◄عزيزي القارئ تعال معي في رحلة إلى المستقبل.
فكر في هدف محدد تريد تحقيقه، فكر لماذا تريد أن تحققه؟
فكر متى تريد أن تحققه؟
فكر أنّ الوقت يمر وأنك ترى نفسك فعلاً بكل حواسك وأنك حققت هدفك. فكر في شعورك والفوائد التي تعود عليك، والآن ارجع إلى الحاضر، لو نفذت هذا التمرين الصغير يومياً لشعرت فعلاً بإحساس الإنجاز وأنك حققت هدفك، هذا الأسلوب يسمى أسلوب الطباعة حيث أنك تطبع هذه التجربة في ذهنك فيفتح المخ جميع الملفات التي تساعدك على تحقيق هدفك.
كما ترى من الممكن أن تستخدم هذه القوة الرائعة وتحقق أشياء كثيرة لم تكن تخطر لك على البال بما في ذلك علاج كافة الأمراض النفسية والأمراض الجسدية.
الفكر لا يعرف المسافات:
أفكارك عندها القدرة على السفر إلى أي مكان بدون أن تتأثر بالمسافات، يمكنك الآن أن تفكر بشخص في كندا أو فلسطين أو لبنان أو أي مكان على وجه الأرض وأنت في منزلك. يمكنك أن تفكر في تجربة سعيدة حدثت معك في مكان ما عليك إلا أن تفكر بالمكان وأفكارك سوف تصل إلى هذا المكان بسرعة تتعدى سرعة الضوء.
يستطيع الإنسان أن يسافر بأفكاره إلى أي مكان في الكون بسرعة لم تكن تخطر له على بال، وتسبب له أحاسيس ليس لها وجود إلا في ذهنه.
كيف تتكوّن العادات؟
العادات يتبرمج بها الإنسان ويبرمج بها نفسه حتى تصبح قوية لا يستطيع تغييرها، هذا يجعلنا نفكر ما هي العادة؟ وكيف تتكوّن؟
العادة هي فكرة وضعها الإنسان في ذهنه وربط بها أحاسيسه وكررها أكثر من مرة حتى أصبح المخ يعتقد أنها جزء من تصرفاته.
تمر الفكرة بست مراحل حتى تصبح عادة. ما هي هذه المراحل؟
أوّلاً: التفكير
في المرحلة الأولى يفكر الإنسان بشيء ويركز انتباهه عليه وقد يكون ذلك بسبب فضوله أو أهمية الفكرة التي يفكر بها.
ثانياً: التسجيل
بمجرد أن يفكر الإنسان في شيء فإنّ المخ يسجله ويفتح له ملفاً – سبحان الله مثل الكتابة على جهاز الكومبيوتر، كلّ شيء يحفظ في عنوان وكلّ عنوان يتم أرشفته تحت نفس العناوين المتشابهة – التسجيل هو المرحلة البسيطة التي يستطيع الإنسان أن يبتعد عنها ويغلق الملف لو أراد ذلك.
ثالثاً: التكرار
يقرر الشخص أن يكرر نفس السلوك مثلاً أن يدخن مرة أخرى أو يشاهد التلفاز أو يأكل ولو بدون جوع أو يمارس أي نشاط نابع من فكرة معينة.
رابعاً: التخزين
بسبب تكرار التسجيل تصبح الفكرة أقوى فيخزنها العقل بعمق في ملفاته ويضعها أمامك كلما واجهت موقفاً من نفس النوع، وإذا أراد الشخص أن يتخلص من السلوك سيجد صعوبة أكبر لأنّها مخزنة بعمق في ملفات العقل الباطن.
خامساً: التكرار
في هذه المرحلة يكرر الإنسان السلوك المخزن بعمق في العقل الباطن وقد يحدث ذلك شعورياً أو لاشعورياً. وكلما كرر التخزين أصبح أقوى وأعمق.
سادساً: العادات
تتكوّن العادات من تكرار الأفعال لنفس الأفكار المسيطرة ولو أردت تغيير عادة ما عليك ربطها بالألم وكافة الأشياء السلبية حتى تبرمج نفسك مجدداً، وبذلك تحل عادة جديدة محل عادة قديمة.
تذكر أن أي شيء تفكر به سواء كان ذلك إيجابياً أو سلبياً ينتشر ويتسع من نفس النوع.
كلما فكرت بشيء تصاعدت أحاسيسك، ومن الأهمية أن تعرف أنّه كيفما فكرت إيجابياً أو سلبياً فالعقل الباطن موجود لمساعدتك وخدمتك وهو يتبع أفكارك ويجعلها تنتشر وتتسع من نفس نوعها مما يسبب لك السعادة أو التعاسة، النجاح أو الفشل، إذن أفكارك هي التي تحدد مصيرك وتوجه مستقبلك وتصنع حياتك.
إذن الفكرة الواحدة قد تكون بسيطة جدّاً ولكن لها قوة جبارة وقد تكون السبب في نجاحك أو فشلك وأيضاً في سعادتك أو تعاستك.
من العجيب أن تجد شخصاً يعاني من مشاكل نفسية يضع كل تركيزه على العالم الخارجي لكي يخرج من حالته ولكنه يستمر في العيش بنفس الطريقة ويفكر بنفس الطريقة ويشكو بنفس الطريقة ويلوم الآخرين على حالته.
الدكتور إبراهيم الفقي واكتشافات مذهلة في آفاق التفكير والإبداع:
يقول: "بعد أكثر من ثلاثين سنة من الأبحاث والتجارب والدراسات والسفر والعمل المباشر مع آلاف الناس استطعت بفضل الله تعالى تأليف وتسجيل علم "ديناميكية التكيف العصبي" وأصبح هذا العلم ماركة عالمية.
الفكرة لها من القوة المؤثرة أنها تسبب إدراكاً لمعنى معيّن وهذا الإدراك يأخذك إلى ما يليه من فكرة أخرى وإدراك آخر، حتى تصل إلى أقصى قوة من الأحاسيس التي يترتب عليها السلوك وتسبب لك نتائج حياتك في كلّ ركن من أركان الحياة. الفكرة لها من القوة المؤثرة أنها تسبب إدراكاً لمعنى معيّن وهذا الإدراك يأخذك إلى ما يليه من فكرة أخرى وإدراك آخر، حتى تصل إلى أقصى قوة من الأحاسيس التي يترتب عليها السلوك وتسبب لك نتائج حياتك في كل ركن من أركان الحياة.
المعرفة وحدها لا تكفي، لابدّ أن يصاحبها التطبيق، والاستعداد وحده لا يكفي فلابدّ من العمل. جوته
كلّ ما قمت به إلى الآن أخي القارئ من تحديد لأهدافك في الحياة، ووضع خطة لبلوغ هذه الأهداف، مراعياً فيها المعوقات التي ستقابلك، وبكيفية حلها وتجاوزها، كلّ هذا جهد مهم وضروري لتحديد مسار حياتك، ولكنه في الحقيقة لا قيمة له إذا لم يتبع هذا الجهد تفعيل لكل هذا في أرض الواقع، فهل يكفي أن تخطط لرحلة تجدد فيها المكان الذي تقصده وتعد لها العدة وتهيأ كل ما ستحتاجه فتكون بتركك للتنفيذ كمن جنى على حياته، فبعدما رسم لحياته معنى وطريق، إذ به يلقي بكل ذلك في الهواء، فيهوي من قمة الطموح والرغبة في النجاح إلى سفح الفشل والشعور بالإحباط، ويكون بذلك تساوى بمن لا يملك هدفاً في الأصل، وما أجمل هذه الحكمة البسيطة التي خرجت من رجل بسيط، يرويها لنا دكتور إبراهيم الفقي: (كان والدي يقول دائماً: الحكمة أن تعرف ما الذي تفعله، والمهارة أن تعرف كيف تفعله، والنجاح هو أن تفعله)، فالحكمة وضعك لهدفك، والمهارة رسمك لخطتك، والنجاح أن تنفذ وتترجم هذه الأهداف والخطط على صفحة حياتك.
لا تكن كالجائع:
قال "بنيامين فرانكلين": (مَن عاش على أمل مات جائعاً)، فإن يبدأ الإنسان بالأمل والحلم فهذا شيء جميل، ولكن إذا حلمت فلابدّ من التنفيذ وبلا تردد، فالحلم والأمل شيئان جميلان، ولكنهما لا يكفيان وحدهما، وللأسف يعيش كثير من الناس حياة بعيدة عن أهدافهم، فإذا اطلعت على أهدافهم رأيتهم كالصقور محلقين في سماء الحياة، ولكن إذا نظرت إلى أعمالهم وأفعالهم رأيت بوْناً شاسعاً بين ما هو مرسوم، وما هو متحقق.
