• ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٤ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

إحياء اليوم العالمي لمكافحة الفقر

عمار كاظم

إحياء اليوم العالمي لمكافحة الفقر

تم الاحتفال سنوياً في يوم السابع عشر من شهر أكتوبر بـ«اليوم العالمي لمكافحة الفقر»، حيث يعتبرهذا اليوم مناسبة لتجمع أشخاص يعيشون الفقر وآخرين يكافحون إلى جانبهم.. فهو فرصة لكي يتمكّن اشخاص الذين يعيشون حياة صعبة التعبيرعن الظروف المأساوية التي يعيشونها. ففي هذا اليوم، يتمكّن الفقراء من التعبير عن احتياجاتهم، وفي الوقت نفسه يحتجون عن الظروف اللا معقولة التي يتحمّلونها من أجل العيش في هذه الحياة مما يهدر كرامتهم كبشر.. كما أنّ التغلب على الفقر لا يمكن تحقيقه إلّا بمشاركة مَن يقعون تحت أسره، لأنّهم أقدر على التعبير عن معاناة الفقر وما ينجم عنه.

فالفقر يُعدُّ انتهاكاً للحقوق الأساسية للإنسان، كما حثّ الإسلام بالاهتمام بمشكلة الفقراء من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، فعن الإمام عليّ (عليه السلام) ـ لابنه الحسن (عليه السلام): «لا تلُمْ إنساناً يطلبُ قُوتَه، فَمَن عَدِمَ قُوتَه كَثُرَت خَطاياهُ. يا بُنيَّ، الفقيرُ حقيرٌ لا يُسمَعُ كلامُهُ، ولا يُعرَفُ مقامهُ، لو كان الفقيرُ صادقاً يسمُّونه كاذباً، ولو كان زاهداً يسمُّونه جاهلاً. يا بُنيَّ، مَن ابتُلِيَ بالفقرِ فقد ابتُلِيَ بأربَعِ خِصالٍ: بالضعف في يقينِهِ، والنُّقصانِ في عقلهِ، والرقَّةِ في دِينِه، وقلَّة الحياءِ في وَجهِهِ، فَنَعُوذُ باللهِ من الفقر».

وممّا يقرّب من روعة الصورة التي أرادها الإسلام أن تكون في مبدأ العطاء وتحقيق العدالة الاجتماعية أنّه عدّ الفقير شريكاً للغني في أمواله بمقدار ماله. وفي هذا يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّ الله أشرك بين الأغنياء والفقراء في الأموال فليس لهم أن يصرفوا إلى غير شركائهم».

كما نجد في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) بياناً شافياً لعظمة الدور الاجتماعي في مسألة التكافل فيما يمثّله من قيمة عالية بحيث يكون بالمستوى الذي يفوق فيه بعض الممارسات العبادية العظيمة عند الله عزّوجلّ كالحج! ممّا يشير هذا إلى عظمة وخطورة الدور الاجتماعي في باب التكافل للقضاء على الفقر، ويوحي بامتداداته الواسعة التي يُتقرّب بها إلى الله عزّوجلّ كعبادة مثالية عظيمة، تتميّز بدرجاتها الرفيعة على كثير من العبادات المهمّة، وفي هذا يقول الإمام الباقر العلوم (عليه السلام): «لأن أعول أهل بيت من المسلمين أسدّ جوعتهم وأكسو عورتهم، وأكفّ وجوههم عن الناس، أحبّ إليّ من أن أحجّ حجّة وحجّة وحجّة، ومثلها ومثلها حتى بلغ عشراً، ومثلها حتى بلغ السبعين». وفي هذا ما يدلّ بوضوح على أنّ أقصر الطرق إلى الله تعالى هي خدمة عباده.

إنّ كلّ هذه المفاهيم وغيرها تشترك في عملية دفع الإنسان المسلم لأن يقوم بواجبه خير قيام بل ويشعر معه باللذة التامة والعواطف المتأججة الدافعة نحو القيام بواجبه الاجتماعي في خلق التكامل والتوازن وإعطاء الفقير منها، بل الإنفاق فوق الواجب والمساهمة في رفع مستوى الفقراء إلى حد الغنى والاستقلال الذاتي في العمل.

في هذا اليوم يجب على الجميع التعاون والمساهمة في تحطيم جدران الفقر. إنّ معرفة مفهوم الفقر وتحديد أبعاده، يعدُّ أوّل الخطوات لمواجهة الفقر، والقضاء عليه بما يتوافق مع أهداف الألفية الثالثة المتعلقة بالقضاء على الفقر بكلّ أشكاله والجوع وضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحّية.

ارسال التعليق

Top