يرى كثير من الأطباء أنّ المشكلات اليومية والإجهاد الذي يتعرّض له الدماغ بشكل مستمر كلّها عوامل تؤدِّي إلى العديد من الأمراض، من بينها تصلب الشرايين والأزمات القلبية، وقد يصل الأمر إلى إصابة الإنسان بالسكتة الدماغية.
- إجهاد الدماغ:
جاء في كتاب (Sleeping Problems) أنّ هناك نوعين من الإجهاد يصيبان الدماغ وهما:
الإجهاد الذي يتحمله الإنسان، والإجهاد الضار.
الإجهاد المحتمل هو الناجم عن المشكلات اليومية، مثل اضطرابات العمل أو أزمة المرور أو المشكلات الأسرية.. إلخ.
وهذا النوع من الإجهاد، على رغم أنّه مُضر، فإنّه لا يؤذي كثيراً؛ حيث يستطيع الدماغ أن يتكيف مع هذا النوع من الإجهاد، وبالتالي السيطرة عليه وجعله في نطاق الممكن، وهذ النوع من الإجهاد يترك آثاراً سلبية على الدماغ، ولكن بطريقة أقل من الإجهاد المُضر.
أمّا الإجهاد المُضر، فهو الذي يصيب الدماغ بأزمة تجعله مشلول التفكير، وقد يأتي هذا الإجهاد بغتة، كأن يعرف أحدهم أنّ قريباً له مات أو أنّه طُرد من وظيفته، فيتوقف التفكير ويصبح الدماغ عاجزاً عن تحمُّل الصدمة.
أو أن يتحوّل الإجهاد غير المُضر إلى إجهاد مُضر، مثلاً عندما يبقى الدماغ مشغولاً في المستقبل (أي عدم الشعور بالأمان) أو عدم الشعور بالأمان الوظيفي، أو عدم القدرة على مواجهة تكاليف الحياة أو المصاريف اليومية للأسرة؛ فكثرة التفكير في هذه الأمور تتحوّل من إجهاد غير مُضر إلى إجهاد مُضر، عندها يصبح الدماغ غير قادر على تحمل هذه المشكلات، فيصاب بالإجهاد، ثمّ ينقلها إلى أعضاء الجسم الأخرى، مثل القلب والشرايين وحتى إلى أنظمة المناعة، فيصاب الجسم بما يشبه الانهيار، فيصبح الجسم كلّه يعاني الأمراض البدنية والنفسية، والأصل في هذا كلّه يعود إلى الإجهاد الذي يصيب الدماغ.
ويشير الكتاب إلى أنّ هذا الإجهاد لا يأتي فجأة، بل نتيجة معاناة طويلة ومستمرة، حيث يؤدِّي إلى إيذاء مراكز الحس في الخلايا الدماغية، وهذا بدوره يفضي إلى إجهاد الجسم كلّه، خاصة الأنظمة المناعية، وفي حالة انهيار الأنظمة المناعية، فإنّ الجسم معرض لأي نوع من الأمراض.
- الإكتئاب:
جاء في الكتاب أنّ التفكير المستمر في المستقبل، ومشكلات الحياة تؤدِّي إلى الإكتئاب، ما يسبب عطلاً لـ(25%) من عمل الأجهزة اللاإرادية في الجسم، مثل عضلات القلب والأعصاب، وبالتالي تصاب عضلات القلب بالإجهاد، ومن ثمّ التوقف شيئاً فشيئاً عن العمل، وبعد ذلك يصاب الإنسان بالجلطة أو توقف القلب كلياً عن العمل.
والأمر نفسه يحدث بالنسبة إلى الدماغ، وهذا بدوره يؤدِّي إلى السكتة الدماغية وموت الإنسان سريرياً.
ويؤكِّد الكتاب أن تعامل الدماغ مع الإجهاد، سواء الإجهاد الضار أو الإجهاد غير الضار، لا يشكل ضرراً للدماغ، ولكن كثرة التفكير في القضايا التي تسبب الإجهاد هو الذي يسبب الضرر.
ومع أنّ الدماغ في كثير من الأحيان ينشط عندما يتعرّض لمشكلة ما، حيث يبدأ يعمل بكل طاقته وقدرته لحلها، إلّا أنّ التفكير الزائد والمستمر في قضية ما والتركيز عليها، هو الذي يسبب إجهاد الدماغ، وبالتالي إصابته بالضرر وخلاياه بالتلف، ولهذا ينصح الكتاب بتجنب الصراعات اليومية قدر الإمكان وعدم التفكير فيها بشكل كبير.
وعلى رغم أنّ الإنسان لا يـستطيع تجاوز أية مشكلة تواجهه من دون التفكير فيها لحلها أو تجاوز آثارها، فإنّ التفكير الزائد فيها هو الذي يؤدِّي إلى الخطر، خاصة عندما يصل الإنسان إلى ما يُعرف بـ"مرحلة العجز"، حيث ينتابه شعور بأنّه غير قادر على حل مشكلاته، وأنّ تلك المشكلات تزداد يوماً بعد يوم، وأن لا أحد معه يناصره أو يخفف النتائج السلبية لتلك المشكلة عنه، وهنا يحدث الخطر ويصبح دماغ الإنسان في حالة من التشتت والضياع، فيصاب بالإكتئاب، عند ذلك يختل عمل وظائف الدماغ ويصبح تفكير الإنسان منصباً على المسائل السوداوية، وقد يؤدِّي ذلك إلى الإنتحار. وإذا عرفنا أنّ خلايا الدماغ هي التي تحرِّك المشاعر، وهي التي تتجاوب معها سلباً أو إيجاباً عندها نعرف أن أي إجهاد مهما كان قليلاً أو كثيراً، فإنّه إجهاد لخلايا الدماغ.
ويؤكِّد الكتاب ضرورة تخلّص الإنسان من الإجهاد الضار أو غير الضار، وعدم ترك أي تراكمات لهما في نفسه أو دماغه ومحاولة التفكير في العناصر الإيجابية، وعدم التفكير في مسببات الإجهاد، مثل الأوضاع الإقتصادية، أو عدم وجود سكن مناسب أو عدم وجود أمان وظيفي.. إلخ.
* د. أحمد سلامة
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق