سؤال يتعرض له كلّ الجراحين في شهر الصيام، إذ إن إجراء الجراحة يعني أنّ المريض سوف يفطر، لكن للضرورة أحكاماً، فهناك الكثير من الدواعي الجراحية التي تتطلب إجراء الجراحات العاجلة ومنها: التهابات الزائدة الدودية، والالتهاب البيرتوني، وانفجار قرحة الإثني عشر، وحالات القيء الدموي الناتج عن دوالي المريء النازفة، أو عن قرحة الإثني عشر، وكلّ هذه الحالات تتطلب التدخل الجراحي العاجل، وعليه، فإنّ الجراح لا يتردد لحظة في إعطاء رخصة للمريض بالإفطار مع إجراء الجراحة للحفاظ على حياته.
ومن المشكلات كذلك مشكلة الأورام السرطانية الخبيثة، إذ إنّ الانتظار في مثل هذه الحالات قد يؤدي إلى انتشار هذه الأورام سواء إلى الأعضاء التي حولها، أو إلى الغدد الليمفاوية، أو عن طريق الدم إلى الأعضاء الأخرى، ولذا، فإننا ننصح المريض بضرورة إجراء الجراحة، حتى لا يتفاقم المريض، وينتقل إلى أعضاء أخرى بالجسم، مع أخذه برخصة الإفطار في رمضان.
ولكن ما الحكم في بعض الحالات الجراحية العادية مثل وجود حصوات في المرارة، هل ينصح بإجراء الجراحة في أثناء الصيام؟ الإجابة هنا واضحة وهي: إذا كانت الحالة مستقرة ولا يوجد التهاب حاد في المرارة، فمن الأفضل الانتظار حتى ينتهي شهر الصوم، حتى لا تضيع على المريض هذه الفرصة للتقرب إلى الله، ثمّ تجرى عملية استئصال المرارة عادة بالمنظار الجراحي بعد رمضان، ولكن إذا حدث التهاب حاد ومتكرر أثناء الصوم في المرارة، فالأطباء ينصحون بإجراء العملية فوراً بعد إعطاء فرصة للمريض للعلاج التحفظي والطبي، ورخصة بالإفطار حفاظاً على حياته.
وكذلك إذا أدت حصوات المرارة إلى انسداد في القنوات المرارية مع حدوث اصفرار في العينين، فيجرى استخراج الحصوات من القنوات المرارية عن طريق المنظار حتى تختفي الصفراء التي قد تودي بحياة المريض. أما مرضى البواسير الشرجية والناصور، فالأطباء ينصحونهم بإجراء الجراحة بعد الصيام، إلّا في حالات حدوث اختناقات في البواسير الشرجية، التي تكون الجراحة عاجلة فيها إذا فشل العلاج التحفظي أوّلاً، مع إعطاء رخصة بالإفطار.
والشيء نفسه في حالات وجود خراج حول فتحة الشرج، فإنّه لابدّ من فتح الخراج فوراً حتى لا تتفاقم الأمور، وتؤدي إلى حدوث مضاعفات مثل الناصور، كما أنّ الفتح الجراحي العاجل يحمي المريض من هذه المضاعفات مع إعطائه رخصة بالإفطار طبعاً.
أما مرضى السمنة المفرطة، فإن شهر الصيام يكون فرصة ذهبية لهم، فهو أفضل تدريب لهؤلاء المرضى على تقليل الطعام، ودائماً ننصح بألّا يفرّط المرء في تناول الطعام في أثناء الإفطار، وإلا فلا معنى "للرجيم"، وقد صدق الأثر النبوي "صوموا تصحوا".
أمّا إذا فشل "الرجيم في إنقاص الوزن، وبدأت تظهر آثار السمنة المفرطة مثل: آلام المفاصل، والسكر، وارتفاع الضغط وأمراض القلب، وتصلب الشرايين، الصعوبة في التنفس في أثناء النوم، فإن عملية تدبيس المعدة لتقليل حجمها تصبح هل الحل الأمثل في مثل هذه الحالات.
*د. أشرف الزغبي/ كلية الطب – جامعة عين شمس
المصدر: مجلة المجتمع/ العدد 1383 لسنة 2000م
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق