، بينما يلعب ظهر القدم دوراً محدوداً في التنبؤ بأسرار الجسد، فإن بطن القدم تشكل عالماً كاملاً ترتسم عليه خارطة الجسد لأن علاقته شبه دائمة بالأرض، فبطن القدم الرخو يدل على سوء نمو الجسم وعدم تجانس الجلد، ووجود خشونة في جانب ونعومة في جانب آخر يدل على اعوجاج في تكوين الجسد، أما بطن القدم البارد فيشير إلى سوء الدورة الدموية بينما فرط السخونة تشير إلى الحمى أو وجود عدوى جلدية بالفطريات، ويؤدي تحميل الوزن على طرف القدم إلى سوء انقباض عضلات الحوض وضعف الدورة الدموية به ما يؤدي لظهور بواسير، وتقلص وتر الكعب يجعل التوازن ينزاح إلى الخلف ما يسبب سقوط المعدة واضطرابات الدورة الشهرية، وأمراض القلب، كما أن تحميل وزن زائد على الكعب يؤثر سلباً على الامعاء، ولقد لاحظ دكتو "وليم هنري" أن مرضاه أثناء إجراء الجراحات لهم تتحرك أصابع أقدامهم وتتقلص بشكل مختلف فمضى في طريق طويل لتقنين خريطة انعكاس أجزاء وأعضاء الجسد على القدم ليخرج بمؤلف هام وقيم عن التطبيب المنعكس للموضع Reflex Zone Therapy مستلهما تراث التدليك الصيني للنقاط الحيوية، وهناك وقائع تاريخية ومعاصرة عن نجاح التشخيص والعلاج عبر القدم.
- كيف تحافظ على قدميك؟
يرى دكتور "ديفيد أبر كرومبي" أخصائي العلاج الطبيعي أن أداء بعض تدريبات اللياقة البدنية لبضع دقائق يومياً تخفف من وطأة تفلطح القدمين Flat Foot وتفيد الكاحلين والركبتين وعضلات الساقين وتمنع مشكلات مستقبلية قد تحدث في الفخذين والعمود الفقري، كما يفيد استخدام الحذاء الماص للصدمات والمزود بدعامات جانبية. ولعلاج التهاب أوتار أصابع القدم نستخدم كمادات الثلج مع ربط الجزء المصاب برباط ضاغط لمنع حركته وبعد يومين نتحول من الكمادات الباردة إلى الكمادات الساخنة، تتسبب الفطريات والفيروسات بمشكلة للقدم وتزدهر هذه الفطريات في البيئات الرطبة التي تغري إلى غسل القدمين يومياً، وتجفيفهما لا سيما بين الأصابع تمنع الفطريات وتساعد البودرة على جفاف القدمين ووقايتهما.
ويحافظ المشي على قوة القدمين وينشط الدورة الدموية ويخفض الضغط الشرياني، ويحسن القدرات العقلية، كما يفيد المشي على رمال الشواطئ، فالرمال تدلك بطن القدم الذي تنعكس منه الأحاسيس إلى جميع مناطق الجسم وتزيح القدم المفلطحة والمصابين بدوالي الساقين، إنّ القدم عضو شديد الحياة وشديد الحساسية أيضاً حتى إنّه يزيد 10% في السماء عن حجمه في النهار وهو أوّل عضو يبرد عقب الوفاة، لنفهم لغة القدم أوّلاً حتى نستثمر صحتنا جيِّداً.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق