• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

المراهقة.. براءة وتحوّل وتوتر

المراهقة.. براءة وتحوّل وتوتر

◄في كتاب بيع منه ما يزيد على اثني عشر مليون نسخة في العالم كلّه، ويحمل عنوان "لا تهتم بصغائر أمور المراهق" يطرح مؤلفه الشهير (ريتشارد كارلسون) بالتعاون مع زوجته (كريس) عدداً من النصائح التي يمكن عن طريقها التعامل مع المراهقين بطريقة أكثر صواباً مما نحن عليه الآن.. وفي ما يأتي نستعرض عدداً من الموضوعات التي تمثل العمود الفقري لمادّته:

-            لا تحزن على الاستقلالية:

إنّ النزعة الاستقلالية لدى المراهقين تمثل جزءاً أساسياً من حياتهم، فقد مررت بها ذات يوم بالتأكيد مع والديك، ولابدّ أن ترضخ لها مع أولادك وبناتك حيث جاء عليك الدور فلا تنزعج من ذلك. من السهل أن تنفق الوقت والجهد في الحزن على تلك العلاقة المثالية التي كنت تعيشها مع ابنك أو ابنتك حتى لعبت الهرمونات دورها وجرت في الدماء أشياء غيّرت طبيعة ونفسيّة هذا الصغير الذي تحوّل فجأة إلى مراهق.

علاج هذا أن تركِّز دائماً على الهدايا التي توطِّد علاقتك مع المراهق والذكريات التي كنتما تتشاركان فيها. ولا تمل من المحاولة عن طريق الخروج شبه الدائم معه ليدرك أنّ مسألة الانفصال عن الوالدين مؤلمة ولابدّ أن يراعي حقّهما حتى يعيش سعيداً ويثق بنفسه أكثر وأكثر.

-            هل يحبّك الجميع؟

ليس من المحتمل أن يحبّك كلّ الناس، لكن كلّ امرئ يريد أن يحس بأنّه محبوب، أو على الأقل شخص مقبول وجذاب. وسوف تصبح مثار سخرية الجميع لو اعتقدت أنّ الجميع يحبّونك أو يتفقون معك. بغض النظر عن طبيعتك أو ما تحقِّقه وما تسعى إليه من كسب ودّ الآخرين، فلابدّ أن تجعل ابنك المراهق يؤمن بذلك دائماً.

-            لا تمرِّض أصحابك:

من حقّ أصحابك أن تشاركهم الأفراح. أما في حالات الحزن، فالأفضل أن تحتفظ بها لنفسك. قد يكون هذا مبدأً أساسياً ينبغي عليك أن توحي به إلى ابنك المراهق. فالكثير منّا يغريه أن يشرك صديقه في أحزانه إلى درجة الملل أحياناً، لكن يجب عليك أن تعتدل في مشاعرك فتجعل الجزء "الفارغ من الكأس" بعيداً عن انفعالاتك وسط أصحابك، بل يجب أن تظهر بين أصحابك بمظهر الواثق المُحب للحياة والمتفائل، حتى تكسب عدداً أكبر من الأصدقاء، ولا تدور حولك الإشاعات بأنّك منعزل أو كئيب.

وبالمقابل، يجب على الوالدين أن يشاركا ابنهما المراهق في كلّ ما يفكِّر فيه حتى لو كانت فكرة سلبيّة، لكن الخدعة التي يجب أن يعمدا إليها هي التعامل بحكمة معه وقت أن يكون مزاجه مضطرباً. وعلى سبيل المثال: في فترة انفجار العواطف تجاه الطرف الآخر، من الأفضل للوالدين الانتظار والترقُّب إلى أن يأتي وقت المواجهة ولو بعد حين.

-            الخروج من الأزمات:

لابدّ أن يعلم المراهق بأنّ الحياة ذات وجهين، وربّما يكون وجه الأزمات هو الأغلب عليها. لكن في هذه الأوقات نجد أنّ دور الوالدين أكثر أهميّة بحيث يكون اتخاذ القرار مسألة حرجة وكلّ خطأ فيه قد يجر متاعب أكثر. ولابدّ من معالجة وجهات النظر القاصرة إلى الأمور، ومتابعة كلّ الأخطاء حتى يتم تداركها والسير من جديد في خط مستقيم.

الطريقة المثلى للخروج من الأزمات هي اختلاق مناسبات الضحك الدائم مع المراهقين، إذ على الوالدين أن يجعلاه يفكِّر في الوجه المرح للحياة حتى لا يعتقد أنّ المستقبل ستغلب عليه الكآبة. كما يجب على الوالدين ألاّ يجعلا المراهق يحس بالإحباط أو بفقدان السيطرة على الأمور، فالحياة ليست كاملة لكنها لا تستمر وكلّها أزمات على الدوام، فالأمل موجود دائماً.

-            التصالح مع الأخطاء:

الأخطاء مسألة حتمية، لكن يجب على الوالدين غرس قيمة التصالح مع الأخطاء بشكل دائم حتى يعيش المراهق بسلام وسكينة. كما يمكن أن يصوّرا له الحياة على أنّها مجموعة من الأخطاء يجب علينا أن ننهض للتغلُّب عليها دائماً. فلو تركناها تتراكم لما استطعنا تغيير أي شيء ولأصبحت الفرص أمامنا أقل وأصعب، لهذا علينا أن نتغيّر إلى الأفضل.

-            تضارب الأهواء:

من الضروري أن نشرح للمراهق مسألة السيطرة على الأهواء التي تنتابه حتى لا يصير مزاجه متقلباً على الدوام. إنّ أحد العوامل المهمّة لنعيش حياة ناجحة وسعيدة هي أن نفهم مزاجنا المتقلِّب. فكِّروا دائماً في إمكانية السيطرة على تقلُّبات مزاجنا الدائمة، ومحاولة التخلُّص من الظروف القاسية التي نعيشها فلا نجعلها تتغلّب على حالاتنا النفسيّة فتعكِّر مزاجنا باستمرار.

لو أحسّ المراهق بأنّه يمتلك وجهات نظر عديدة في الحياة، فسوف يتمكّن من جعل بعض لحظات التعاسة لحظات فعّالة ومتفائلة لا مجرد لحظات سلبيّة سخيفة. سوف تنخدع حتماً لو اعتقدت أنّ الحياة هي أقسى مما عليها بالفعل. لذلك يجب عليك أن تتعامل مع الأشياء بالنظر إلى ما لا تريده منها لا إلى ما يفرض عليك. لابدّ أن يتعلّم المراهق السيطرة على مزاجه حتى يحس بأنّه إنسان يسعى إلى الكمال.

-            كن أقل انتقاداً:

يجب على الوالدين أن يصبحا أقل انتقاداً للمراهق، فمن السهولة الانتباه إليه، وإلى ما يفكِّر فيه وما يتكلّم عنه، دون إشاعة الروح الانتقادية والسلبية تجاه ما يفعله. وحين تسيطر على الوالدين حالة الانتقاد أو السخريّة لابدّ من طردها على الفور لأنّ ذلك ليس من مصلحة ابنهما على الإطلاق.

-            كلّه على الورق!

هناك قيمة كبيرة لكتابة أي موضوع يقلقك على الورق. كلّ الأفكار الضارّة أو الرديئة بعد كتابتها على الورق تصبح لا قيمة لها. وهذه هي الطريقة الصحّية لفرز الأشياء حسنها من سيِّئها حتى لا تنعكس الأمور بصورة خاطئة دائماً على نفسيّة المراهق الذي يعيش معك. اجعل المراهق أيضاً يتنفّس بصورة أفضل على الورق حتى ينفس عن مكبوتاته.

-            كن محارباً:

يقول (دون جوان) العاشق الشهير في التاريخ: "الفرق بين الإنسان العادي والمحارب هو أنّ المحارب يأخذ على عاتقه تحدي كلّ شيء، بينما يعتقد الإنسان العادي أنّ الأشياء مجرد نعمة أو نقمة تهل عليه". وبناء على هذا، يجب أن نعلِّم ابننا المراهق أن يصير محارباً دائماً. افتحوا للمراهق إمكانية أن يعبِّر عن متاعبه وعلِّموه طرق الخلاص منها مع اختلاق فرص أخرى جديدة للحياة بصورة أفضل وأوسع من مداركه الضيقة.

في النهاية، ينبغي أن نتعامل مع سنّ المراهقة على أنّها سن براءة وتحوّل، ولابدّ أن نساعد هذا المراهق على تجنّب التوتر والضيق بأن نكون أكثر تسامحاً معه ونتكلم معه ونظهر له مشاعر الودّ والحبّ، لكن في الوقت نفسه لابدّ أن نعوِّده الالتزام بخط أكثر مسؤولية مع الحياة.►

ارسال التعليق

Top