• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الشخصية الراسخة للمؤمن

الشخصية الراسخة للمؤمن

◄تعظيم الله:

وفي السير نحو هذا المضمون الأصيل للإيمان في شخصية المؤمن مع القرآن الكريم، نرى أنّ هناك عدة آيات تحصر المؤمن في نموذج خاص، نفهم منه أنّ الذين لا ينطبق عليهم هذا النموذج خارجون عن مصطلح الإيمان في أصالته ونقائه.

يقول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) وكلمة (إنما) تفيد الحصر، أي أنّ المؤمنين هم هؤلاء لا غيرهم (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) (الأنفال/ 2). أي هم الذين تجسّدت عظمة الله في عقولهم وفي قلوبهم وفي مشاعرهم حتى أضحوا يعيشون حضور الله كما لو كان ماثلاً – بكلّ أسرار عظمته – أمامم. ومن الطبيعي أنّ هذا النوع من الإحساس بحضور الله في مواقع عظمته في النفس لابدّ أن ينتهي إلى هذه النتيجة، حيث يشعر الإنسان بوجل القلب، وأنّ عقله يعيش هذه الهيبة وهذا التعظيم لله سبحانه وتعالى، بحيث يخاف أن تنحرف مسؤوليته أمام الله عن الخطّ.

وهذا هو الذي درج القرآن عليه في تربية عظمة الله سبحانه وتعالى في نفس الإنسان المؤمن. فنحن نلاحظ الآيات التي تتحدث عن أسرار عظمة الله في الكون فتدعو الإنسان إلى أن يفكّر (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا) (آل عمران/ 191).

وهكذا يستعرض لنا القرآن نعم الله بحيث يحسّ الإنسان إحساساً مباشراً – في حجم اللحظة – أنّ حياته مرتبطة بالله ارتباطاً عضوياً – إن صحّ التعبير – (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) (النحل/ 53). (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا) (النحل/ 18). وهو أن تستحضر كلّ شيء يتصل بوجودك لتجد أنّ الله وحده الذي أعطاك إياه وهو الذي يهيمن عليه.

 

التوحيد في الحب:

ونجد أيضاً أنّ القرآن الكريم يتحرّك ليحدّثك عن الله سبحانه وتعالى في صفاته وأسمائه الحسنى التي تستوحي من كلّ واحد منها هذا النوع من صفات الحمد، فتشعر بأنّ الله وحده في الكون، وما عداه فهو ظلّ له من خلال الجانب المعنوي لا الجانب المادّي، حتى أنّ القرآن تحدّث عن الخوف تارة وعن الحبّ تارة أخرى بحيث أنّه وجّه الإنسان إلى أن لا يحبّ أحداً في مستوى الله، فكما تكون موحّداً في العقيدة وفي العبادة وفي الطاعة فإنّ عليك أن تكون موحّداً في الحب أيضاً (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) (البقرة/ 165). حتى أنّه أراد للإنسان عندما يتوجّه إلى الله أن لا يتوجه لغيره في الكون مهما عظم (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) (الجن/ 18). حتى أنّنا في التشهد عندما نذكر رسول الله (ص) نقول: "أشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله". لئلا تفرض شخصية رسول الله (ص) في مواقع عظمته نفسها علينا بالنحو الذي يجعلنا نرتفع به إلى ما يقرب من الله، ولذلك فإنّ أي نوع من إعطاء المخلوق شيئاً من صفات الخالق بحيث يقترب من الخالق هو أمر على خلاف القرآن.

