• ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

اللحظة الحالية هي الزمن الوحيد المتاح

جيرالدج جامبولكسي/ ترجمة: د. هشام سلامة

اللحظة الحالية هي الزمن الوحيد المتاح

◄لقد آمنت كثيراً بأن علينا أن نتعلم الكثير من أطفالنا. إذ إنّ الأطفال لم ينطبعوا بمفهوم الزمن الخطي الذي ينتظم وفق الماضي والحاضر والمستقبل. فهم يرتبطون فقط بالحاضر المباشر الآني والفوري بمعنى "الآن".

ويحرضني حدسي على القول بأنهم لا يرون العالم مقسماً، إذ إنهم يشعرون بارتباطهم بكل شيء في العالم كجزء من الكل. وبالنسبة إليَّ فإنّهم يمثّلون البراءة والحب والحكمة والعفو والتسامح. إننا مع تقدمنا في العمر ننزع إلى قبول قيم الكبار التي تركز على إسقاط الماضي في الحاضر والمستقبل المتوقع أو القادم. ويصعب على الغالبية منا السماح بأبسط الأسئلة حول مصداقية مفاهيمنا من الماضي، الحاضر، المستقبل. ونحن نعتقد أنّ الماضي سوف يستمر ليكرر نفسه في الحاضر والمستقبل بدون إمكانية التغيير. وبالتالي فإننا نعتقد أننا نعيش في عالم موحش مخيف تجد فيه المعاناة والإحباطات والصراعات والاكتئاب والعلل والأمراض إن عاجلاً أم آجلاً.

وعندما نغرق في شكاوانا المرة وخبراتنا القاسية من الإحساس بالذنب والتي خطفت ماضينا فإننا ننجرف نحو التنبؤ بمستقبل مماثل. ويصبح الماضي والمستقبل شيئاً واحداً.. ونحن نشعر بالحساسية والهشاشة حينما نعتقد أنّ الماضي المهول حقيقة ثابتة وننسى أن حقيقتنا وواقعنا الوحيد هو الحب وأنّ لحب حي يرزق (الآن). ومع شعورنا بالهشاشة فإننا يتملكنا إحساس بأنّ الماضي سوف يعيد نفسه.

إننا نرى ما نتوقع، ونلتمس وننتظر ما نتوقعه. لذا فإنّ المخاوف الماضية وأحاسيس الذنب الفائتة تواصل تحركها في حلقة لا تهدأ. لكن ثمة طريقة لوأد هذه النفايات والتفاهات "الحفرية" أن نفطن إلى انّ الالتصاق بها لا يجلب لنا ما نريد.

وحينما نلمس عبث تكرارها الدوري فإننا نجتاز جبالاً لطالما صدتنا عن أن نكون أحراراً في العفو والحب تماماً الآن.

اللحظة الحالية هي الزمن الوحيد

 

يمكن أن يصبح هذا أبدياً.. ويكون المستقبل امتداداً لحاضر من السلام لا سبيل لانقطاعه.

 

إن غرقي في الماضي وإسقاطه في المستقبل يفسد عليَّ هدف التمتع بسلام اللحظة. لقد ولّى الماضي إلى غير رجعة ولم يولد المستقبل بعد.. فلا سبيل إلى وجود السلام في الماضي أو المستقبل، لكنه يوجد في اللحظة الحالية فقط. وإنني عازم بقوة على أن أعيش اليوم دون تصورات الماضي أو المستقبل. وسأذكر نفسي بأن: اللحظة الحالية هي الزمن الوحيد المتاح.

مثال:

الخطاب التالي من ممرضة تدعى كارول والتي أصبحت صديقة عزيزة بعد ذلك. وقد تحدثنا قبل ذلك معاً حول أنّ العلاج يمكن أن يحدث في لحظة (ذلك السلام الداخلي الذي يولد بمصرع الخوف).

لقد وجدت مؤخراً في مواقف عدة تحدثت فيها ملياً عن الحب غير الشرطي، وأهمية تطهير جوهر المرء بوأد الخوف ونبذه إلى الأبد. ويخبرني حدسي بأننا نتحدث كثيراً حول الأشياء التي نتعلمها.

وقد كنت أجلس في أحد الأحلام وجهاً لوجه مع شخص سيئ الطلعة يبدو مذعوراً بائساً كئيباً. وأردت الفرار من أمامه بعد وهلة قصيرة. لكنني بعد استرخائي وهدوئي إذ بي أرى الرباط الحقيقي جدّاً بيننا وقد أحببت هذا الرباط.

ومع رؤيتي لزوال الوجه الخادع لتأويل الأنا إذ بضياء يشرق على صفحة صافية وبراءة لم يرها أحد من ذي قبل. ولقد احتضنت ذلك الشخص بحب صادق لم أستشعره من قبل. كما تلقى هذا الشخص حبي، وغشيتنا البهجة والذوبان، ولفنا طيف امتزجت فيه روحانا.

وكان هذا الشخص نفسي وكنت أنا ذلك الشخص، وقد انتشينا بوحدتنا ونجوانا. وقد خبرت الشعور الحق بالحب والسمو والعفو. ولن أنسى الترياق المطلق التام الذي هبط من السماء في لحظة. وقد فطنت بالفعل إلى ما كنت تقوله الآن. ►

 

المصدر: كتاب هندسة الجودة النفسية (سكة الإرادة.. الحب يعني التحرر من الخوف)

ارسال التعليق

Top