لتعزيز العلاقات الأُسرية من المفضّل الانتباه للعطلة الصيفية لأهميّتها الكبيرة، لا سيّما وأنّ الأطفال خرجوا من مدارسهم بعد عناء وتعب، فيمكن النظر إليها فرصة للعمل مع الأبناء، وتوطيد العلاقة معهم. في البداية يجب أن ننبه الأهل لأهميّة العطلة الصيفية، فبعضنا يعتبرها أيّام عطلة، حتى تنتهي ويعود الأبناء إلى مدارسهم، بينما الأصل أن ينظر الأهل للعطلة على أنّها نوعٌ آخر من التعليم والتربية، وفرصة للعمل مع الأبناء في أُمور لم يقوموا بها من قبل، أو يتم استكشاف بعض الأُمور أمام الأبناء مثل: السير في الطبيعة، ضمّ الأطفال لدورات في العلوم، أو الرياضة أو السباحة، وقضاء وقت ممتع مع الأهل والأولاد، ويجب أن نعمل على تعريف عطلة الصيف ونظرتنا تجاهها، واعتبارها أمراً إيجابياً وفرصة لوضع أطفالنا في تجارب لم ينكشفوا عليها في السابق، ويمكن للأهل تجميع الأولاد، وإخبارهم أنّ لديهم اقتراحات معيّنة وسماع آراء الأبناء في كيفية قضاء العطلة الصيفية، ومن ثمّ بناء برنامج مشترك، يشمل الأهل والأطفال.
ولإشغال وقت فراغ الأبناء يجب تجميع الأطفال ودمجهم في المخططات، صحيح أنّنا غير معتادين على هذا النهج، ويعتقد الأهل أنّ هناك حاجة لأشخاص مهنيين وموجهين، لكن في الحقيقة لا حاجة لذلك، يكفي أن نحضر ورقة وقلم ونضع مقترحاتنا، ونقسّمها على مدار الأيّام، مثلاً: سيكون لنا زيارة إلى بيت الأجداد، وفي هذا اليوم سنقوم بصنع كعكة، أو الخروج في مسار مشي، أو نُشرك أطفالنا في روح التطوّع، ومثير جدّاً سماع اقتراحات الأطفال ليشعروا بالحماس والانضمام لمسار المشي.
فيما يتعلق بالقصص، فهي جزء من الوسائل العظيمة جدّاً، فهي وسيلة رائعة لإيصال القيمة للأطفال، وأيضاً لتصحيح مفاهيم معيّنة، ومن ناحية أُخرى، فإنّ قراءة القصص تعزّز المعرفة والإدراك والوعي، فمثلاً، إذا قام الطفل باستعمال العنف كأسلوب، فهذه فرصة للذهاب إلى المكتبة وقراءة القصّة التي تتطرّق إلى الضرب أو العنف والتعاون والتسامح، حتى نربّي ونوصل بأولادنا لأماكن أفضل، صحيح أنّ المادّيات تلعب دوراً مؤثّراً في عصرنا الحالي، لكن هذا لا يعني أنّ مَن ليس لديه قدرات مادّية أن يخسر عالم القصص والثقافة. ويمكننا ضم الأبناء لنادي معيّن، مثلاً هناك طلّاب لديهم نادي قراءة، ويمكننا من خلال القراءة أن ننمي أبنائنا ونوجههم، ويمكن العمل على مستوى صغير: مثلاً يمكن الاتفاق على قراءة كُتُب معيّنة ومَن يُنهيها يحصل على جائزة، ونكتب للفائز تهنئة أو نأخذه لمشوار.
كما هناك أمور مهمّة متعلقة بالعمل المنزلي وعلى الطفل أن يعرفهما مسبقاً، مثلاً إذا قام بالتقاط كتاب من المكتبة، أو أخرج الألعاب، فعليه في نهاية الفعالية إعادة الأشياء إلى أماكنها، فمن الأفضل تحوّل الأمر إلى تعاون ومشاركة وإنماء، بهذه الطريقة نزيد من شعور المسؤولية على الأبناء، ويمكن ممارسة التعاون منذ ساعات الصباح بترتيب الأسِرّة، كما تمّ الاتفاق مع الأبناء على تنظيف البيت، والأهم أنّنا نقوم بتنمية الشعور بالمسؤولية لدى الأطفال في البيت. وبخصوص البرامج التوعوية، فيجب إشراكهم وتوجيههم، وعرض مقترحات، في المقابل نريد الاستماع إلى مقترحاتهم واختيار المسار الأفضل، دون ممارسة الديكتاتورية، مع التشديد على المشاركة والتعاون، هكذا نُطلق عنان إبداعهم والمساحة الشخصية بدلاً من كبتها.
خلاصة القول، عامّة إنّ الإنسان الذي يعرف كيف يستغل وقته في أعمال مفيدة ونافعة، يكون أكثر سعادة من أُولئك الذين يضيعون أوقاتهم من دون فائدة، فالسعادة مرتبطة بما يقدّمه المرء من أعمال نافعة، فإذا أردت أن تحصل على السعادة فعليك أن تعرف كيف تنظّم أوقاتك وتستغلها. قال النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم): «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحّة والفراغ».
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق