• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

حقائق عن القلق

د. صلاح صالح الراشد

حقائق عن القلق

 

◄إحدى أشهر المستشفيات العالمية (Mayo Clinic) تقول إنّ نصف الأسرِّة في المستشفيات يشغلها أناس مصابون بمشكلات عصبية، وسبب تدهورهم الفيزيائي مشاعر قاتلة: كبت، خوف، يأس.

في كتابه (كيف تتعايش مع التوتر العصبي؟) يقول د. آرثر شنايدر: "نحن نعرف – من خلال تجاربنا اليومية – أنّ الإغماء والاحمرار وخفقان القلب السريع والغثيان هي نتيجة لاضطراب العواطف. أما الجديد اليوم فهو أنّ الضغوط العاطفية المزمنة ممكن أن تؤدي إلى أمراض طويلة الأمد". ثمّ ذكر بالتفصيل والأدلة هذه الأمراض التي يسببها التوتر العصبي أو القلق، وهي: النوبات القلبية، وأمراض البشرة، والقرحة، والربو، والصداع، وألم نصف الرأس خاصة، وضغط الدم، والنقص في مادة الأنسولين، وبالتالي مرض السكري، والتهاب المفاصل، وآلام الظهر، وآلام أسفل الظهر، وصعوبة وعدم انتظام التنفس، وفقدان الشهية، ووجع الحلق، والدورار، والعجز والبرود الجنسي، وأمراض القلب، وآلام الصدر، والحكاك المتواصل.. إلخ.

في كتابه القيم "دع القلق وابدأ الحياة" يقول ديل كارنيغي: "يستطيع القلق أن يجعل أكثر الناس صحة، مريضاً". ذكر في كتابه كذلك أنّ عدد ضحايا الحرب العالمية الثانية كان ثلث مليون نسمة، بينما بلغ عدد ضحايا الأمراض النفسية في الفترة ذاتها مليوني نسمة، مليون منها سببها القلق والتوتر الشديد.

كما يتسبب القلق في أمراض نفسية لا تحصى كالانهيار العصبي، والخوف، والكآبة، والحزن، والتشاؤم، وفقدان الثقة بالنفس، والانعزال، واليأس.. إلخ، ويتسبب القلق في أمراض اجتماعية وسياسية عديدة تحول دون الإنتاجية والتآلف والتآخي، والاستقرار، واتخاذ القرارات الصائبة، ويتسبب في المشكلات الأسرية.. إلخ.

وقد قسم د. ماهر محمود أعراض القلق إلى نوعين: أعراض عضوية (Physical Syndrome)، وأعراض انفعالية (Emotional Syndrome)، الأعراض العضوية مثل: خفقان القلب، واضطرابات المعدة، وبرودة الأطراف، وجفاف الحلق والفم، واضطرابات التنفس، وفقدان الشهية، وغزارة العرق، واضطراب البصر والرؤية، وتساقط الشعر، والتبول اللاإرادي وغيره، وقد ذكر السرطان!

أما الأعراض الانفعالية فهي كعدم القدرة على التركيز والانتباه، واضطرابات النوم، والأرق، والنوم المتقطع، والتوهم بالمرض، والتفكير في الموت، وتوقع الشر، والتشاؤم، والانشغال بالمستقبل والخوف منه وغير ذلك، وقد يصاب المرء بجزء من هذه الأعراض أو كلّها.

إنّ القلق أخطر الأمراض الفتاكة، أخطر من الكوليرا، أخطر من السرطان، أخطر من الإيدز، الغريب أننا نعالج كثيراً من الأمراض الجسدية والتي ربما هي أقل خطورة من حيث العدد بينما اهتمامنا بعلاج القلق يكاد يكون مفقوداً. كثير من مرضانا تُحل مشاكلهم بمجرد الحديث إليهم، فعادة ما يكون سببها القلق. ذكرت إحدى أعداد مجلة "ريدرز دايجست" القديمة أنّ: "كثيرين هم الذين يتمارضون ويستدعون الطبيب، في الوقت الذي هم بحاجة إلى مستمع لائق". لا أود أن أتهم العاملين على إدارة مستشفياتنا أو كليات الطب، لكنني أحياناً أشعر بالقلق عندما أدخل مستشفياتنا، وأزداد قلقاً عندما لا يجد الطبيب وقتاً لشرح مشكلة المريض أو مرضه، وكأنّ الطبيب لا يعلم بعد عقد من الدراسة والخبرة أنّ الجانب النفسي نصف العلاج.

الذي يجب معرفته عن القلق هو أنّه يحيط بنا من كلّ جانب. أي شيء يستدعي التعديل أو التكييف أو التغيير فهو وسيلة إلى القلق، لا تحتاج أن تكون في بيئة خطرة حتى تقلق، بل إنّ توافه الأمور تكون أحياناً سبباً للقلق والتوتر الشديد. القلق مسألة فكرية بحتة. هناك أناس قلقون وهم في بيئة محاطة بالسعادة. هناك أناس سعيدون وهم في ظروف الحرب أو السجن أو غير ذلك. عندما تغمض عينيك وتطفئ الأضواء فإنّ العالم يصبح كلّه مظلماً بالنسبة لك. ما يحدث في خارجك لا يعني شيئاً بالنسبة لك. إنّ ما سأعرضه عليك هو كيف تستطيع أن تكون سعيداً رغم الظروف المحاطة بك.

 

ملاحظات هامّة:

1-  هناك أناس فقط يقرأون ولا يُنفِّذون فهم لا يستفيدون. وهناك أناس يقرأون ويُطبقون لفترة بسيطة فهؤلاء يستفيدون قليلاً، لكن الذين هم حقاً يستفيدون هم الذين يطبقون ويستمرون وبعزيمة قوية: كن منهم.

2-  حتى تعني أنك جدياً في التخلص من القلق اضرب على الكتاب أو على طاولة قريبة منك وقرِّر أنك بدأت التنفيذ!

3-  لا تيأس! استمر. إذا كنت مُبَرمَجاً على القلق، الآن تبرمج على السعادة والراحة النفسيّة.►

 

المصدر: كتاب كن مُطمئناً: تغلب على القلق

ارسال التعليق

Top