• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الطبخ بحب سر المذاق الطيب

الطبخ بحب سر المذاق الطيب
                                       مكوّن سري لا يعرفه أحد النفس والمزاج الجيّد، مكوّنان سرّيان اثنان لا ثالث لهما، تضيفهما المرأة من دون علمها إلى قائمة الطعام. فحين يكونان موجودين، يأتي الطعام بنكهة متميّزة. وحين يغيبان، يصح القول: "على الطعام السلام". ببساطة، نسأل ربّات البيوت: "هل نفسك طيّب في الطعام؟". وببساطة، يأتينا الجواب على الشكل التالي: "نفسنا في الطعام رائع، ولكن تحكمه حالتنا النفسية وأشياء أخرى". فما حقيقة العلاقة بين الحالة المزاجية وجودة الطعام الذي تطوه المرأة؟ وممّا يتألف ما يطلق عليه اسم "النفس"؟ هل هو عبارة عن سرّ؟ مشاعر؟ خبرة؟ أم وهم لا علاقة له بالمكوّنات؟ هذا باختصار، جوهر تحقيقنا الذي يكشف بالأدلّة والبراهين، أسرار المذاق الطيِّب. كيف؟ دعونا نعرف.   - بمزاج عالٍ: تختصر هدى مهدي "موظفة حديثها عن "نفس المرأة" بالطبخ، تقول: "لا يمكن الفصل بين مزاج المرأة، وما تقوم بإعداده أو تحضيره. فالمرأة التي تطبخ لا تشبه المرأة التي تطبع على الكمبيوتر". وتضيف: "في الحالة الأولى، تكون المرأة كمن يجمع أزهاراً من حديقة لتصنع بها باقة جميلة. وفي الحالة الثانية، تكون كمن يضغط على أزرار في جهاز لا طعم له ولا نكهة". وتشير إلى أنّه "لهذا، فإنّ الطبخ يستلزم نفساً وروحاً عالية المعنويات". وإذ تتحدث عن تجربتها الشخصية، وتفاصيل كيفيّة تقديمها الطّبق، تقول: "لا يمكنني الجزم بأن تحضير سفرة لضيف ما يكون موحّداً ومتشابهاً، فلكل ضيف تأثيره النفسي في صاحبة الدعوة، ذلك التأثير هو الذي يدفعها إلى التفنن في تحضير الأطباق إذا كانت تحبه، حيث تضع محبّتها ورغبتها في إسعاده مع المكونات، على خلاف الضيف الثقيل، الذي، من دون أن تشعر، تتسرب منها بعض المشاعر السلبية إلى ذلك الطبق أو إلى تلك الأطباق". والنتيجة كما تؤكد هدى: "سفرة عنوانها المزاج الذي تفضحه نكهة الطعام وتوشي بمشاعر صاحبته الحقيقيّة تجاه ضيوفها".   - مؤشرات: وتضم منتهى موسى صوتها إلى صوت هدى، لافتةً إلى أنّ "نفس المرأة في الطبخ بمثابة علامة فارقة، وإلا لما كان هناك أكل طيّب وأكل لا يوضع في الفم". مشيرةً إلى أنّ "النفس قد يكون في كثير من الأحيان سرّاً تعجز المرأة نفسها عن معرفته أو الإفصاح عنه، إنّه مزيج من الخبرة والتمرين اللذين يأتيان مع مرور الوقت". منتهى تؤكد من جهتها "أنّ الطعام لا يمكن له أن يحضّر بمنأى عن النفسية التي تحملها صاحبة البيت، فمزاج المرأة الذي يرافقها منذ الصباح الباكر هو الذي يجعلها تترك "الطبخة" على النار وقتاً أطول مما يستحق، أو يجعلها تراقب طبختها بعناية حتى لا تقدمها ناقصة نكهة أو "ملدوعة"". وتشدّد منتهى، على أنّ "الطعام الطيب لا يمكن أن تعدّه امرأة غاضبة أو عصبية أو متوترة، والعكس هو الصحيح". ومع ذلك، تعترف منتهى "بأنّ المرأة، وعلى الرغم من تحكّم المزاج في طبخها، وعجزها عن تحسين ذلك المزاج والتحكم فيه، إلا أنها وبقدرة قادر، تفصل بين مزاجها ودعوة ضيوفها إلى سفرتها"، معلّلةً ذلك "برغبة المرأة الفطرية في نيل كلمة أو عبارة "طبّاخة ماهرة". بمعنى، أنّه مهما امتازت المرأة بخصائص ومزايا، تبقى توّاقة إلى أن تكون في نظر الناس "ست بيت ماهرة". و"أولى خصائص ست البيت، أن يكون نفسها في الطبخ طيّباً"، حسب تعبير منتهى.   - بالوراثة: من زاوية مختلفة تتعلق بنفس المرأة في الطبخ، وما إذا كان يورّث أم لا، تؤكد مباركة زين الدين (موظفة)، "أنّ المسألة مسألة توريث بالمطلق، فما من ست بيت تجيد الطبخ، إلا وكانت أمها من قبلها تجيده، الأمر الذي يجعل الرجال في بعض الأحيان، يسألون في مرحلة الخطوبة عن طبخ "الأم" ليعرفوا إلى أي مطبخ هم ذاهبون". مباركة، التي ورثت عن أمها "نفسها في الطبخ"، تؤكد "أن تقنيات التحضير تأتي عن طريق التعلم، التكرار، التجربة، أما نفس الطبخ، فلا يمكن الحصول عليه عن أي طريق آخر، إنّه مثل الجينات التي نأخذها من دون أن نعرف ماذا اكتسبنا، وماذا حصّلنا. لهذا، تكون الواحدة منّا محظوظة لو كانت أمها معروفة بطبخها الطيّب، لأنها أوتوماتيكياً ستحظى بهذه الهدية لها ولعائلتها، التي ستتمتع بما لذّ وطاب من الطعام".   - الخصام والتراضي: إلى أي حد تؤثر العلاقة العاطفية أو الزوجية في إعداد الطعام للزوج؟ وهل يخضع ذلك التحضير لحالة من الرضا المطلوب وجوده، للحصول على أكلة متميّزة؟ أم أنّ الطعام لا دخل له برضا المرأة عن زوجها أو غضبها منه؟ قبل أن تجيب عن أسئلتنا، تقول نورا قنواتي: "إنّ النفس فيالطبخ أساسه المشاعر التي تكنّها ربة البيت تجاه الشخص الذي سيتناول طعامها. لهذا، لا ينفصل نفس المرأة في الطبخ عن جملة من العوامل التي تشكّله". وردّاً على سؤال يتعلق بالطعام الذي تحضره لزوجها وتأثره بتلك المشاعر، تقول نورا ضاحكة: "إذا لم أكن في يومها راضية عنه، فما من طعام أصلاً سيوضع على المائدة"، مشيرةً إلى أنّ "الطبخ في النهاية يشبه الرد على سؤال: "هل أنت سعيدة؟"، فإذا كانت ست البيت سعيدة وراضية، فإنّها ستحضّر أشهى أنواع الطعام، وإذا كانت مستاءة، فالأفضل ألا تدخل المطبخ في الأساس". وماذا عن موقف الزوج من عدم الحصول على "لقمة هنّية" في ذلك اليوم؟ تجيب: "زوجي صار على علم بردّ الفعل، فهو يعرف مسبقاً أنّه في اليوم الذي لن يكون فيه على وفاق معي، سيضطر مرغماً إلى تناول طعام الغداء خارج البيت". نورا، التي تضحك وهي تتحدث عن وجهة نظرها، تقول: "إنّ التعامل مع مكوّنات الطعام، لا يتم بشكل آلي، إنّه علاقة أخذ وعطاء، فبقدر ما نعطي المكونات اهتماماً ورغبة في الحصول على نتيجة شهيّة، بقدر ما سنحصل على أطباق "تبيّض الوجه"، تجعلنا سعداء باللقمة التي نأكلها. لهذا، تبقى الحالة النفسية هي المكوّن الأكثر أهمية في تحضير طبق لا ننسى طعمه".   - تقرب وتحبب: مرّة أخرى، يأتي التأكيد "أنّ "النفس" في الطبخ قد يتدخل حتى في إعداد فنجان من القهوة، رغم بساطة تحضيره"، كما تقول آلاء طه (موظفة)، لافتةً إلى أنّ "هذا ما يجعل الضيوف يعلّقون بالقول: "إنّ نفس فلانة في الأكل غير جيِّد". وتتحدث آلاء عن "عوامل عديدة، تساعد على تحديد مستوى نفس المرأة، فإذا كان يقدّم طازجاً، فالنتيجة تكون مختلفة عن تلك التي نحصل عليها، بعد استعمال المايكروويف مثلاً في تسخين الطعام". وبالعودة إلى الحياة الزوجية وما يتخللها من تفاصيل "مطبخيّة"، تشير آلاء إلى أنّه "إذا كان الطريق إلى قلب الرجل معدته، فإنّ الطريق إلى إرسال رسائل تحذيرية هو معدته أيضاً، لأنّ الرجل "سيفهم على الطاير" أن هناك مشكلة ما، وعليه حلها، وإلا فلن يحصل على ما يحب من طعام". آلاء، التي لم يمض وقت طويل على زواجها، تخبرنا بأنها كانت متخوّفة من حكم زوجها على طعامها، خاصة أنها كانت على يقين بأنّه سيقارن بين طعامها وطعام والدته "الشهي جدّاً"، فـ"نفس" حماتها في الطعام "شهي جدّاً" كما تقول. وعلين، كان الخوف بقدر الرغبة في أن تشبهها في نكهة طعامها ولو قليلاً.   - المتضرّر الأوّل: إذا كانت المرأة تقرّ وتعترف بأنها تطبخ بمزاجها، وبأن طبخها الشهي يأتي نتاج حالتها النفسية والعاطفية، خاصة مع الزوج، فماذا يقول الزوج بصفته المتضرر الأول والأخير في هذا الأمر؟ بشكل مباشر ومن دون مقدمات، يقول محمد الحوراني (موظف بنك): "أعرف سلفاً ومنذ الصباح، حين أخرج من باب البيت، إذا كنت سأتناول طعاماً شهيّاً أم لا"ن كيف؟ يجيب: "مزاج زوجتي، ومدى صفو علاقتنا هما اللذان يحددان ما سأتناوله في موعد الغداء". وينفي محمد أن يسبّب ذلك إزعاجاً له، لافتاً إلى أنّ المسألة برمّتها خارجة عن إرادة زوجته. ويقول: "وهذا ما أثبتته التجربة: فالمرأة لا تطبخ بيديها، بل بقلبها ومشاعرها، لهذا، كيف ألومها وأنا أعي تماماً أن ما تفعله خارج على سيطرتها؟". وعن "نفس" زوجته في الطبخ، يقول محمد و"من دون مجاملة": "طيّب جدّاً"، مشيراً إلى أنّه ما إن يسمع صوت كاظم الساهر في المطبخ، حتى يتأكد من أنّ المزاج عال العال، وأنّ الطعام سيكون في أشهى حالاته، فلكل شيء مؤشرات، ومؤشر جودة الطعام هو مزاج زوجته.   - رسائل مباشرة: "نفس المرأة في الطبخ، وتفنّنها في تقديمه، يرتبط مرة أخرى من وجهة نظر الأزواج بالمزاج. ولمّا كان مزاج المرأة مرتبطاً بسلوك الرجل، فهو المتسبّب والمتضرر في آن واحد" كما يقول جهاد قنواتي (رجل أعمال)، مشيراً إلى "أنّ مزاج الزوجة لا يحدد جودة مذاق الطعام فحسب، بل نوعه أيضاً، فالأصناف المفضّلة عنده ستكون مكافأة له، والأطباق التي لا يشتهيها ولا يطلبها، تحتل فجأة في عرف الزوجة قائمة الطعام المفضّل عندها. وبهذا، يتحول الطعام إلى مسألة انتقام أو ثأر لذيذ، تمارسه المرأة الغاضبة أو الزعلانة من زوجها". ويعرّج جهاد على أشهى الأكلات الشامية التي تفاجئه بها زوجته "حين يكون مزاجها في أوجه" حسب تعبيره، فيقول: "حين أكتشف أن طبق اليوم هو "كوسة مكمور"، أو "محشي بالبرغل"، أعرف أنّ الحب يملأ قلب زوجتي، فالأكل هو رسالة من رسائل الزوجة التي باتت مفهومة ومقروءة بعد عشرة عمر". وهل تنطبق رسائلها على الضيوف أيضاً؟ يجيب: "الغريب، أنّ المرأة في مسألة الضيافة قادرة على إبعاد مشاعرها، فسواء أكان الضيف ثقيل أم خفيف الظل، وسواء أكانت تحبه أم لا تسعد بزيارته، لابدّ أن تكون مائدتها في النهاية عامرة بأشهى أنواع الطعام".   - وريثة: لأنّه لا يغيب عن الرجل أنّ المرأة وريثة أمها في الطبخ والنفس الطيب، فها هم الرجال يؤكدون أن تجربة الطعام في بيت الحماة "إمّا أن تكون تجربة واعدة، أم مخيّبة للآمال". وفي هذا السياق، يشير د. جميل وهدان (طبيب) إلى أنّه ومنذ البداية، شعر بالفرح حين تذوّق الطعام من يد حماته، فقد عرف من يومها أن خطيبته "ستحمل معها ذلك "النفس" إلى بيت الزوجية". وبالفعل، كان ما توقّع. ولكن ما لم يتوقعه جميل هو "أنّ المد والجزر اللذين يدخلان العلاقة الزوجية، يتحكمان في تقديم الطعام شكلاً وقالباً ونكهة". لهذا، يؤكد من خلال تجربته وتجربة أبنائه، الذين شاركوه الرأي أيضاً "أن مدى الرضا الذي تشعر به ست البيت هو البوصلة إلى طعام شهي". وهنا، يقول ابنه أحمد (صف خامس)، إنّه لا يأكل الطعام نفسه الذي يأكله و"الماما" زعلانة منه. فـ"رضاها"، يجعلها تطبخ له "المقلوبة" التي يحب، وذلك حسب علاماته في المدرسة، ولكن حين لا يكون عند حسن ظنّها، فإنّ الطعام الذي يأكله لا يرضي جوعه وشوقه إلى أكل أمه طيلة النهار.   - سوء تقدير: الأكل وحصوله على نكهات عاطفية من الزوجة، مسألة باتت في عرف الرجال حقيقة لا مفرّ منها، فها هو فادي موسى (موظف) يؤكد أن زوجته حين تكون "زعلانة" منه "لا تجيد الطبخ ولا معايير الطبق الذي تحضره". ولمّا كان فادي واثقاً بأن تلك الخصلة "لن تتغيّر"، فها هو يشير إلى أنّه لم يحاول مرة مراجعتها أو عتابها. فكيف يتدخل في تفاصيل لا تملك الزوجة نفسها يدا في التعامل معها؟ خاصة إذا عرفنا كما يقول: "إنّها ماهرة في الطبخ حين يكون مزاجها جيِّداً، ونفسيتها في أحسن حالاتها".   - مشاعر غضب: الكل يؤكد، أنّ الرجال هم الذين يحدّدون نكهات الطعام التي يأكلونها، بمن فيهم طارق طحش، الذي يقول: "أتفهّم تماماً الدور السلبي الذي يقوم به الزوج من دون قصد في الحصول على لقمة "غير شهية". فالمرأة ليست آلة تفرم وتقطع وتسلق وتقلي، من دون أن تكون محكومة بمشاعر غضب وفرح واستياء". ويضيف: "لهذا، فلا ملامة عليها إن كان أكلها في يوم ما غير جيد، خاصة أنّه ما من رجل إلا ويعرف مزاج زوجته". ومن ناحية أخرى، يؤكد طارق أنّه "ما من امرأة إلا وتحمل نفساً طيّباً للطعام، فلو لم تكن قد ورثت هذا النفس من والدتها، فستعمل جاهدة بعد الزواج على اكتسابه، سواء أكان في التمرين أم التكرار أم التعلّم من صديقاتها أو والدتها". وردّاً على سؤال يتعلق بما إذا كان التمرين كافياً لاكتساب "نفس الطبخ"، يجيب طارق مؤكداً "أنّ لكل شيء ألفاً وباء وياء، والطبخ واحد من تلك الأشياء".   - انتقام وتعويض: أجل.. ليس علينا أن نستغرب إذا كان طهو الطعام أو تحضيره يدخل في خانة الانتقام أو التعويض، خاصة أنّ الرجال بصموا بالعشرة على ذلك. هنا، وفي إطار تفسيرها للموضوع، تقول أخصائية التشخيص النفسي، الدكتورة دولي حبال: "حين لا تلتفت المرأة إلى نكهة طعامها، وتحضّره على مبدأ: "ليكن ما يكون"، فهي بلا شك تريد أن تقول لزوجها إنّه آخر اهتماماتها"، مشيرةً إلى أنّه "لا يغيب عن بال النساء ما يحمله الطعام من أهمية للأزواج، ليس لأنّه مجرّد أكل، بل لأنّه رسالة تحمل خصوصية الاهتمام والرغبة في إرضائه". وتضيف: "لهذا، حين يتناول الرجل طبقاً "غير شهي"، وهو يعرف مهارة زوجته في الطبخ، فلابدّ أن يدرك أنها طبخت "من وراء قلبها". وهل يدخل القلب والمشاعر في هذا الموضوع؟ تجيب: "بالطبع، فحين تعدّ الزوجة الطعام، وتهمل في مقادير الملح أو السكر أو السّمن وخلافه، تكون كمن يقول للزوج: "أنت لست في قائمة أولوياتي"، وهي الرسالة التي تصل إليه بسلاسة وسهولة ومن دون جهد يذكر". وردّاً على سؤال يتعلق بعدم تحكّم مزاج ست البيت في جودة الطعام الذي تحضّره لضيوفها، تقول الدكتورة دلي حبال: "من المعروف أنّ الضيوف لا يشكلون مصدر إزعاج لها. لذا، فهي لن تقوم بالثأر منهم في الأطباق التي تقدمها، بخلاف ما تفعله مع زوجها، الذي بيده إغضابها وإرضاؤها، الأمر الذي يدفعها إلى الانتقام منه في الطعام".. مضيفةً سبباً آخر لذلك، وهو "الفصل بين الطبخ للزوج والطبخ للضيوف"، حيث تقول: "تبتعد المرأة عن الوقوع في مصيدة الانتقاد، وأهم ما يوقعها في ألسنة الناس أو الضيوف، أن يقال عن طعامها إنّه غير شهي. لهذا، نراها تجتهد في تحضير ما لذّ وطاب لضيوفها، حتى ولو كانت حالتها النفسية في أسوأ حالاتها، فالقصة هنا خالية من توجيه الرسائل كما هي الحال مع الزوج".   - خبرة وحب: ومن أهل التخصّص في الطهو، يبادر الشيف داني قطار (رئيس الطهاة في فندق "إنتركونتيننتال" أبوظبي) إلى تعريف مفهوم "النفس" في الطهو، قائلاً: "إنّه تعبير تستعمله أمهاتنا وأخواتنا في بعض بلادنا العربية، لوصف مهارة إحداهنّ في الطهو والقول إنّ مذاق طعامها متميّزة ولذيذ". ويضيف: "في الحقيقة، إنّ "النّفس" في الطهو ما هو إلا اتّباع خطوات وكميات معيّنة في إعداده، ما يؤدي إلى طعم متميّز ورائحة متميّزة يتّصف بها طبخ شخص ما". ويتابع: "كما أنني أعتقد أنّ حب الفرد للطهو يؤثر في مهارته فيه، ويساعده على تقديم طبق متميّز بمواصفات تجذب المتذوّق لهذا الطبق، ما يعطي هذا الطاهي صفة "طاه له نفس طيّب في الطبخ"". ويوضّح الشّيف قطار ما قصده بقوله، حيث يشير إلى أنّ "الكثيرين من ضيوفنا يعتبرون أنّ المطعم الإيالي في فندقنا، يقدّم أفضل بيتزا، وهذا يرجع إلى كوننا نقدّم البيتزا بمواصفات معيّنة، مثل أنّ العجينة يجب أن ترقّ بحجم معيّن، والجبن يجب أن يوضع بكمية معيّنة، ويجب أن تكون هناك أنواع معينة من البهارات والأعشاب المضافة بمقادير محسوبة ومن نوعية فاخرة. وكذلك هي الحال بالنسبة إلى المركز في مطبخها. فإذا كانت تتّبع خطوات معينة ولها طابع خاص في الطبخ لعائلتها وأصدقائها، فإنّ الجميع سيجمعون ‘لى أن لها نفساً رائعاً في الطبخ". ويبقى طعام الأم هو الأكثر ارتباطاً بالنفس الطيّب، وفي تفسير ذلك، يقول الشيف داني قطار: "أنا على يقين بأنّ الخبرة والمشاعر التي تضعها المرأة في طعامها، تؤثر في مذاق الطعام الذي تقدمه لعائلتها ونوعيته. فجميعنا نجزم بأن أمهاتنا هن أفضل طاهيات في العالم، وذلك بسبب الحنان والحب والاهتمام الذي كانت أمهاتنا، ومازلن، يضعنه في أي وجبة طعام يقمن بتحضيرها". ويضيف الشيف قطار متابعاً: "ومن أهم العوامل التي تؤثر أيضاً في مذاق الطعام ونوعيته هو حب الطبخ، وهذا يظهر جليّاً في مهنتنا نحن الطهاة، إذ إنّ عشق الطاهي مهنته، يؤثر بشكل كبير في عمله وإنتاجه. لذا، نجد أن أشهر الطّهاة في العالم لا يزالون يمارسون الطهو، مع العلم أنهم يملكون أشهر المطاعم في العالم، والسبب هنا عائد إلى عشقهم له".

ارسال التعليق

Top