وكلّ ذلك من أجل أن تتربّى عظمة الله في نفس الإنسان المؤمن، لماذا؟ لأنّ الدين لا يتحرك مع الإنسان من خلال القوة المادّية، فهو لا يفرض عليك إيمانك وامتداداته كلّها من خلال قوة تسيطر عليك، بل إنّه يريد لك أن تكون المؤمن بعفويتك كما هو النبع عندما يجري ويمتدّ في الأرض، لذلك فالإسلام ينطلق من قاعدة واحدة وهي الله سبحانه وتعالى، وهذا ما عبّرت عنه الآية الكريمة (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) (فصّلت/ 30). فالإسلام يتلخّص في قوله تعالى "ربنا الله". وعليك أن تستقيم عليه، أي أن تكون حياتك كلّها سائرة في خطّ "ربنا الله" وعندما تفكّر، وعندما تتعاطف، وعندما تمارس حياتك، وعندما تؤيّد وترفض، وعندما توالي وتعاند.. فكلّ شيء لابدّ أن يمرّ عن طريق الله، فلا تفسح المجال لأي شخص أن يدخل عقلك ليهيمن عليه، وأن يدخل قلبك ليهيمن عليه، أو ليدخل إلى حياتك ليهيمن عليها إذا لم يدخل عن طريق الله سبحانه وتعالى، ولذلك فإنّنا نُدخل الأنبياء (عليهم السلام) في عقولنا لأنّهم أنبياء الله ورسله، وندخل الأولياء في عقولنا لأنّهم أولياء الله، فليس هناك أحد يمكن أن تنفتح عليه بشكل مستقل أمام الله عزّ وجلّ، أي ينبغي أن تؤدّي كلّ الطرق إليه وإلّا زاغ الإنسان وضلّ وهوى.

ومن أساليب القرآن أنّه يحدّثنا عن عظمة الله مقارناً بكلّ الذين يراهم الناس مظهراً للعظمة حتى يصغر هؤلاء كلّهم ويبقى الله هو الكبير المتعال، وهذا هو الذي عبّر عنه الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في وصفه للمتقين "عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم" وهو ما عبّر عنه الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين (ع) في دعاء يوم الفطر والجمعة "كلّ جليل عندك صغير وكلّ شريف في جنب شرفك حقير".

فالمؤمن المؤمن هو الذي عاش الله في قلبه بحيث إذا ذكر الله تجلّت عظمة الله له فوجل قلبه (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) (الأنفال/ 2). ارتجفت.. خشيت.. خافت.. اهتزت تماماً كما يهتز القلب أمام أي عظيم، ولقد ذكرنا مراراً أنّ القلب في القرآن يعبّر عن المنطقة الداخلية من العقل والقلب والإحساس والشعور.

 

الإيمان والتوكّل:

(وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (الأنفال/ 2). وهؤلاء الذين انفتحت عقولهم على آيات القرآن التي تتحدث عن الله في وحدانيته وعظمته بحيث إنّ الإنسان المؤمن عندما يقرأ القرآن. أو عندما يستمع إليه فإنّه يستمع إليه استماع مَن يريد للقرآن أن يفتح عقله كلّه ليقوي إيمان عقله ويفتح مسامع قلبه كلّها ليقوي إيمان قلبه، فهو لا يمرّ على القرآن مرور الكرام ولكنه يعتبره مدرسة ثقافية للإيمان بحيث يتثقف إيمانياً من خلال القرآن، لأنّ الإنسان عندما ينفتح ثقافياً على المضمون القرآني فإنّه ينفتح على الثقافة التوحيدية التي لا تحريف فيها، ذلك لأنّ القرآن هو كتاب الله الذي (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) (فصّلت/ 42). بينما تواجه مشكلة الوضع في الأحاديث، فلا يصحّ الحديث إلّا بعد عرضه على كتاب الله فإن وافقه أخذنا به وإن خالفه ضربنا به عرض الجدار.

فكلّما قرأوا القرآن أو استمعوا إليه ازداد إيمانهم (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ). فهؤلاء الذين يتوكلون على الله بحيث يضعون حياتهم كلّها بين يديه سبحانه وتعالى لا توكّل الإنسان الذي يريد من الله أن يقوم نيابة عنه بمسؤولياته، ولكنه التوكل النابع من الاعتقاد أنّ الله هو الذي يهيمن على الأمر كلّه، وأنّه مسبب الأسباب ومقنّن القوانين الكونية، ولذلك فإنّه عندما يأخذ بالأسباب التي جعلها الله بين يديه في سننه وفي حركة الإنسان في الحياة، فإنّه في تحريكه لهذه الأسباب يعيش التوكل في عمق حركية الاستخلاف، وتبقى حركته في الخطّ الذي رسمه الله بحيث تؤدي إلى النتائج المطلوبة. وعندما تكفّ الأسباب عن أن تصل إلى النتائج الحاسمة لأنّ هناك مستقبلاً يحوطه الضباب، ولأنّ هناك شيئاً خارج قدرات الإنسان، فعند ذلك يتوكّل على الله فلا يلتفت بمنة ولا يسرة. وإنما يتجه إلى الله سبحانه وتعالى وحده في صراط مستقيم لا تتفرق به السُبل.

 

الإيمان والصلاة:

(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) (الأنفال/ 3). لأنّ الصلاة تمثل هذا الأسلوب التعبيري العميق عن الإيمان، ولهذا جعل الإسلام الصلاة أساساً للإيمان لأنّها هي التي تجعلك، من خلال الحضور بين يدي الله، تستحضر إيمانك كلّه، فلماذا لم يجعل الله الصلاة صلاة واحدة؟ لماذا هذه الصلوات الخمس بالإضافة إلى النوافل والمستحبّات؟ لعلّ السبب في ذلك هو أنّ الصلاة لابدّ أن ترافق مفردات الحياة كلّها، بأن ترافق صباحك وظهرك وعصرك ومغربك وعشائك، وإذا أضفت إليها صلاة الليل فإنّ معنى ذلك أنّك تعيش من خلال الصلاة في انسجام روحيّ يجذبك إلى الله عندما يحاول الشيطان أن يجذبك إليه، وهذا يعني أن تعيش صلاتك في يومك كلّه وأن تعيش يومك في صلاتك كلّها.

ولقد اختار الله سبحانه وتعالى للمسلمين صلاة فيها كلّ وسائل التعبير عن العبودية له – جلّ شأنه – فالأذان والإقامة يدخلانك في مناخ الصلاة من خلال تكبير الله وتوحيده، وشهادتك بالرسالة ودعوتك نفسك أن تقبل على الصلاة، ثم تبدأ صلاتك بالتكبير وتشرع بالفاتحة وسورة من بعدها لتعيش أجواء القرآن بكلّ القواعد الفكرية الإسلامية التي تشتمل عليها آيات القرآن بحيث تكون الصلاة مدرسة ثقافية تستحضر فيها مفاهيم القرآن، ثم هذا الإسبال في الصلاة الذي هو مظهر من مظاهر التسليم لله، ثم الركوع الذي يمثل حالة من الانحناء والسجود الذي يمثل انحناءة تامة تعبّر عن غاية الخضوع للخالق العظيم، ولذلك جعل الله الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر لما فيها من هذا التسليم التام لله والذكر الكبير له والمفاهيم الإسلامية الأساسية. ولذلك جاء في الحديث "مَن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد عن الله إلّا بُعدا". أو الحديث الآخر "الصلاة عمود الدين إن قُبلت قُبل ما سواها وإن رُدّت رُدّ ما سواها".

 

الإيمان والإنفاق:

ويقول تعالى في وصف المؤمنين أيضاً: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (الأنفال/ 3). فالمؤمن هو الذي لا يعيش حالة البخل واليد المغلولة إلى العنق، بل يرى أنّ الله رزقه المال من أجل أن يلبّي حاجاته وأن ينفق على عياله وفي مجالات الخير والبرّ الواسعة. وقوله تعالى: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) توحي بأنّ الإنسان عندما ينفق فإنّه لا ينفق من ماله وإنما ينفق من مال الله، وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم بشكل صريح (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) (الحديد/ 7). (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) (النور/ 33). ولذلك فإنّ الإنسان المؤمن هو الذي يعيش روحية العطاء بحسب البرنامج الذي وضعه الله له.

(أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) فهؤلاء الذين تتمثل فيهم هذه الصفات هم الذين يمكن أن نصفهم بالمؤمنين (لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (الأنفال/ 4).

 

الإيمان والصدق:

ويحدثنا الله عن أنّ المؤمنين لا يكذبون وإنّما الذين يكذبون هم غير المؤمنين: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) (النحل/ 105). لأنّ الإنسان المؤمن هو الذي يلتزم بالحقّ لأنّ الله هو الحقّ، ولذا ورد في بعض الأحاديث "لا يكذب الكاذب وهو مؤمن". أي عندما يكذب المؤمن فإنّه يخرج من معنى الإيمان في نفسه.

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا). فالله يتحدّث عن هذه الفئة من الصحابة الأبرار الذي انطلق بعضهم في خطّ الجهاد، أو الذين آووا المهاجرين ورسول الله (ص) ونصروا الإسلام بكلّ ما يملكون من طاقة (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (الأنفال/ 74).

 

الإيمان والعلاقة بالآخرين:

وفي آية أخرى يربط الله سبحانه وتعالى بين صدق الإيمان وبين طبيعة العلاقة مع الذين حادّوا الله ورسوله، أي الذين كفروا بالله وأشركوا به، بأن لا تعيش المودة لهم، وإلّا فكيف يجتمع رفضك للكفر كلّه مع المودة التي تمثّل عمق الإخلاص والمحبة في قلبك، للذين يكفرون بالله ورسوله ويضادّون الله ورسوله؟، فالإمام عليّ (ع) يقول في هذا المجال: "أصدقاؤك ثلاثة: صديقك وصديق صديقك وعدو عدوك، وأعداؤك ثلاثة: عدوك وصديق عدوك وعدو صديقك". فإذا كان صديق عدوّ صديقي فكيف بعدو الله؟ وهل هناك صداقة أعظم من صداقتنا لله؟ فكيف نوالي أو نوادّ من عاداه؟ يقول الإمام عليّ بن الحسين (ع) في دعاء استقبال شهر رمضان: "وأن نسالم من عادانا حاشا من عودي فيك ولك، فإنّه العدو الذي لا نواليه والحزب الذي لا نصافيه".

وقد يقول قائل إزاء ذلك: هل نبتعد عن إنسانيتنا وعن الانفتاح عمن نختلف معهم في العقيدة؟ هل ننعزل عن الناس وعن المجتمعات غير الإسلامية؟

إنّ الإسلام هنا يتحدث عن الموادّة، أي أن تكون عاطفة قلبك مع هؤلاء، لا عن المعاشرة والمشاركة والمواصلة التي ترتكز عليها المصالح العليا للإسلام والمسلمين، فأن تنفتح على عنصر الإنسانية في الإنسان فلا يعني الموادّة.

الآية تقول: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ) يمتنعون عن الموادّة لمن حادّ الله ورسوله. (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (المجادلة/ 22)، لأنّهم عاشوا هذه الروحية التي ارتفعت إلى المستوى الذي تجعل فيه علاقتها بكلّ الوجود من خلال علاقتها بالله. والإمام الباقر (ع) يقول في ذلك "مَن كان ولياً لله فهو لنا وليّ ومَن كان عدوّاً لله فهو لنا عدوّ". وهذه هي المعادلة لأنّ القلب لا يحتمل أن تحبّ الله وتحب الشيطان (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) (الأحزاب/ 4). الله وليّ الذين آمنوا (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ) (البقرة/ 257)، والله يريد لك أن تكون جاداً في إيمانك بحيث يكون الله في نفسك ولا شيء فيها يبعدك عنه.

(وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ). لأنّه اطلع عليهم فرأى صدق الإيمان في قلوبهم (وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة/ 22). أي الذين يتحزّبون عقلياً وشعورياً وعملياً لله فلا يتحزّبون لغيره، بل حتى أعضاء الأحزاب الإسلامية إنّما يتقرّبون إلى الله من خلال انتمائهم لهذه الأحزاب التي يتخذونها وسائل للوصول إلى مرضاته وتحقيق حكمه وشريعته، ولذلك تتساوى القيادة والقاعدة في هذه الأحزاب من حيث الطاعة لله والامتثال لشريعته، فالحزب الإسلامي ليس شيئاً قبال الله، وطاعته ليست في عرض طاعة الله، وإلّا خرج عن كونه وسيلة، فهو تحزّب لله وللإسلام وللرسالة. كما في دعاء الإمام زين العابدين (ع) في يوم الثلاثاء "اللّهمّ اجعلني من جندك فإنّ جندك هم الغالبون، واجعلني من حزبك فإنّ حزبك هم المفلحون، واجعلني من أوليائك فإنّ أوليائك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون".►

ارسال التعليق

Top