• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الاستقامة في زمن الإنحراف

أسرة البلاغ

الاستقامة في زمن الإنحراف

◄كيف يمكن لنا أن نستقيم في زمن الانحراف هذا؟

السؤال بحد ذاته دليل الوعي للمشكلة والإحساس بها أو بوطأتها..

فيما نلخّصه من الجواب:

القرآن ضرب مثلين: أحدهما للشاب أو للرجل، والثاني للفتاة أو للمرأة.

يوسف (ع) عاش في بيئة أو جو منحرف (بيت العزيز المترف).. لكنّه استقام واستعصم.. وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون.. عاشت أيضاً في بيئة منحرفة (قصر فرعون).. لكنها استقامت.

أتذكر إنّني شبهت الأجواء في المغتربات بقصر العزيز وقصر فرعون، تحديات ضاغطة وكبيرة.. ولكن المؤمن هناك والمؤمنة هنا لم يستسلموا..

 - اللجوء إلى الله هو الحل:

 يوسف توجه إلى الله للخلاص من المأزق بقلبه كلّه..

 وآسية اتجهت إلى الله للخلاص من محنتها بكيانها كلّه..

1- الإستقامة زرع يغرس في تربة النفس كأيّة شتلة تنمو بعد حين.. قد لا تزهر؛ لكنّها تفوح بالعطر، إنّها بنفسجة الروح..

هي وازع أو ضابط أو رقيب داخلي.. يصطلح عليه الآخرون بـ(الضمير) ونصطلح عليه إسلامياً بـ(التقوى).. وفي الحالين المراد بناء سياج واق من الانحراف.

2- الاستقامة ليست مجرد تربية أخلاقية.. هي سلوك ناتج عن بناء إيماني صحيح.. حينما تقول في صلاتك (إهدنا الصراط المستقيم) فإنّك تطلب الاستقامة من الله لأنّها حاجة أساسية بالنسبة لك.. لكن المطلوب منك أن تستحضر الاستقامة كلما داهمك الانحراف.. أن تستنفر القوة الإيمانية المزروعة في داخلك كما تفعل الكريات البيضاء إذا داهم الجسم ميكروب..

3- العمل وفق أحكام الشريعة – القانون الإلهي – (أي الحلال والحرام).. استقامة.

4- (الوقاية) وهي بالطبع خير من العلاج.. استقامة.. لأنّه "لكل ملك حمى وحمى الله من محارمه فمن رتع حول الحمى أوشك أن يقع فيه"، كالأنغام التي ترعى على أطراف أرض غير أرضها فهي ستدخل فيها حتماً.

لذلك نهى الإسلام عن مجالسة الخمّارين حتى ولو لم يشرب الجالس معهم خمراً أو مسكراً.. ليجنبنا الوقوع في الانحراف.

وكذلك نهاناً عن مشاهدة الأفلام الإباحية لأنّها تغري بالانحراف.

وعن مصاحبة المنحرفين ومجاراتهم لأنّهم سيجرّون إلى الانحراف، وقديماً قال الشاعر:

لا تربط الجرباء حول صحيحة***خوفاً على تلك الصحيحة تجرب!

5- الاستقامة حوار داخلي دائم بين (منطق الخير) وبين (منطق الشر) في داخلنا.. إحسمه لصالح الخير.. تكمن مستقيماً!

6- النقد الذاتي.. طريق للإستقامة.. أطرحُ على نفسي أسئلة حادة، وأحاول أن أجيب إجابات صريحة..

لماذا أفعل هذا؟ ما هي نتائج عملي؟ هل هذا يُرضي الله الذي يراقبني؟ ماذا لو تركت هذا الأمر؟ لماذا أقلد غيري في ذلك؟ لأجرب ضبطي النفسي إزاء هذا الإغراء بالانحراف؟ هل أنا قوي أو ضعيف؟ لماذا لا أكون كذاك المستقيم؟ هو استطاع إذاً أنا بامكاني أن أكون مثله باستطاعتي... إلخ.

الأسئلة الداخلية مهمة في تطويق حالة الانحراف.

7- التغذية المستمرة مهمّة كذلك.. هذه هي فائدة حفظك لشيء من القرآن، وبعضاً من الأحاديث الشريفة، أو الأبيات الحكميّة، أو الأمثال الشعبية.. أو المواعظ والنصائح الثمينة (أحي قلبك بالموعظة) ربَّ قول يخطر على بالك وأنت تقترب من بؤرة الانحراف، يردعك ويثنيك فتحجم، بل وقد يغيِّر مجرى حياتك بالكامل.

8- الصحبة الصالحة.. شرط أساس من شروط الاستقامة..

المؤمن + المؤمن = جو إيماني

المستقيم + المستقيم = استقامة دائمة

الصالح + الصالح = صلاح قوي وسلامة وطيدة

9- الاستقامة (إرادة) و(تعبير عن الإرادة)..

أريد أن أكون مستقيماً.. هذا يستدعي ترك الرذائل أوّلاً.

يقول (جورج برناردشو):

"ليست الفضيلة في أن تتجنّب الرذيلة فحسب، بل في ألا تشتهيها أيضاً".

لا تفكِّر بالثانية الآن.. إبدأ بالأولى.. وركِّز عليها.

الثانية تأتي تباعاً.►

 

المصدر: كتاب أبناؤنا.. مسؤولياتنا

ارسال التعليق

Top