• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

النمو العقلي للمراهق/ج3

إيمان عبدالحميد البلالي*

النمو العقلي للمراهق/ج3
◄تأثره بالخبرات (استثمر مراهقتهم)

في ظل التغيرات السريعة التي تحدث في هذا الزمن، وتسارع الانفتاح التكنولوجي، أصبحت التربية تفقد تلك السهولة والبساطة التي كانت عليها في السابق، فأصبح العقوق أسهل من كبسة زر في الأجهزة المحمولة، ولعل الآباء سبب من أسباب عقوقهم أنفسهم، حين اعتقدوا أنّ تربية الأبناء قواعد لا تتغير، وجهلوا تلك الحكمة العظيمة التي نطق بها عليّ بن أبي طالب (ع) حين قال: "ربوا أبناءكم لزمن غير زمانكم". في السابق، يقف الأبناء ساعة يستمعون لنصح الآباء، الآن أصبح جلياً تذمرهم من النصح، ولا نلومهم، فالوقت يمرّ بسرعة، وأصبح الاختصار في كلِّ شيء هو السمة الأساسية لزماننا، فوسائل التواصل الاجتماعي شجعت كلّ ذلك، 130 حرفاً على "تويتر"، و15 ثانية على "الإنستجرام" والكيك وغيرها.

ولذلك وجب علينا – كآباء – أن نتعلم فنوناً تربوية تتماشى مع هذا الزمن المنفتح السريع، مع الحفاظ على الهوية الإسلامية، لنخرج جيل النهضة الذي نحلم به.

والمراهقة هي المرحلة الأصعب في مراحل التربية؛ لا يشوبها من تغيرات سريعة نفسية وعقلية وجسدية وعاطفية، تجعل الوالدين في حيرة من أمرهم، سأتطرق إلى شرح هذه التغيرات، وكيفية العلاج، وأهم الاضطرابات السلوكية والنفسية للمراهق؛ لنعبر سوياً مرحلة المراهقة بأمان وسلام وحب.

ذكرنا في المقابل السابق أنّ من مظاهر النمو العقلي للمراهق تأثره بالخبرات، ونحتاج هنا إلى تنبيه وهمسة للوالدين والمربين بخصوص تأثره بالخبرات.

 

تنبيه:

على الوالدين أن يكونا مصدرين للخبرات الرائعة في حل المشكلات واحترام كلّ منهما للآخر.

فالولد أو البنت يكسب هذه الخبرة وهذه الفنون المعتادة من الوالدين، ويبدأ بممارستها عادة في الكبر عند الزواج.

فيبدأ الولد بمعاملة زوجته كما كان والده يعامل أمه، ومن الغريب أنّ البعض يكره وينبذ طريقة والده، لكنه يمارسها مع زوجته دون وعي منه أنّه أصبح نسخة من والده، إلا إذا وعى ذلك وانتبه لتصرفاته من قبل الزواج وبعده فقد لا تتكرر تلك النسخة.

وكذلك البنت تتخذ من والدتها مصدراً لمعظم خبراتها الحياتية، وفنون المعاملات؛ نظراً لاحتكاكها بالأُم في مجتمعنا الشرقي المحافظ، فالبنت تكون لصيقة بالأُم تكسب معظم الخبرات في التعامل واحترام الآخر والطبخ والتنظيف وإدارة المنزل والعناية بذاتها، وتعاملها مع الأبناء والزوج، نعم هناك خبرات غير ذلك لكنها تكسب أكثر من 70% من الخبرات من الأُم خاصة في البيئات المحافظة.

ولذلك يكون على الأُم أن تكون خير قدوة للبنت، تصاحبها، تعلمها، تحب ذاتها وتحترمها، كيف تدير مشاعرها، وكيف تتصرف، تعدها لأن تكون صالحة مجتمعياً، نافعة لمجتمعها، وتساهم في التنمية سواء تزوجت أم لم تتزوج.

 

همسة:

ربما لا يستطيع الوالدان التعامل مع المشكلات بصورة مثالية، فأحياناً يرتفع الصوت وتظهر بعض المشكلات للأطفال.. فالتصرف الأمثل:

-         أن نوضح للأبناء أنّ التصرف الصحيح هو التالي وأنّ ما فعلناه خطأ.

-         كما نعلمهم كيف يحموا أنفسهم من المشاعر السلبية التي اجتاحتهم، من خلال تمارين الاسترخاء أو تفريغ تلك المشاعر بالرسم أو الكتابة أو التلوين أو ممارسة الرياضة.

-         كما علينا أن نشعرهم بالأمان ونطمئنهم أننا مهما حصل سنبقى معهم.. "إنّ التطور المعرفي المتزايد الذي يقع في المراهقة، يمكن أن يجعل من المراهقة فترة للابتكار العظيم وللتحدي والمغامرات العقلية" (مسن، كونجر، كاجان، ستين عام 1986م، ص464).

 

ثمّ يأتي بعد ذلك النمو الانفعالي للمراهق:

فمرحلة المراهقة تتسم بأنها مرحلة عنيفة في حدة الانفعالات واندفاعها، وتجتاح المراهقة ثورة من القلق والضيق والتبرم والوهن، فنجده ثائراً على الأوضاع، ومتمرداً على الكبار، كثير النقد لهم، واندفاع المراهق الانفعالي ليس نتيجة أسباب نفسية خالصة، بل يدخل ضمنها ما للتغيرات الجسمية من آثار على هذه الانفعالات. (معوض، عام 1994م، ص346).►

 

* كاتبة كويتية – ماجستير إرشاد نفسي

المصدر: مجلة المجتمع/ العدد 2072 لسنة 2014م

ارسال التعليق

Top