◄ليست فاعلية فريق العمل أمراً حتميّاً. فكثيراً ما تفشل فِرَق العمل في تحقيق أهداف تنفيذية، وقد تكون النتائج قاسية وطويلة الأمد، فقد تختفي فرص العمل التي كُلّف الفريق بإيجادها وتطويرها، وقد تستمر مشكلة العمل التي كلّف بحلّها، بل قد تزداد سوءاً، وقد تضيع ميزة روح المنافسة، وقد تتضرّر العلاقات بين وحدات العمل، وقد تتآكل الثقة بقيادة المؤسسة وتوجّهاتِها، وقد تُشكّل فِرَق عملٍ لاحقة في جوٍّ من سوء الظن والريبة مما يزيد من احتمال سقوطها السريع هي أيضاً. إلّا أنّ معظم المآزق التي يواجهها فريق العمل يمكن التنبّؤ بها ومنع حدوثها. وهذا ما تعلّمه مركز القيادة الإبداعية CCL من خلال بحوثه التي أجراها على فِرَق العمل، وعمله مع فِرَق عمل تنظيمية. فقد تعلّم أنّ ما يفعله القائد، أو ما قد يفشل في فعله، قبل تشكيل الفريق، أو في أثناء تشكيله له أثر واضح على مصير الفريق. فأنت تستطيع أن تقضي على المشكلات التي تحدِق بالفريق من خلال النظر مسبقاً في تركيبته وهدفه، والموارد التي يحتاجها، والعقبات التي يمكن أن يواجهها.
فالتمهيد الواعي لأرضية العمل سيزيد إلى حدٍّ كبيرٍ من إمكانية توظيف فريق العمل الذي بدأتَه بكاملِ إمكانيّاته. وبإمكانك التأكّد من تغطية جميع وجوه تشكيل فريق العمل من خلال النظر في هذه العناصر الخمسة الأساسية:
1- ضعْ اتِّجاهاً واضحاً للفريق: يوحّد الإحساس الجماعي بالهدف أعضاء الفريق، ويُوجد بيئةً يفهمون من خلالها كيف يعمل الفريق، وكيف تلعب مساهمةُ كلّ واحد منهم دوراً فيه.
2- احصلْ على دعم إدارة المؤسسة: يزداد إنتاج الفريق عندما يكون قادراً على العمل في مؤسسةٍ تزوده بالموارد التي تدعم وجودَه.
3- اجعلْ بنية الفريق مصدر قوة لأعضائه: إنّ توحيدَ الآمال المرجوّة من الفريق، وتحديدَ الموارد وتنظيمها، وإيجادَ مفهومٍ واضحٍ عن كيفية سير الفريق في عمله، كلُّ ذلك يفسح المجال أمام أعضاء الفريق بأن يركّزوا جهودهم على تحقيق أهدافهم.
4- حدّد العلاقات الأساسية: إنّ بناء علاقاتٍ أساسيةٍ مع الأفراد وفِرَق العمل والمؤسسات الأخرى يفسح المجال أمام المزيد من تدفّق الموارد تدفقاً فاعلاً وكافياً من الفريق وإليه.
5- راقب العوامل الخارجية: إنّ جمْعَ المعلومات عن المحيط الخارجي الذي له علاقة بأهداف فريقك، وتحليلَها يساعد الفريق على إجراء التعديلات اللازمة عندما تكون الظروف مواتية.
- ضع اتجاهاً واضحاً للفريق:
إذا ابتعد فريق العمل عن مساره، فهذا يعني في الغالب أنّ لدى أعضائه أفكاراً مختلفةً عن مهمته، وعمّا يُنتظَر منهم إنجازُه. فالفِرَق الفاعلة تبدأ بهدفٍ واضحٍ. وبالإضافة إلى نظرتك إلى غاية الفريق ووجهته هنالك مساهمون وشركاء يحملون نظراتهم الخاصة. ولذلك عليك أن تتكلّم معهم لتعرف تطلعاتهم إلى نجاح الفريق. اجمعْ هذه المعلومات بحيث تكون مستعدّاً لتداولها مع الفريق الذي أنت بصدد تشكيله.
وليس المقصود من غاية الفريق تحديدُ كيفية تنفيذه لعمله، وإنما ستكون عليه النتيجة النهائية للعمل. فمثلاً: قد تكون النتيجة المقصودة عبارةً عن خطةٍ لزيادة المبيعات، أو إستراتيجية لدخول سوقٍ ما. وحينئذٍ اشحنْ هدفَ فريقك ليتحوّل إلى تحدٍ قوي مُلهمٍ لا يُنسى. ويستخدم في ذلك ورقة عمل.
- احصل على دعم إدارة المؤسسة:
عندما يفشل فريقٌ ما في العمل بكامل إمكاناته، يبدأ أعضاءُ الفريق ورعاتُه بإلقاء اللائمة على النزاعات والمشادّات الداخلية بين الأفراد، ولكنْ غالباً، إن لم يكن دائماً، تكمن الأسباب الحقيقية للفشل خارج الفريق، أي في النظام المحيط بالفريق، والموجود أصلاً لدعمه. لذا يقتضي منك تشكيلُ الفريق جهوداً خاصةً لتضمن أنّ مؤسستك ستدعم فريقك بالموارد الكافية، وبالرعاية المؤسسية، وبالتمييز الدقيق لمسؤولية كلّ عضو في الفريق (من قِبل الفريق ومن قِبَل المؤسسة)، وبالسلطة، وبتزويد الفريق بالتغذية الراجعة عن أدائه، وبنظام مكافآت موجّهٍ للفريق.
تفقّدْ موارد الفريق مُسبقاً، واحصل عليها، إذْ إنّ أحد المقاييس التي تعرف بها دعمَ مؤسستك للفريق هي فيما إذا كان أعضاء الفريق قد حصلوا على الموارد الكافية لتحقيق أهدافهم أم لا، وأحد هذه الموارد التي يحتاجها الفريق هي إعطاؤه الوقت الكافي ليتشكل وينمو. وقد يحتاج أيضاً إلى المساحة المكانية، ودعم الكادر الوظيفي، والمعدات، وميزانية السفر، وفرص التدريب، ويضاف كلّ هذا إلى أساس تشكيل فريق العمل. إنّ فِرَق العمل كلفة. ولكن الفِرَق التي تفشل بسبب عدم حصولها على الموارد اللازمة هي أشد تكلفة. لذا خطط لكيفية الحصول على الموارد اللازمة لفريقك باستخدام ورقة عمل.
ورقة عمل تحديد اتجاه الفريق
1- مَن الذي قرّر تشكيل الفريق؟
2- ولماذا صدر هذا القرار؟
3- مَن له الحقّ بالاستفادة من نتائج فريقك؟
4- ماذا يُنتظر من الفريق؟
5- ما هي طبيعة العمل الذي كلف به الفريق؟
6- ماذا يحاول الفريق أن يحقق؟
7- لماذا يُعدّ هذا الأمر مهمّاً؟
اضمن وجود راعٍ لفريقك: يقطع وجودُ رعايةٍ مؤسسيةٍ عالية المستوى شوطاً كبيراً أمام نجاح فريق العمل، فإذا أعلن المدير العام، أو أي مدير تنفيذي آخر رفيع المستوى دعمه لفريقك، وأيّد توجّهاته، وعرّف بأهميته، فإنّ العاملين في مؤسستك سوف يدركون أنّ مهمة فريقك حيويةٌ وملحّةٌ. وهذا سيجعل فريقك قادراً على تحصيل الموارد والدعم المؤسسي الذي يحتاجه لكي ينجح. وإذا عرفتَ ما الذي سيكسبه الراعي من جهود فريقك، عرفتَ كيف تجتذب راعياً لفريقك، أو كيف تؤيده. خذ مثلاً نائب مدير المبيعات الذي يعتقد بأنّ إنتاجيّة طاقم المبيعات ومعنوياته يمكن أن ترتفع من خلال إضافة منتجات جديدة، مثل هذا الشخص سيكون بلا شك خياراً جيِّداً لرعاية فريق مختلف الوظائف مهمّتُه تطوير الإنتاج.
حدّد الخطوط العريضة للمسؤوليات: غالباً ما يأخذ العملُ ضمن الفريق الأشخاصَ بعيداً عن واجباتهم الأصلية، وقد يوقعهم هذا في صراع مع بعض مصالح وأهداف مجموعات عملهم الأصلية. وقد ينشأ عن هذا التوتر تذبذبٌ في ولاء أعضاء الفريق، فعندما تكونُ في صدد تشكيل فريق، وضّحْ و/ أو تفاوضْ مع أعضاء الفريق المُحتمَلين، ومع مدارائهم حول نوع الالتزام الزمني المطلوب، وتأكد من مصادقتهم عليه. خطّطْ جيِّداً وبحذر، وإياك أن يكون تقديرُك للوقت الذي يلزم كلّ فرد أن يقضيه في عمل الفريق أقلَّ من الواقع.
حدّد السلطة: إذا لم يكن لدى فريقك السلطةُ في صنع القرارات، أو في توظيف بعض الوسائل من أجل تنفيذ تلك القرارات، فإنّ فرصَ نجاحه ستكون محدودةً. قرّر نوع السلطة اللازمة للفريق: هل هي قوة القيام بعمل ما؟ أم قوة اتخاذ القرار؟ أم قوة إعطاء التوصيات؟ فأعضاء الفريق يجب أن يعرفوا أيّ نوعٍ من السلطة يمتلكون، وأن يكونوا قادرين على ممارستها. وقد يتطلّب منك تحديد نوع السلطة التي يمتلكها الفريق أن تخوض في مفاوضاتٍ مع رئيسك ومع راعي الفريق ومع المساهمين الرئيسيين، فالفهم المشترك لسلطة الفريق ضمن هذه المجموعة أمر أساسي في مرحلة تشكيل الفريق.
عندما لا تتوقف المعارضة يتوقف فريق العمل
يُشكّل فريقُ مختلفُ الوظائف ليعجّل في تطوير منتجٍ جديدٍ. وبعد كلّ اجتماع، يرجع الأعضاء إلى رؤساء أقسامهم، وينقلون إليهم ما قرّره الفريق. ولكنّ رؤساء الأقسام يعترضون في كلّ مرة على قرارات الفريق، ويُحجِمون عن تقديم الدعم له، وبالتالي، يرجع الأعضاء إلى الفريق ليطلبوا إعادة النظر في القرار، لأنّ الأشخاص من خارج الفريق معهم حقّ الفيتو ضد قرارات الفريق، وهكذا يعجز الفريق عن تحقيق هدفه.
كافئ الفريق على أدائه: تميل المؤسساتُ إلى مكافأة الأفراد على أدائهم. ولكنّ المكافآت التي تركّز على منجزات الأفراد بدلاً من منجزات الجماعة لن تساعد في إثارة دافعية فريق العمل، ولن تمنح أعضاءه الشعور بالقيمة والدعم للعمل الذي يقومون به في سبيل تحقيق هدف الفريق. وبدون وجود نظام مكافآت مُوجّهٍ للفريق، قد يرفض الموظفون الانضمام إلى فريق عمل، أو قد يستاؤون من تعيينهم فيه. ففي الوقت الذي تحضّر لإعداد فريق، عليك أن تحضّر المكافآت للفريق على ما سينجز من أعمال. والمال هو أحد تلك المكافآت، (كأنْ تخصّص زيادةً ماليةً لكلّ عضوٍ من الأعضاء مقابل النتائج التي يحققها الفريق). ولكنّ التعويض الماليّ ليس كلّ شيءٍ، فهنالك طرقٌ أخرى يمكنك اتخاذها مثل:
· التعريف بالفريق: أَشِرْ إلى أنّ لنجاح الفريق أهميةً واعتباراً حقيقيّين لدى إدارة مؤسستك، وذلك من خلال مقالاتٍ في رسالة الشركة الإخبارية، والحفلات الختامية للفريق، والقمصان المطبوعة، وما إلى ذلك من أدواتٍ ووسائل.
· التعليم: عزّز جوانب التعلّم الناشئة عن العمل ضمن فِرَق العمل. فاكتسابُ المهارات والمعارف الجديدة هو جزءٌ لا يتجزّأ من هذه التجربة، كما أنّه يعطي الفريق فرصاً أكثر في المستقبل، وتمكّناً أفضل من مهنهم.
· السّفر: تعطي العديدُ من مهامّ فِرَق العمل الفرصة للخروج من المكاتب. فإذا كان أعضاء الفريق من أماكنَ مختلفةٍ فإنّ إقامة اجتماعه في إحدى الوجهات الجميلة يمكن أنّ يُعدّ نوعاً من المكافأة.
· التّرقية والتشجيع: بيّن كيف أنّ أعضاء الفريق عادةً ما ينتهون من مهامّهم وهم على أُهبة الاستعداد لخوضِ تحدٍّ جديدٍ، وتحمّلِ مسؤوليات جديدةٍ مما يجعلهم يكبرون في نظر مؤسساتهم، ويعزّزن من مكانتهم في سوق العمل.
· الاحتفال: بما أنّ فِرَق العمل الناجحة غالباً ما تحقّق هدفاً وحيداً قلّ أن يتكرّر فمن المناسب أن تكافئ تلك المساهمة الفريدة بحدثٍ اجتماعيّ، وصورةٍ جماعيةٍ، وبمناسبة لسرد القصص عن عمل الفريق، وتسجيل المنجزات والدروس المستفادة. فعندما يحقّق الفريق هدفه يشعر بشيءٍ من النشاط والخفة عند وصوله إلى النهاية، فيكون الاحتفال حينئذٍ فرصةً للتعبير عن المشاعر وللتأمّل وللاعتراف بفضلهم ولبثّ تلك الرّوح المعنوية في باقي أنحاء المؤسسة. ►
المصدر: كتاب كيف تشكّل فريق عمل؟/5 مفاتيح لأداءٍ عالٍ
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق