• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

التمسّك بالقرآن الكريم

عمار كاظم

التمسّك بالقرآن الكريم

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّي تاركٌ فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي». إنّ الله سبحانه وتعالى أودع شريعته وحقائق دينه في كتابٍ أنزله للناس هادياً، وأمر نبيّه والأوصياء من بعده أن يفسّروا آياته ويبيّنوا تعاليمه. فهو كتاب الله وهم كلماته التامات؛ وفيه أودع إرادته الكاملة للبشرية لكلّ عصرٍ ومكان، وهم المتّصفون بالالتزام التام. ومَن أراد الوصول إليه سلك سبيله؛ ومَن اهتدى فإنّما يهتدي به. فهذا الكتاب هو مظهر هداية الله التامة.. فإنّ كلّ آية فيه تمثّل درجةً من درجات الجنّة. ففي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «عدد درج الجنّة عدد آيات القرآن، فإذا دخل صاحب القرآن الجنّة قيل له اقرأ وارقَ، لكلّ آيةٍ درجة فلا تكون فوق حافظ القرآن درجة». فمن ضرورات شريعة الإسلام التمسُّك بالقرآن، لأنّه مصدِّر التشريع، وحافظ العقيدة وملهم الأرواح. فمن تركه، فقد ترك دينه وأعرض عن الله. ولهذا، كان التمسُّك بالقرآن باب الدخول إلى الدِّين، لأنّه سند النبوّة الخاتمة والمعجزة الإلهيّة الخالدة، والحجّة على العالمين.

إنّ حقيقة القرآن التي يصل إليها الأولياء هي النور الخالص والغنى الذي لا فقر بعده أبداً، والكمال الذي لا منتهى له. فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «القرآن غنى لا غنى دونه، ولا فقر بعده». وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «واعلموا أنّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنى، فاستشفوه من أدوائكم، واستعينوا به على لأوائكم، فإنّ فيه شفاءٌ من أكبر الداء، وهو الكفر والنفاق والغيّ والضلال. فاسألوا الله به وتوجّهوا إليه بحبّه، ولا تسألوا به خلقه».

فهو الشافي لأمراض النفوس والمزيل لأمراض القلوب. وهو إكسير السعادة في الدارين. ومَن أراد تطهير باطنه من الأمراض والرذائل الأخلاقية، فليتمسّك به. وفيه الشفاء من أكبر الداء وهو الكفر. عن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) أنّه قال: «تعلّموا القرآن فإنّه أحسن الحديث، وتفقّهوا فيه فإنّه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره فإنّه شفاء الصدور». حتى عد قارئ القرآن عن حقٍّ ودراية ممّن أدرجت النبوّة بين جنبيه، كما في الحديث عن مولى الموحدين (عليه السلام): «مَن قرأ القرآن فكأنّما أُدرجت النبوّة بين جنبيه إلّا أنّه لا يوحى إليه».

وعليه، فإنّ القرآن المجيد كتاب الهداية إلى الغنى الذي لا فقر فيه والكمال الذي لا نقص فيه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (يونس/ 57)، وهو كتاب السفر إلى الله تعالى وباب الوصول إليه، وكتاب تهذيب النفوس والصدور وشفائها من الأمراض الخبيثة والمهلكة.. فهذا الكتاب الشريف الذي هو الكتاب الوحيد في السلوك إلى الله والكتاب الأحدي في تهذيب النفوس والآداب والسنن الإلهيّة، وأعظم وسيلة للربط بين الخالق والمخلوق والعروة الوثقى والحبل المتين للتمسُّك بعزّ الربّوبية.

ارسال التعليق

Top