• ١٨ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

المعلّم.. رجل العلم والتربية

عمار كاظم

المعلّم.. رجل العلم والتربية

قال تعالى في محكم كتابه: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (الزّمر/ 9). لا شكّ في أنّ التعليم والتعلُّم من أشرف المهن وأنبلها من خلال هذا النص القرآني. وهذا إن دلّ فإنّه يدلّ على قيمة وتقدير ما يقدّمه المعلم من إيجابيات في نقل المعرفة من الكُتُب إلى أذهان الطلاب .وقد اهتم الإسلام ماضياً وحاضراً بالمعلّم حيث لا ننسى المعلّم الأوّل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال: «أدبني ربّي فأحسن تأديبي»، وقال تعالى: (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) (النِّساء/ 113).. إنّ المعلم الباني والموجّه في الأُمّة يكاد يكون رسولاً كما قيل :

قمِ للمعلّم وفه التبجيلا******كاد المعلّم أن يكون رسولا

يعدّ المعلّم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية والتربوية، فهو المنوط به حمل رسالة العلم ونقلها بكلّ ما يملكه من صبر وعطاء وكلّ ما يتمتع به من مسؤولية وكلّ ما يتسم به من كفاءة إلى تلامذته، فالمعلّم ليس ناقلاً للمعرفة فحسب، بل هو أيضاً مربي أجيال وصانع الرجال وهو بدوره ينمي قدرات أبناءه الطلاب ويساهم في تربيتهم الفكرية واتجاهاتهم الثقافية.. فالمعلّم هو رجل العلم والتربية للأجيال بلا منازع، من هنا كان للمعلّم دوره الخطير لما له من أثر في تربية الفرد وشكل المجتمع الناتج، فاستقرار المجتمع وتطوّره وازدهار يتوقف على التربية الحسنة للطالب ومقدار ما يحصل عليه الطالب من معرفة علمية وتاريخية ووطنية فضلاً عن ما يتمتع به من معرفة دينية وتربوية.

هناك أقوال عدة أكّدت أهميّة التعليم وفضله فـ(مالكوم أكس) اعتبر التعليم جواز سفر للمستقبل، و(نيلسون مانديلا) اعتبر التعليم السلاح الأقوى الذي يمكن استخدامه لتغيير العالم، وفـ(يكتور هوغو) قال: «مَن يفتح مدرسة يغلق سجناً». إنّ الاهتمام بالتعليم مرتبط بتطوير وتقدّم وتنمية المجتمع، وإصلاح التعليم لم يعد ترفاً فكرياً، بل أصبح أولوية مهمّة تتضمن التركيز على روح العملية التعليمية وهو المعلّم.

بعض المهن تحتاج أن يمتلك أصحابها الشغف بها ليستمروا في العطاء بجد، ومن هذه مهنة المعلّم الذي عليه أن يمتلك العلم والمعرفة والاهتمام والرغبة في العمل، إضافة إلى طُرق التفاعل والتواصل مع الطلبة حتى يُقبل على مهنته بمحبّة ويقوم بدوره بتميز ونجاح. تعتبرهذه المهنة رسالة مهمّة تصنع أجيالاً، ولأهميّة دور المعلّم وعظم دوره في العملية التعليمية ومن منطلق إيمان عميق ويقين بأنّ التعليم هو المدخل الحقيقي لأي عملية إصلاح اجتماعي أو اقتصادي أو سياسي يهدف إلى النهوض بالمجتمع وفي خطوة لضمان تأهيل الموارد البشرية اللازمة للاستثمار في جميع القطاعات والمجالات. فقد تم تكريم المعلّم على الصعدين العالمي والعربي من خلال جعل يوم خاص له يُحتفل به؛ لكونه قمة عالية من قمم المجتمع التي أقلّ ما يقدّم لها هو هذا الاحتفال السنوي.

يقول أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): «من حقّ العالم عليك أن لا تكثر عليه السؤال، ولا تفشين له سرّاً، ولا تغتابن عنده أحداً، ولا تطلبن عثرته وإن ذلّ قبلت معذرته، وعليك أن توقّره وتعظّمه لله مادام يحفظ أمر الله، ولا تجلسن أمامه وإن كانت له حاجة سبقت القوم». هكذا طلب الإمام عليّ (عليه السلام) أن نعامل المعلّم.. فالمعلّم هو المربي والمرشد وقنديل المعرفة وصانع المستقبل، فليس أقل من توقير هذا الرجل وإجلاله.. فهو رجل العلم والمعرفة مَن يفتح لنا للغد طريقاً يفرشه بالنور، ولقد سُئل الإسكندر: لِمَ تُكرم معلّمك فوق كرامة أبيك، فقال: «إنّ أبي سبب حياتي الفانية، ومعلّمي سبب حياتي الباقية‏». هكذا هو المعلّم وهذا هو دوره في تربية الأجيال وبناء المستقبل، وهكذا يجب أن ينال من حبّ واحترام وتوقير.

ارسال التعليق

Top