إختيار الأحسن في شؤون الحياة كلّها، أدب من الله نتأدّب به، وخلق عظيم من أخلاقه نتخلّق به، حتى عدّه البعض شعاراً للمسلم أينما كان، فكيف علّمنا المُربِّي الأوّل وهو الله سبحانه وتعالى الذي أتقن وأحسن صنع كل شيء، أن نختار الأحسن؟
1- العمل الأحسن:
قال تعالى: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) (هود/ 7).
في تفسير الآية عن الإمام الصادق (ع): "ليس يعني أكثركم عملاً ولكن أصوبكم عملاً، وإنّما الإصابة (خشية الله) و(النيّة الصادقة)". ثمّ قال: "الإبقاء على العمل حتى يخلص أشدّ من العمل، والعمل الخالص هو الذي لا تريد أن يحمدكَ عليه أحد إلا الله عزّ وجلّ". أي: اختر أحسن الأعمال وأصوبها.
2- إتِّباع الأحسن:
قال عزّ وجلّ: (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (الزمر/ 55).
أحسن ما قاله المفسِّرون في معنى الآية: إنّ أوامر الله تعالى متعدِّدة ومختلفة، البعض منها (واجب)، والآخر (مستحبّ)، والآخر (مُباح)، والمُراد من (أحسن) هو اختيار الواجبات والمستحبّات.. أي: اختر أحسن العبادات.
3- التحيّة الأحسن:
قال سبحانه: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا) (النساء/ 86).
المراد من التحية بالأحسن، هو أن نُعقِّب السلام بعبارات مثل (ورحمة الله) أو (ورحمة الله وبركاته).
جاء في (الدر المنثور): إنّ شخصاً أتى النبي (ص)، وقال: السلام عليكم ورحمة الله. فأجابه (ص): وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. فجاءه ثالث وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فقال النبي (ص): وعليك. فلمّا سُئل عن السبب في هذا الجواب القصير. قال: "إنّ القرآن يقول: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا)، ولكنّه لم يُبقِ شيئاً"! أي: إختر أحسن التحية.
4- إتِّباع أحسن القول:
قال تعالى: (فَبَشِّرْ عِبَادِي * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) (الزمر/ 17-18).
ورد عن الإمام الصادق (ع) في تفسير الآية: "هو الرجل يسمع الحديث فيُحدِّث به كما سمعه لا يزيد فيه ولا ينقص". أي أنّ من علامات اتِّباع القول الأحسن أو أحسن القول هو أن لا تضيف له من عندك شيئاً. بل تنقله بذاته وكما هو للآخرين.
5- إختر قول الأحسن:
قال جلّ جلاله: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (الإسراء/ 53).
الأحسن: من حيث (المحتوى) و(البيان) ومن حيث التلازم بين مكارم الأخلاق والأساليب الإنسانية.
6- المجادلة بالتي هي أحسن:
قال عزّ وجلّ: (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل/ 125).
المجادلة بالأحسن: هي التي يحكمها الحقّ والعدل والصحة والأمانة والصِّدق، وتكون خالية من أيّة إهانة أو تحقير أو تكبّر أو مغالطة، وأن تحافظ على كلّ الأبعاد الإنسانية السليمة عند الحوار والتعايش والمناظرة.
7- الدّفع بالتي هي أحسن:
وقال سبحانه: (لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت/ 34).
إدفع الباطل بالحقِّ، والجهل والخشونة بالحلم والمداراة، وقابِل الإساءة بالإحسان، فلا تردّ الإساءة بالإساءة والقُبح بالقُبح، لأنّ ذلك يؤدِّي إلى الانتقام ويقود إلى عناد المنحرفين، أمّا الدّفع بالتي هي أحسن فيزيل الأحقاد والعداوات ليترك مكانها للحبِّ والمودّة.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق