• ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

العدل.. صيانة لكرامة الإنسان

عمار كاظم

العدل.. صيانة لكرامة الإنسان

قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) (الحديد/ 25)، فالعدل هو أساس كلّ الرسالات، وهو الذي يوحِّدها في كلِّ مفاهيمها وشرائعها، حتى إنّ الإيمان بالتوحيد هو حركة عدل، لأنّ علينا أن نحفظ لله حقّه في أن نوحّده بالألوهية فلا إله غيره، ولا شريك له. إنّ العدل هو ما يربط الإنسان بالإنسان، سواء كان الإنسان مُسلِماً أو غير مُسلِم، لأنّه لا دين للعدل، فالعدل للناس جميعاً، ولا دين للظلم فالظلم ليس ديناً مع الناس جميعاً، وورد في تراث الأئمّة من أهل البيت (عليهم السلام)، أنّ «الله عزّوجلّ أوحى إلى نبيّ من أنبيائه في مملكة جبّار من الجبّارين، أن ائتِ هذا الجبّار وقل له إنّني لم أستعملك على سفك الدماء واتّخاذ الأموال، وإنّما استعملتك لتكفّ عني أصوات المظلومين، فإنّي لن أدع ظلامتهم وإن كانوا كفّاراً»، فالله لا يريد لنا أن نظلم الكافر، كما لا يريد لنا أن نظلم المُسلِم، بل أن نعطي كلّ ذي حقّ حقّه، وهذا هو معنى العدل.

وقد ورد في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما من مظلمة أشدُّ من مظلمة لا يجد صاحبها عليها عوناً إلّا الله»، وهي مظلمة الضعيف، فإنّ ظلم الضعيف هو أقسى الظلم وأشدّه. وورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «اتّقوا الظلم فإنّه ظلمات يوم القيامة». ويريد الله تعالى منّا أن نعمل على أن نقتلع الظلم من داخل نفوسنا، وأن نرفضه من ألسنتنا وفي سلوكنا، وقد ورد عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): «العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم»، لأنّ الإنسان الذي يختزن الرِّضى بظلم الظالم، هو مشروع جنيني للظلم، كما أنّ الإنسان الذي يعذر الظالم، هو حركة بيانية في تأكيد الظلم، وقد ورد في بعض الكلمات المأثورة: «مَن عَذَر ظالماً بظلمه، سلّط الله عليه مَن يظلمه، فإن دعا لم يُستجب له ولم يأجره الله على ظُلامته». وورد في الحديث: «مَن أكل من مال أخيه ظلماً ولم يردّه إليه، أكل جذوةً من النار يوم القيامة».

ختاماً، علينا أن نربّي أنفُسنا وأجيالنا على العدل، لأنّ الله أقام الإسلام على أساس العدل، وعلينا أن نعمل بكلّ ما عندنا من قوّة في أن نكون موقعاً واحداً في مواجهة الظالمين والمستكبرين، أن نعطي الضعفاء حقوقهم، ولا نظلم. إنّ الله تعالى أراد للمسلمين أن يصنعوا مجتمع العدل، وأن يقدّموا الإسلام للناس على أنّه إسلام العدل الذي يعطي لكلّ ذي حقّ حقّه.. فالمؤمنون في كلّ موضوع يتحرّكون فيه في الحياة، هو على أساس الحقّ والعدل، وما يتطلّبه ذلك من عزيمة وإخلاص وإيمان، فهم يقيمون العدل حتى على أنفُسهم ومَن يخصّهم. إنّ العدل فوز وكرامة للإنسان، فهو من جهة فوز في الدُّنيا والآخرة، وكرامة للإنسان أمام الناس وأمام ربّه يوم البعث.

ارسال التعليق

Top