كاظم حسوني
◄من أبرز مزايا القرآن الفنية، أسلوب التصوير، الذي يجسم ويرسم بالكلمات صوراً تثير الحس والنفس، وقد وضع الباحثون الكثير من المؤلفات في الماضي والحاضر، لدراسة منابع التصوير الفني في القرآن، الذي يمثل أحد أسرار الإعجاز في هذا الكتاب العظيم، حيث تشكل الصورة القاعدة الأساس في إسلوب القرآن للتعبير عن جميع الأغراض وشتى المعاني والحالات الحسية والذهنية، تصويراً واقعياً محسوساً ترتقي فيه الصور إلى المشهد الحي المتحرك الشاخص، فيتخيل للقارئ إنّه أمام مسرح أحداث وقصص ومواقف مرئية حية حافلة بالحياة والحركة، تثير الخيال، يكاد يبصرها النظر، وكأنها حاضرة تهز الفكر والوجدان، في وصفها للحياة الدنيا تارة والآخرة تارة أخرى، فنحن لسنا ازاء كلام يقرأ أو يتلى، هذا طبعاً يمثل جانباً من حجية ومنطق الإقناع في القرآن، لمن تترك صوره أثرها فيه، وينشغل بها، فيروح يتملاها، ويشتاق إلى قراءة القرآن، ليلتذ بتأمل الصور المشوقة بسحرها وتناسقها الفريد، ولعل أول ما جذبني في جمال القرآن، إسلوبه التعبيري الذي كان ومازال يشدني إليه رغم إني لا أدرك إلا القليل من آفاق معانيه، لأنصت إلى الترتيل، وامتلى الكلمات، وبعد ذلك بسنين صار القرآن هاجساً يلح في نفسي تتراءى لي صوره كأحداث تعيش في داخلي فاقرأه برغبة وينطلق الخيال من دون حدود، وكأنّ المشاهد التي اقرأها أو أراها قد تحققت، منها مثلاً (ومن يشرك بالله، فإنما خر من السماء، فتخطفه الطير، وتهوى به الريح في مكان سحيق)، يريد أن يبين الله تعالى، ضعف المشرك وهلاكه المحتوم، إذ تهوى به الريح ويخر من السماء وتخطفه الطير فلا بقاء له.. هنا تتجلى لقطات بارعة متناسقة سريعة حسية لمأساة شخص لا نملك إلا أن نرسم له بخيالنا صورة مؤثرة لمصيره، هذه الصورة الساحرة وغيرها من فن التعبير وإسلوب التصوير والقرآن كله تصوير حي يعد من إعجاز التعبير الذي تحدى العرب بالكلمات المألوفة.
فنحن لسنا إزاء كلام يقرأ أو يتلى، وهذا طبعاً يمثل جانباً من حجية ومنطق الإقناع في القرآن، لمن تترك صوره أثرها فيه، وينشغل بها، فيروح يتملاها، ويشتاق إلى قراءة القرآن، بتأمل الصور المشوقة بسحرها وتناسقها الفريد، ولعل أول ما جذبني في جمال القرآن، إسلوبه التعبيري الذي كان ومازال يشدني إليه رغم إني لا أدرك إلا القليل من آفاق معانيه.►
ارسال التعليق