• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الجوانب الإنسانية لعاشوراء

ميسر سهيل

الجوانب الإنسانية لعاشوراء
 نهضة الحسين كانت ملحمةً حماسيةً إنسانية. الإمام إنما نهض للإصلاح وإعادة أمور الدين إلى نصابها. القضية ليست موقفاً شخصياً ذاتياً وإنما هي قضية إنسانية تتعلق بالحفاظ على مصلحة الأُمّة. مسؤولية كل فرد من أفراد الأُمّة الإسلامية جمعاء، حراسة مصالح الآخرين. من أهم الخصائص المميزة لنهضة الحسين، هي النظرة الفاحصة والثاقبة التي امتاز بها. لقد علَّمنا الحسين أنّ الثورة من أجل الأمور الكبيرة تحتاج إلى نفوس كبيرة لقيادتها. إذا كان الأبطال يموتون واقفين، فالحسين قضى شامخاً بالشهادة. لا أريد أن أتحدث عن تاريخ عاشوراء، لأنّ التاريخ ماض نتأمله للاعتبار من أجل الحاضر والمستقبل، لذا دعونا نتأمل ما في هذه الذكرى العظيمة من مواقف وأسباب وأهداف وغايات، ما زالت الأُمّة الإسلامية بحاجة إليها، بل هي أحوج ما تكون إليها في وضعها الحالي المؤلم، فنهضة الحسين كانت ملحمةً حماسيةً إنسانية، ومظهراً من مظاهر العظمة والصفاء والنبل والتضحية والفداء، تستحق التأمل والتفكير العميق.   - العوامل المؤثرة: ولكي نتلمس معالم هذه النهضة، لابدّ من دراسة العوامل المؤثرة فيها واستشعار توجهاتها الحقيقية التي تشير إليها، ليتم الاحتفاء بها على الوجه المتوافق مع أهدافها، من أجل الوصول إلى الالتزام بها شكلاً وموضوعاً، وهذه العوامل تتمحور من حيث الظاهر حول أمور هامة، أوّلها – وربما محركها – هو طلب البيعة من الإمام الحسين (ع) تحت الإكراه والتهديد، وهو يرى أن تلبيتها تنطوي على مفسدتين خطيرتين: إحداهما إضفاء المشروعية على الخلافة الوراثية، التي تنفي دور الأُمّة بانتخاب من ترى فيه القدرة والكفاءة على قيادتها إلى ما فيه صلاح أمرها في الدنيا والآخرة، كما تمنع أهل الحل والعقد في الأُمّة من ممارسة دورهم في اختيار الأصلح لتحمل المسؤولية الدينية والدنيوية في الآن معاً، فالموقف ليس متعلقاً بشخص بعينه، وإنما بالطريقة التي يتم فيها اختياره أيضاً. وأما المفسدة الثانية فهي أنّ الشخص المطلوب مبايعته كان يبرهن بسلوكه السيء، وفقدانه للأهلية القيادة، على صحة ما يتمخض عنه المنهج الوراثي، من ضياع مصالح الأُمّة في دينها ودنياها، وذلك لعدم التزامه بثوابت الشرع والمجاهرة بمخالفة مبادئه، وفي ذلك هدم لدين الأُمّة ودنياها. كما أنّ الشخص المرشح لوراثة الخلافة يفتقد الحنكة السياسية، حيث ممّا لا شك فيه أنّ الخلافة الإسلامية تستند إلى تطبيق الشرع الإسلامي ممثّلاً بشخص الخليفة، فملايين البشر من أبناء القوميات المختلفة في آسيا وإفريقيا وأوربا، ممن انضووا تحت راية الإسلام، إنما يخضعون لها؛ لأنّها تحكم بمبادئ الشرع الإسلامي الحنيف، وأنّ خليفتها هو الراعي لتطبيق ذلك، فالمصلحة تقتضي عدم مبايعة من لا يلتزم بحدود الله وشرعه الحنيف، لأن عدم إلتزامه يمزق وحدة المسلمين ويضيّع مجدهم. ولهذا كان الحسين (ع) يبين سبب رفضه للبيعة بقوله: "وعلى الإسلام السلام إذا بُليت الأُمّة براع مثل يزيد". فالقضية ليست موقفاً شخصياً ذاتياً وإنما هي قضية إنسانية تتعلق بالحفاظ على مصلحة الأُمّة في وحدتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية. ولأن مجرد وجود شخص غير مناسب في سدة الخلافة، هو تقويض لدعائم الدولة الإسلامية، والحسين قدوة للأُمّة، وعمله جدير بأن يتابعه الناس عليه، فيكون قبوله ترسيخاً للخطأ الذي يهدم قواعد الأُمّة من أساسها، ولذلك كان يقول (ع): "مثلي لا يبايع مثله أبداً"، فهو يعتبر ذلك تضليلاً للأُمّة وعودة بها إلى حكم الجاهلية، الذي يقوم على قهر