هناك سببان يمنعان الناس من أن يضعوا خططهم موضع التنفيذ:
1- الخوف من الفشل:
فمن الممكن أن تجد شخصاً مرّ بتجربة فاشلة، فحتماً سيحاول تفادي تكرار الفشل في هذه التجربة، وفي سبيل ذلك، هناك مسلكان: شخص سيدرس أسباب الفشل في التجربة السابقة، ويسعى إلى تلافيها وعدم تكرارها، ويكمل مسيره نحو الهدف، وعلى الجانب الآخر هناك شخص سيسعى إلى عدم تكرار هذا الفشل عن طريق اجتناب الطريق برمته، والتوقف على ما كان عليه، والتخلي عن أهدافه وآماله في الحياة.
وللصنف الأخير، أذكرهم بحكمة صينية تقول: (القرار السليم يأتي بعد الخبرة التي تأتي من القرار السيء)، ولتنظر مثل نظرة أديسون عندما كان يعمل على تجربة معيّنة طوال فترة ثلاث سنوات متواصلة وفشل خلالها سبعمائة مرة، وأحبط زملاءه وتلاميذه جميعهم، فتوجهوا إليه وقالوا له:
لقد فشلنا سبعمائة مرة، وهذا فشل ذريع، إذ لم نتوصل إلى شيء بعد، وعلينا أن نتوقف، فضحك أديسون، وقال: (ما الذي تقولونه؟ أيُّ فشل؟ لقد نجحنا في معرفة أنّ هذه السوائل السبعمائة لن تجدي نفعاً، ولو لم نجرب، لما عرفنا، ولكنا نقف على الباب الأوّل نفكر ما إذا كان هذا هو الباب الصحيح، أما الآن فقد تأكدنا أنّ الأبواب السبعمائة ليست صحيحة، وهذا إنجاز ما بعده إنجاز.
2- التسويف:
فالسبب الثاني الذي يمنع الناس من التطبيق هو التسويف، فبعضنا يأخذ في تأجيل بعض أو كل الخطوات المحددة في الخطة التي يفترض أن يقوم بها ويظل يؤجلها إلى اليوم التالي، والأسبوع الذي يليه وهكذا، وعلاج هذا الأمر يكون بمعالجة أصله المتمثل في وجود أزمة في إدارة الوقت.
التهم الفيل:
يشبه علماء الإدارة كيفية تحقيق الأهداف الكبيرة بمن يريد أن يأكل فيلاً، إذ ليس أمامه حل إلا أن يأكله لقمة لقمة.
فمن أكبر أسباب التخاذل أو الفشل أو التسويف الشعور بعظم الأهداف أو بعدها، لأنّ النفس تكره المشقة ولا تستشعر البعيد، لذلك فمن المهم أن تدرب نفسك، وذلك بما أشرنا إليه في مقالة "خريطة المستقبل" من تقسيم أهدافك الكبيرة إلى أهداف سنوية، تقودك إلى أهداف شهرية، يخرج من أهداف أسبوعية، ترشدك في النهاية إلى تحقيق هدفك المنشود.
ماذا تنتظر؟
وختاماً عزيزي القارئ وبعد أن تكلمنا عن أهمية التطبيق الفعلي، وخطورة التكاسل وأسبابه من خوف، من فشل أو تسويف، بعد كلّ هذا، ماذا تنتظر؟ هيّا لتنطلق في ميدان حياتك، فحياتك تنظر إليك راجية منك أن تعيد صياغتها ورسم ملامحها، كي تجعلها تحفة تتباهى بها في سوق الناجحين.
ابدأ الآن فالبداية هي أصعب شيء في أي عمل، وكلّ شيء عظيم تراه في هذه الحياة بدأ بفكرة بسيطة، ولكن الأفكار وحدها لا تغير شيئاً، إذ لابدّ أن تنقل أفكارك من رأسك إلى مستقبلك السعيد، ما فائدة الأحلام والتفكير والتخطيط ما لم يُترجم كلّ ذلك إلى عمل مفيد تلمسه الأيدي وتراه الأعين وتسمعه الآذان.
ومن العادات الجيدة أن تحدد لنفسك نصف ساعة في اليوم تراجع فيها خريطتك، وما حققته خلال يومك وبناء على ذلك تتابع السير على الخطة بمثابرة وجهد الرجال حتى تصل إلى هدفك المنشود، وتذكر قول الشاعر:
وإذا كانت النفوس كباراً *** تعبت في مرادها الأجسام
المصدر: كتاب إتصل بنفسك غيِّر أفكارك
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق