• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

النهضة الحسينية.. منظومة تربويّة وأخلاقيّة

أسرة البلاغ

النهضة الحسينية.. منظومة تربويّة وأخلاقيّة

◄إنّ نهضة الإمام الحسين (ع) كانت تحمل في طياتها الكثير من المعاني الساميّة في جوانب الحياة المختلفة، ومنها الجانب التربويّ، إذ خطّت هذه النهضة العظيمة أروع السطور في الأساليب التربويّة والقيم الأخلاقيّة التي رسمها بأنامله الشريفة لتكون نبراساً يُقتدى به، فأراد أن يعمل على تحريك المشاعر بشتى الوسائل جاعلاً من توجهه نحو الله تعالى القاعدة الأساسية في أقواله وأفعاله وتقريراته. كانت نهضة الإمام الحسين (ع) نبراساً يملأ النفوس نوراً ومحبة واحتراماً وأخلاقاً، فهي مدرسة الاحترام للكبير والرحمة للصغير والتزام ثوابت الأخوة والتعامل الساميّ مع الآخر.

لقد إتخذ الإمام الحسين (ع) من نفسه مشروعاً تربويّاً يعمل على إصلاح هذه الأمة تربوياًّ وأخلاقياًّ وقيميّاً، لأنه يرى أن من واجبه كإمام مفترض الطاعة أن يضع نفسه بذرة خير داخل المجتمع الإنساني على وجه العموم والمجتمع الإسلامي على وجه الخصوص.

هناك الكثير من القيم التربويّة والأخلاقيّة التي اعتمدها الإمام الحسين (ع) في فلسفة ثورته والتي منها الإرادة والإصرار والعزم، حيث كان الإمام الحسين (ع) يمتلك إرادة قوية وعزماً متيناً وبين جنبيه همة عالية جعلته يصر إصراراً كبيراً على ضرورة الخروج بالرغم من المصير المحتوم الذي يعرفه وما سيلاقيه هو وأهل بيته (ع). إن الهدف الأساس الذي كان منشوداً من وراء هذه النهضة هو الإصلاح، وهذا ما صرح به الإمام الحسين (ع) في خطبته المشهورة التي يقول فيها: «إنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي (ص) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر...»، وقد أعطى لنهضته بعداً إصلاحياً وأراد من الأمة أن تنظر بعين البصيرة والبصر. إنّ الحسين (ع) أعطى بنهضته درساً في الغيرة والحمية للناس، درساً في الصبر والتحمُّل، درساً في إحتمال المصاعب، وركوب الشدائد، لقد كانت دروساً بالغة الأهمية بالنسبة للمسلمين.

إنّ من أخلاق الثورة الحسينية، قبول توبة المخالفين، ورفض الفتك بالأعداء، وبهذه الأخلاق استطاعت النهضة الحسينية أن تحقق النصر الحقيقي بعد أن أيقن المسلمون أنّها نهضة سليمة جاءت لإصلاح الواقع وتغييره بعد أن جسّدت هذا الإصلاح وهذا التغيير في سلوكها وأخلاقها. حيث لعبت النهضة الحسينية دوراً كبيراً في تحريك ضمير الأُمّة، لتبقى القضية في عقل كلّ إنسان حرّ وقلبه.

كانت الثورة الحسينية هي بداية التغيير المنفتحة على كلِّ قيم الحقّ والعدل والعزة والكرامة والإنسانية والحياة في حركة الحاضر نحو المستقبل. كانت أعظم ثورة عملاقة سجّلها التاريخ، فقد أيقضت المسلمين من سباتهم وحطّمت عنهم سياج الذلّ والعبودية فانطلقت الثورات يتبع بعضها بعضاً في معظم أنحاء العالم الإسلامي وهي تحمل شعار الثورة الحسينية وتطالب بعزّتها وكرامتها وأمنها ورخائها. بقيت صرخات الحسين (ع) في كربلاء تدوي مدى التاريخ وبقيت شرارتها أزلية دائمة تمد الأُمّة دوماً بكواكب الثائرين والمجاهدين، وبقي زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار يومض في ليالي الخوف والظلمات ليكون مصباحاً للهدى يلتمسه الغافلون والحيارى والذابين عن دينهم ورسالتهم.►

 

ارسال التعليق

Top