العباد وسلب حريتهم وضياع مصالحهم، ويؤدي إلى ضعف كيانهم، مما يسلِّط عليهم المتجبرين داخلياً، والأعداء المتربصين بهم خارجياً، وهذا الأمر الخطير يفرض على أمناء الأُمّة الاعتراض عليه بكل ما أوتوا من قوة، حتى لو تطلب ذلك التضحية بالأنفس والأموال. وبالنظر إلى هذا العامل لا يعني أنّ الإمام الحسين، لو لم تطلب منه السلطة ذلك، لم يكن لينهض باعتراضه مواجهته، ويؤثر السلامة وهدوء البال، بل كان سيفعل ذلك حتماً شعوراً منه بالمسؤولية، لأنّه رجل فاعل في الأحداث، فقد رأى الفساد قد عمَّ البلاد، وصار حلال الله حراماً وحرامه حلالاً، وصار بيت مال المسلمين بأيد غير أمينة، وأمواله تصرف بغير رضا الله ورسوله، والحسين يذكر قول الرسول الكريم محمد (ص) "من رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم ولعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله". وهذا يعني أنّ كل من يعلم ويشعر ويدرك، أنّ الأمور تتجه إلى الفساد، فعليه أن ينهض للتصحيح، وإلا سيكون مصيره مشتركاً مع مصير مجتمع المذنبين العاصين لأوامر الله، ويصير المجتمع كلّه بمواجهة قوله تعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) (الأنعام/ 65)، وقول رسول الله (ص) "لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونَ عن المنكر أو ليسلطنّ الله عليكم شراركم، فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم". وبهذا نتبين أنّ عامل رفض البيعة لم يكن شخصياً، وإنما هو مرتبط بالعامل الثاني وهو القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يتعلق به صلاح الأُمة. فقد كان الإمام الحسين يقسم بالله ويقول "إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي، أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب". فالإمام إنما نهض للإصلاح وإعادة أمور الدين إلى نصابها، ليعرف العالم الإسلامي أنّه غير راض عن الانحراف، فهو لا يطلب الجاه ولا السلطان ولا الثروة، ولقد ظلت هذه الروح تتجلى في تحرك الحسين وشخصيته منذ اليوم الأوّل الذي وجد فيه نفسه بحاجة إلى الثورة على الخطأ، حتى اللحظات الأخيرة من حياته، ولم يكن بالإمكان أن تفارقه هذه الروح أو تنفصل عنه أبداً، فكان عليه السلام ينهض بمنتهى المروءة ويقدم كل شيء بإخلاص تام في النية والعمل، وكان مثالا يحتذى في التضحية والفداء. أمّا العامل الثالث لنهضة الحسين (ع)، فهو كتب أهل الكوفة له يدعونه فيها للالتحاق بهم؛ صحيح أنه عليه السلام توجه إلى الكوفة بناء على ذلك، ولكنه كان قد بدأ حركته ونهوضه حين كان في المدينة المنورة، عندما تعرَّض لطلب البيعة القسريّة، فرفض ذلك وخرج منها قاصداً مكة المكرمة، إلى حيث الحرم الآمن بسبب موقعية مكة الأمنية ومركزها الاجتماعي والسياسي المهم، ولا سيما في موسم الحج والعمرة، حيث تهوي إليها الأفئدة من كل فج عميق، فيمكنه إرشاد الناس ووعظهم بشكل أفضل وأوسع، فهنا إذن فرصة ذهبية مواتية للتبليغ والدعاية وشرح وجهة النظر المتعلقة بمصلحة الأُمّة، لكن! وقد صارت المدينة، ومن ثمّ مكة، موضع خطر على الإمام، فقد أجاب من سأله عن ذلك بقوله: "إنهم يبحثون عني، ولن يهدأ لهم بال قبل أن يروا دمي ينزف أمامهم" فمن الطبيعي أن يستجيب الحسين لطلب التوجه إلى الكوفة حين وصلته دعوة أهلها، بعد شهرين من نضاله في مكة، ولم تكن دعوة أهل الكوفة إلا سبباً لانتقاله، لعله يجد مناخاً مناسباً، من باب اتخاذ الأسباب، وإصراراً منه على النهوض الإصلاحي الذي يتحرك في سبيل تحقيقه. فالمسلم وإن كان مستعداً للتضحية، عليه أن يتخذ الأسباب، باذلاً جهده بالسلامة، من أجل النهوض بالواجب. ولقد كان الواجب المتعلق بالمصلحة العامة وحفظ الدين لا يقبل المهادنة والحلول الوسط، لأن ذلك خيانة للأُمّة وهدر لمقومات مصيرها، والمقصود من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هو الاستفادة من كل الوسائل المشروعة في سبيل الوصول إلى الأهداف السامية وتدعيمها وترسيخها، تطبيقاً لقول رسول الله (ص): "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، فلا ركون للمنكر، والنبي (ص) يقول: "من رأى منكم منكراً فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، وإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". فمسؤولية كل فرد من أفراد الأُمّة الإسلامية، جمعاء، حراسة مصالح الآخرين، وهم مسؤولون عن بعضهم البعض، فكيف إذا تعدى الأمر القضايا الفردية والجزئية، إلى تهديد المصالح العامة وانتشار الظلم وشيوعه. لقد أراد الحسين فتح العيون المغلقة على الحقيقة، وتبصرة من رانت عليهم الغفلة، ومن أصابهم داء التحريف والانحراف، فوقعوا في مهاوي العتمة وغياهب الظلمة، فأبرز لهم الحسين حركة رائدة في سبيل الحق، واقعيةَ المنطلق والغاية، فالحق باعثها وسبيلها ورائدها وسلاحها، وغايتها التي بلغت مداها. إنّ قيمة قيام الإمام على هذا الأساس تضاعفت كثيراً، وأخذ الدرسُ الحسيني وضعيّة خاصة، لأنّ هذه الأسس التي قامت عليها أعطت للنهضة الحسينية جدارتها، فاستحقت تلك النهضة الحياة والخلود.   - البصيرة.. من أهم خصائص النهضة: وإن من أهم الخصائص المميزة لنهضة الحسين، هي النظرة الفاحصة والثاقبة التي امتاز بها، وامتلاكه البصيرة بالأشياء، فقد كان يستشف المستقبل في حركة الزمن، ويرى في الأفق أموراً وأحداثاً، لم تكن لغيره القدرة على رؤيتها، تقتضي ذلك القيام للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعلينا أن نتعرَّف أكثر فأكثر على واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لاستكشاف القدرة الكامنة فيه لاستنهاض الأُمّة، والقدرة على تأهيل الإنسان للتضحية بالنفس والمال والأصحاب، من أجل انتصار المبدأ الذي يضمن سلامة المجتمع، ويصونه من التفكك وتفرق الأمّة، وذلك حسب مقتضى الحال، فللإصلاح من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب يطول بحثها، تبدأ بالإنكار القلبي وتتدرج إلى أقصى حدود البذل والفداء. لقد علَّمنا الحسين، أنّ الثورة من أجل الأمور الكبيرة تحتاج إلى نفوس كبيرة لقيادتها، نفوس قادرة على النهوض والتضحية في كل عصر وزمان، نفوس صامدة راسخة رسوخ الجبال الرواسي، تستمد عزمها من مدرسة الحسين الذي قال للمستبكرين "والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد"، هكذا يكون التفاوض مع الأعداء، لذلك نرى حاملي شعلة الحق لا يرتابون ولا يترددون كما يتردد المنبطحون على ملذات الدنيا وأموالها ومناصبها الزائلة، فما كان لله فهو المتصل وما كان لغير الله فهو المنقطع والمنفصل.   - معنى الفوز: علمنا الحسين أنّ المؤمنين بالمسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقهم من أجل أوطانهم وأمتهم هم الفائزون، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ...)(التوبة/ 111)، فهم فائزون بإحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، وهذا سر نداء الحسين "هيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت" لقد قام الإمام الحسين بعمل خالص لوجه الله تعالى دون أي شائبة، وأدى المهمة المطلوبة منه لامته ودينه في حدّها الأقصى، فلم يدع شيئاً قابلاً للتضحية في سبيل الله، إلا وقدّمة خالصاً لوجه الله، فكانت ثورة الحسين إنسانية الصبغة، وكانت خصوصية كربلاء أن جماعتها فتحت للأجيال طريق الخلاص من الظلم والاستبداد والتسلط، والانحراف عن دين الله القويم، فيما سيأتي بعدهم من الأيام، على مدى الزمن. ولم يكن أحد من أهل الحسين وأحبائه قد جيء به قسراً، بل كلّهم كانوا إخوة العقيدة والفكر والإيمان، وقد رفض الإمام من الأساس أن يكون بين صفوفه أي فرد يشكل نقطة ضعف، لهذا عرض على أصحابه العودة لمن أراد منهم ذلك، مرتين أو ثلاثة، ليبقي على النخبة الخالصة النقية. فالنخبة دائماً هي التي تحقق الغاية المنشودة والهدف الأسمى "هيهات من الذلّة" مهما كان العدو متغطرساً، ومهما كثر الخونة والمتآمرون، حتى في أكثر اللحظات حرجاً وضيقاً. غير أنّ الإمام الحسين على الرغم من هدفه الإصلاحي تبرز في اللحظة الحاسمة روحه الإنسانية وعطفه على رهطه من الأهل والأصحاب، فيقوم ليلة العاشر من محرم، حين ادلهم الخطب وأحاط بهم الأعداء، فيدعو الجميع بلمسة إنسانية رائعة ويقول لهم: "ألا وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعاً في حل، ليس عليكم أي حرج مني ولا ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا، وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، وتفرقوا في سواد الليل، وذروني وهؤلاء القوم فإنّهم لا يريدون غيري". لكن! هيهات لهذه النخبة أن تقبل بالذلّة، فقد تعلموا أنّ المسؤولية بالغة القيمة إلى الحد الذي تتطلب التضحية بكل شيء في سبيل الله عند الضرورة، فكان الصمودُ والثباتُ المتينُ سيِّد الموقف. في يوم عاشوراء استشهد سبط رسول الله الإمام الحسين (ع)، ليكتب بالدم ضرورة التغيير حين تفسد الأمور، واستشهد أحفاد رسول الله ونكِّل بآل بيته، ونحن نحب رسول الله (ص)، ونبرأ إلى الله مما جرى لآل بيته، كلّما قرأنا في صلواتنا: "اللّهمّ صل على محمد وآل محمد". استشهد الحسين وتوالت الأحداث التي تنبَّأ بها، فلم تدم الخلافة ثلاث سنوات إلا في ظل الأزمات المتلاحقة، ثمّ انتهت حين شاءت حكمة الله، ألا يجعل في وريثها أهلية وصلاحية للخلاف، فاستقال واعتزل الحكم، ليحدث التغيير الذي ثار من أجله الحسين. سلام الله عليكم يا أبا عبدالله، وعلى آل بيتك وأصحابك.. فما زالت ثورتك الإصلاحية خالدة في قلوب المؤمنين، الذين فهموا دروس نهضتك، وعلى رأسها التضحية بكل شيء في سبيل المبدأ حتى يحدث التغيير المنشود، عملاً بمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أجل الإصلاح. هذا هو درس عاشوراء ليكون الاحتفاء بالمناسبة إيجابياً: إنّه تحمّل المسؤولية والنهوض بها، لمنع ما يقوِّض كيان الأُمّة ويفرق كلمتها. وإذا كان الأبطال يموتون واقفين، فالحسين قضى شامخاً بالشهادة، والشهادة أعلى مراتب البطولة والعزة والشرف الذي يستحق الفخر والاعتزاز، وإذا كانت العاطفة مقدسة، ولابدّ للعين أن تدمع، فلتكن الدمعة عهداً للحسين، أن نخلص للمبادئ التي نهض لتحقيقها، ولنبك أمة غرق الكثير منها في شهوة المال والسلطان، فانبطحوا لمخططات أعدائهم إلى درجة الخزي والعار، فنحن لا نبكي الحسين، وإنما نبكي أمّةً يحترق لبنان فيقف جزء منها متفرجاً، وتحترق غزة هاشم، وليت ذلك الجزء وقف متفرجاً، ولكن حين شب حريق في الكيان الصهيوني، هب ذلك الجزء لمساعدته، إنني أبكي أُمّة احتل عراقها وأفغانها، ويقسَّم سودانها، ويحاصر كثير من بلدانها بمخططات الأعداء، وما تزال تبحث عن مخرج في سراديب أعدائها، بل لم تعد قادرةً – وهي في سُباتها العميق – أن تفرِّق بين العدو والصديق، ولا أن تميِّز بين ما ومن يضرها، ممن ينفعها ويأخذ بيدها، لينقذها من ذلها إلى عزتها.

لإصلاح مثل هذا الحال، كانت نهضة الحسين، وكانت تضحيةُ الحسين وآله وأصحابه، رضوان الله عليهم أجمعين.

*خبير إعلامي سوري

ارسال التعليق

Top