• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الإمام عليّ (عليه السلام).. امتداد لخطّ رسول الله

عمار كاظم

الإمام عليّ (عليه السلام).. امتداد لخطّ رسول الله

يقول سبحانه وتعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) (البقرة/ 207) و(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (المائدة/ 55)، ويقول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا عليّ، أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي». بلغ الإمام عليّ (عليه السلام) الموقع الكبير عند الله ورسوله وعند المسلمين، عندما كان أوّل المبادرين، فهو أوّل من أسلم، وأوّل من أعلن نصرته لرسول الله، وفي وقت عزّ الناصر، وكان في المقدِّمة في مقارعة الشِّرك والكافرين، فقد عرفته ميادين بدر وأحد والأحزاب وخيبر، وهو من قال عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أعلمكم عليّ»، و«أقضاكم عليّ». وهو من احتاج الجميع إليه بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يحتج إلى أحد. وكان الإمام عليّ (عليه السلام) يوصي أصحابه: «بادروا بعمل الخير قبل أن تشتغلوا عنه بغيره»، «اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحّتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك».

هذا هو الإمام عليّ (عليه السلام) في كتاب الله وفي سنّة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي نستطيع أن نقول من خلال تاريخه الأوّل إنّه ابن رسول الله، ليس في النسب وإنّما في التربية.

كان (عليه السلام) قبل الرسالة يعيش مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في معنى محبّته لله وعبادته له عندما كان يتعبّد في غار حراء، ولم يكن معه إلّا عليّ، وكان يعيش معه ويستفيد عقله من عقله، وروحه من روحه، وخلقه من خلقه، وعلمه من علمه. أمّا بعد الرسالة، عندما اشتدّ عوده، فكان يدافع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مكّة ضد المشركين، وعاش مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) طيلة حياته بعد الرسالة، فكان في مكّة التلميذ والرفيق، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخرج إلى البيت الحرام ليصلّي ومعه أُمّ المؤمنين خديجة (رضي الله عنها)، وكان عليّ (عليه السلام) ثالثهما، وهو الذي قال: «لم يسبقني إلّا رسول الله بالصلاة»، كان أوّل مَن صلّى بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنّه كان يعيش معنى الصلاة ممّا تعلّمه من النبيّ من أنّ الصلاة معراج روح المؤمن إلى الله، فكانا يعرجان معاً بروحيهما إلى الله تعالى في صلاتهما التي هي أحلى أنواع الصلاة.

وعن الإمام عليّ (عليه السلام): «اعلموا عباد الله ـ وعندما نقرأ كلمات الإمام عليّ (عليه السلام) فإنّ علينا أن نتصوّر أن علياً هو الذي يخاطبنا، فهو إمام الزمن كلّه وحديثه حديث الزمن كلّه ـ أنّ عليكم رصداً من أنفسكم، وعيوناً من جوارحكم ـ فكل عضو هو عين تحدّق بكم ـ وحفّاظ صدق ـ وهم الملائكة ـ يحفظون أعمالكم وعدد أنفاسكم، لا تستركم منهم ظلمة ليل داج ـ فنحن لسنا مستورين أمام الملائكة وأمام أعضائنا ـ ولا يكنّكم منهم باب ذو رتاج»، ويقول (عليه السلام) وهو يقتحم على الإنسان نفسه ليجعله سيِّد نفسه: «لا تكن عبد نفسك، فإنّ النفس أمّارة بالسوء إلّا ما رحم الله سبحانه وتعالى». كن الإنسان الذي يحكم من خلال عقله على نفسه ليوجهها إلى الخير وما يرضي الله تعالى. ويقول (عليه السلام): «طوبى لمن راقب ربّه ـ بحيث ذكر الله في كلِّ شيء ـ وخاف ذنبه»، ليتخفّف من ذنبه ويتوب إلى الله منه.

ونختم بقولٍ حكيمٍ لعليّ (عليه السلام)، والذي يصلح لأن يكون منهجاً اجتماعيّاً واقتصاديّاً وإنسانيّاً صالحاً للأفراد كما للجماعات والأوطان، حيث يقول: «استغنِ عمّن شئت تكن نظيره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره، وأحسن إلى من شئت تكن أميره»، و«لاَ تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَقَدْ خلقَكَ اللهُ حُرّاً».

ارسال التعليق

Top