يلفت محمد حسن المرزوقي (خبير الإتيكيت والبروتوكول) إلى أنّه في حال كنت في بلد أجنبي وتلقيت دعوة لزيارة أحدهم في منزله، يجب عندها إرسال باقة ورد في اليوم ذاته من تاريخ الدعوة، فهي تؤشر أوّلاً إلى قرب مجيئك، لكن يفضل إرسالها قبل ساعات عدة من موعد الوصول، وذلك ليتسنى لصاحب الدار أن يتصرف بلباقة، فقد يرغب في توزيع الورود على أرجاء المنزل، أو يسارع إلى جلب إناء خاص لها، إذا لم تكن لديه مزهرية. تخيل ما يمكن أن يحصل لو أنك وصلت وفي يدك باقة ورد كبيرة: أوّلاً سينهمك المضيف فيها، وقد لا يجد إناء ليضعها فيه، أو أنّه سيهمل العناية بها، ويتركها في أي مكان، لأنّه يرغب في الترحيب بك وببقية الضيوف، وهذا تصرف لن يعجبك حتماً، وقد يسبب لك إحراجاً كبيراً.
يتابع المرزوقي، مشيراً إلى أنّه في مجتمعاتنا الشرقية، لا توجد مثل هذه العادة، لكن في الماضي كان يجري أمر شبيه بتلك العادة الغربية، وهي أن أجدادنا عندما كانوا يرغبون في زيارة أحدهم، وفي ظل غياب وسائل الإتِّصال الحديثة، مثل الموبايل أو التليفون، لتحديد موعد للزيارة، أو إبلاغ الآخر بحضورهم، كانوا يجلبون معهم طعاماً، من لحوم وفاكهة وحلويات، كي لا يحرجوا الشخص الذي سيزورونه، لاسيما وأنّه لا يتوقع زيارتهم تلك. هكذا يتسنى لهم مشاركته الطعام وجعل جلستهم مفرحة ومبهجة. لكن، في عصرنا الحالي بات هذا الأمر غير مقبول مع وجود وسائل الإتّصال، إلا أنه يمكن جلب قالب حلوى أو هدية خاصة بالمنزل، لدى قبول دعوة صديق أو قريب.
- إذابة الجليد:
بعد دخول المنزل والجلوس وفق الأصول يتولى المضيف تقديم مشروب لضيفه، بهدف إذابة الجليد، الذي يكون قائماً عادة في بداية الجلسة، يجب هنا على الضيف قبول المشروب، إلا في حال كان هذا المشروب يتعارض مع معتقداته الدينية، أو تقاليد بلده أو صحته. في المقابل، على صاحب البيت أن يراعي أيضاً وجود أذواق مختلفة، وأن لضيوفه، ربّما تقاليد ومعتقدات وعادات خاصة بهم، عليه أن يحترمها، فيقدم أشياء متنوعة من عصائر ومشروبات غازية وغيرها.
وينصح محمّد المرزوقي المدعو بالإلتزام بكلمته، عندما يرفض تلبية إحدى الدعوات وألا يخضع لإغراءات صاحب الدعوة. ويشرح ذلك بذكر الحادثة التالية: "قام أمجد بدعوة أيمن إلى حفل عشاء، لكن هذا الأخير اعتذر عن عدم الحضور، فراح الأوّل يلح عليه بالمجيء، إلا أن أيمن أصر على رأيه. وعندما أيقن أمجد أنّه لن يتمكن من تغيير رأي أيمن، قال له: يا صديقي، سنقدم لك وجبة مكبوس (أكلة تقليدية خليجية). وبما أن أيمن من عشاق أكلة المكبوس، أجاب قائلاً: إذن في هذه الحالة، سأحاول أن آتي بأي طريقة". ماذا جرى لكي يغير أيمن رأيه بسرعة؟ لقد استسلم لإغراء الأكل، وأظهر لصاحب الدعوة أنّه سيأتي "كرمى للأكل وليس كرمى له"، وهذا تصرف غير لائق. إذ رفض الحضور عندما دعاه الشخص، بشكل عادي، ثمّ غير جوابه عندما أغراه بوجود أكلة يحبها. من المهم جدّاً الالتزام بالإعتذار، الذي يقدّم وعدم الإستسلام لأي إغراء آخر.
- "من الموجود.. جود":
إذا كنت مدعواً إلى حفل عشاء في أحد المنازل، يجب أن تعي أن حضورك هو "كرمى" لصاحب الدعوة، ومجاملة له، وليس من أجل تناول الطعام، وهذا يعني وفق محمّد المرزوقي، أنّه لا يهم ما إذا استمتعت بطعامك أم لا، أو ما إذا كان الطعام قد أعجبك أم لا. وفي هذه الحالة يجب ألا تضيف ملحاً أو بهارات على الطعام، كي لا يشعر صاحب المنزل بأنّ الأكل لم يعجبك، أو لا يروق لك. عليك أن تأكل من الموجود وتكتفي بما يُقدم لك، وألا تطلب شيئاً آخر غير متوافر على المائدة. عليك أن تتذكر أنك لبيت الدعوة مجاملة لصاحبها، وليس من أجل الطعام الذي يقدم. يمكنك الاستمتاع بتناول الطعام على مزاجك في منزلك أو في المطعم. وينصح المرزوقي المدعوين بتناول الطعام في منازلهم، لكن ليس إلى حد الشبع، قبل حضور حفل العشاء المنزلي، وذلك كي لا تفضحهم لغة جسدهم، وكي يكون اهتمامهم منصباً على الأحاديث والمجاملات وليس على الأكل. هذه القاعدة لا تنطبق في حال كان العشاء في أحد المطاعم، وإنّما يفضل دوماً تناول عشاء خفيف في المنزل قبل الذهاب إلى المطعم، كي لا يظهر أنّ المدعو متلهف جدّاً للأكل.
- الحديث:
وينهي محمّد المرزوقي حديثه بالإشارة إلى طريقة إدارة صاحب البيت للجسلة مع ضيوفه، وينصح بأن يكون الحوار القائم بينهم خالياً من الأخبار المزعجة والهموم، ومليئاً بالكلام المفرح. ويرى المرزوقي أنّه "مقبول الضحك، وسرد النكات اللطيفة، لتلطيف الجو، كما ينصح صاحب الدار أيضاً بأن لا ينشغل عن ضيوفه بقراءة الجريدة، أو مشاهدة التلفزيون، كما يفعل الكثيرون من المضيفين، حيث نراهم منهمكين في متابعة ربّما فيلم، أو سماع الأخبار، متناسين ضيوفهم. ويشدد المرزوقي على ضرورة إيقاف تشغيل التلفزيون وترك الجريدة جانباً وقراءتها في وقت لاحق، احتراماً للضيف. كما ينبه صاحب البيت إلى ضرورة توزيع نظره على جميع الضيوف أثناء تكلمه، وألا يوجه كلامه إلى شخص واحد، فثمة مضيفون ينظرون طيلة الوقت إلى شخص معيّن عندما يتحدّثون، ما يُشعر بقية الحضور بالتهميش. من الضروري جدّاً توزيع النظر على الجميع، وجعل كلّ شخص يشعر بأنّه هو أهم ضيف بين الحضور.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق